( ولو ) ( أحس ) الإمام ( في الركوع ) الذي تدرك به الركعة ( أو التشهد الأخير بداخل ) محل الصلاة ليأتم به ( لم يكره انتظاره ) ( في الأظهر ) من أقوال أربعة ملفقة من طرق ثمانية ; لعذره بإدراكه الركعة أو الجماعة ( إن لم يبالغ فيه ) أي التطويل ، وإلا بأن كان لو وزع على جميع أفعال الصلاة لظهر له أثر محسوس في كل على انفراده كره لو لحق آخر ، وكان انتظاره وحده لا يؤدي إلى المبالغة ولكن يؤدي إليها مع ضميمته إلى الأول كان مكروها بلا شك قاله الإمام ( ولم يفرق ) بضم الراء ( بين الداخلين ) بانتظار بعضهم لنحو دين أو صداقة أو ملازمة دون بعض ، بل يسوي بينهم في الانتظار لله تعالى ، فإن ميز بينهم ولو لنحو شرف أو علم أو قرابة أو انتظرهم لا لله تعالى بل للتودد إليهم كان مكروها ، وإن ذهب الفوراني إلى حرمته عند قصد التودد ، وقول الكفاية : إن قصد بانتظاره غير وجه الله تعالى بأن كان يميز في انتظاره بين داخل وداخل لم يصح قولا واحدا مردود كما قاله ابن العماد بأنه سبق قلم من لم يستحب إلى لم يصح بدليل حكايته بعد ذلك في البطلان قولين ، وخرج بقوله بداخل [ ص: 148 ] من أحس به قبل شروعه في الدخول فلا ينتظره لعدم ثبوت حق له إلى الآن .
وبه يندفع ما استشكل به بأن العلة إن كانت التطويل انتقض بخارج قريب مع صغر المسجد وداخل بعيد مع سعته ، وخرج بقولنا الإمام المنفرد إذا أحس بداخل يريد الاقتداء به ، فقيل إنه ينتظره ولو مع نحو تطويل طويل لفقد من يتضرر به .
ويؤخذ منه أن إمام الراضين بشروطهم المتقدمة كذلك وهو ظاهر ، لكن مقتضى كلام المصنف عدم الانتظار مطلقا كما قاله الإسنوي ، وإن قال في الكفاية إنه لم يقف فيه على نقل صريح لا سيما إن رجع الضمير في أحس للمصلي لا للإمام ( قلت : المذهب استحباب انتظاره ) بالشروط المذكورة وهو القول الثاني ( والله أعلم ) لخبر أبي داود { أنه صلى الله عليه وسلم كان ينتظر ما دام يسمع وقع نعل } ولأنه إعانة على خير من إدراك الركعة أو الجماعة ، وشمل ذلك ما إذا كانت صلاة المأموم غير مغنية عن القضاء وهو كذلك فيما يظهر .
نعم لو كان الداخل يعتاد البطء وتأخير الإحرام للركوع سن عدمه زجرا له ، أو خشي فوت الوقت بانتظاره حرم في الجمعة ، وفي غيرها حيث امتنع المد بأن شرع [ ص: 149 ] فيها ولم يبق من وقتها ما يسع جميعها ، أو كان ممن لا يرى إدراك الركعة بالركوع أو الجماعة بالتشهد كره كالانتظار في غيرهما ; لأن مصلحة الانتظار للمقتدي ولا مصلحة له هنا كما لو أدركه في الركوع الثاني من صلاة الخسوف ( ولا ينتظر في غيرهما ) أي الركوع والتشهد الأخير من قيام أو غيره فيكره إذ لا فائدة له ، وقد يسن الانتظار كما في الموافق المتخلف بإتمام الفاتحة في السجدة الأخيرة ; لفوات ركعته بقيامه منها قبل ركوعه كما سيأتي ، وما بحثه الزركشي من استحباب انتظار بطيء القراءة أو النهضة محل نظر .
والأوجه أنه إن ترتب على انتظارهما إدراك سن بشرطه ، وإلا فلا ، وما تقرر من كراهة الانتظار عن فقد شرط من الشروط المذكورة ولو على تصحيح المصنف الندب هنا هو ما في التحقيق والمجموع ، وجرى عليه الشيخ في شرح منهجه تبعا لصاحب الروض وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، وهو المعتمد خلافا لما فهمه الشارح من الكراهة على الطريق الأول ، ومن عدم استحبابه : أي إباحته على الثاني .


