( ويكره ) للنهي عنه ، ودليل عدم البطلان ترك أمره عليه الصلاة والسلام لفاعله بالإعادة ، وما ورد في رواية أخرى من الأمر بها محمول على الاستحباب ، لا سيما وقد اعترض تحسين ( وقوف المأموم فردا ) عن صف من جنسه الترمذي وتصحيح لها بقول ابن حبان إنه مضطرب ، ابن عبد البر إنه ضعيف ، ولهذا قال والبيهقي : لو ثبت قلت به . ويؤخذ كما قال الشافعي الشارح من الكراهة فوات فضيلة الجماعة على قياس ما سيأتي في المقارنة ، ويؤخذ من قولهم هنا أيضا أن الأمر بالإعادة للاستحباب أن ، وخرج بالجنس غيره كامرأة ولا نساء أو خنثى ولا خناثى فلا كراهة بل يندب كما علم مما مر ( بل يدخل الصف إن وجد سعة ) بفتح السين فيه بأن كان لو دخل فيه وسعه وإن عدمت فرجة ولو وجدها وبينه وبينها صفوف كثيرة خرق جميعها ليدخل تلك الفرجة لأنهم مقصرون بتركها ، ولا يتقيد ذلك بصف أو صفين كما وقع كل صلاة وقع خلاف أي ليس بشاذ في صحتها تستحب إعادتها ولو منفردا للإسنوي ، ونقله في المهمات عن جمع كثير وعن نصه في الأم فإنه التبس عليه مسألة أخرى ، فإن فرض المسألة التي نقل عنهم فيها في التخطي يوم الجمعة ، والتخطي هو المشي بين القاعدين ، وكلامنا هنا في شق الصفوف وهم قائمون ، وقد صرح المتولي بأنهما مسألتان ، والفرق بينهما أن سد الفرجة التي في الصفوف مصلحة عامة له وللقوم بإتمام صلاته وصلاتهم .
فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة كما ورد في الحديث ، بخلاف ترك التخطي فإن الإمام يسن له عدم إحرامه حتى يسوي بين صفوفهم . [ ص: 197 ] نعم إن كان تأخرهم عن سد الفرجة لعذر كوقت الحر بالمسجد الحرام لم يكره لعدم التقصير ، ولو كان عن يمين الإمام محل يسعه وقف فيه ولم يخترق ، ولو عرضت فرجة بعد كمال الصف في أثناء الصلاة فمقتضى تعليلهم بالتقصير عدم الخرق إليها ، ويحتمل غيره ( وإلا ) أي وإن لم يجد سعة ( فليجر ) ندبا في القيام ( شخصا ) من الصف إليه ( بعد الإحرام ) ليصطف معه خروجا من الخلاف ، ومحل ذلك إذا جوز موافقته له وإلا فلا جر بل يمتنع لخوف الفتنة ، وأن يكون حرا لئلا يدخل غيره في ضمانه ، حتى لو جره ظانا حريته فتبين كونه رقيقا دخل في ضمانه كما مرت الإشارة إليه عن إفتاء الوالد رحمه الله تعالى ، وأن يكون الصف أكثر من اثنين لئلا يصير الآخر منفردا ، فإن أمكنه الخرق ليصطف مع الإمام أو كان مكانه يسع أكثر من اثنين فينبغي أن يخرق في الأولى ويجرهما معا في الثانية ، والخرق في الأولى أفضل من الجر ( وليساعده المجرور ) ندبا لينال فضل المعاونة على البر والتقوى ، وذلك يعادل ما فات عليه من الصف .
أما الجر قبل الإحرام فمكروه لا حرام كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، فقد [ ص: 198 ] قال فيما لو القاضي أبو الطيب : يكره للثاني أن يجذب الذي عن يمين الإمام قبل إحرامه . قال وقف مأموم عن يمين إمامه فجاء آخر فأحرم عن يساره الروياني : وكلام الأصحاب يدل على أن المأموم يتأخر إلى الثاني قبل الشروع في الصلاة ، والصحيح ما قاله ا هـ . بل أنكر القاضي أبو الطيب ابن الأستاذ كون الجذب بعد التحرم وقال : وافق الرافعي على نقله في فوائده ، ولم أره في شيء من الكتب المشهورة بعد الكشف إلا في الحلية الفارقي للروياني ، وظاهر كلام الأصحاب وإطلاقهم أن الجذب يكون قبل التحرم ، فإن القصد الخروج من الخلاف كما مر ، ومتى أحرم منفردا لم تنعقد صلاته عند المخالفين ، فلا فائدة في الجذب حينئذ ا هـ .
وقد أنكره ابن أبي الدم أيضا ، فقول الكفاية لا يجوز جذبه قبل أن يحرم محمول على الجواز المستوي الطرفين فلا يخالف ما قررناه .