( فإن ) ( كصحن وصفة أو ) صحن أو صفة ( وبيت ) من مكان واحد كمدرسة مشتملة على ذلك أو مكانين وقد حاذى الأسفل الأعلى إن كانا على ما يأتي عن ( كانا ) أي الإمام والمأموم ( في بناءين ) الرافعي ( فطريقان أصحهما إن كان بناء المأموم ) أي موقفه ( يمينا ) للإمام ( أو شمالا ) له ( وجب اتصال صف من أحد البناءين بالآخر ) إذ اختلاف الأبنية يوجب التفريق ، فاشترط الاتصال ليحصل الربط بالاجتماع ، وما سوى هذين من أهل البناءين لا يضر بعدهم عنهما بثلاثمائة ذراع فما دونها ، ولا يكتفى عن ذلك بوقوف واحد طرفه بهذا البناء وطرفه بهذا البناء لكونه لا يسمى صفا فينبغي الاتصال ( ولا تضر فرجة ) بين المتصلين المذكورين ( لا تسع واقفا ) أو تسعه من غير إمكان الوقوف فيها كعتبة ( في الأصح ) لاتحاد الصف معها عرفا .
والثاني تضر نظرا للحقيقة ، فإن وسعت واقفا فأكثر ولم يتعذر الوقوف عليها ضر ( فالصحيح صحة القدوة بشرط أن لا يكون بين الصفين ) أو الشخصين الواقفين بطرفي البناءين ( أكثر من ثلاثة [ ص: 202 ] أذرع ) تقريبا لأن هذا المقدار غير مخل بالاتصال العرفي بخلاف ما زاد عليها ( والطريق الثاني لا يشترط إلا القرب ) في جميع الأحوال المتقدمة بأن لا يزيد ما بينهما على ثلثمائة ذراع ( كالفضاء ) أي بالقياس عليه ، إذ المعول عليه العرف وهو غير مختلف ، فمنشأ الخلاف العرف كما هو ظاهر ومحل الاكتفاء بالقرب على هذا ( إن لم يكن حائل ) يمنع الاستطراق بأن كان يرى إمامه أو بعض من اقتدى به مع تمكنه من ذهابه إليه لو قصده من غير إخلال بالاستقبال وغير انعطاف وازورار ، بالقيد الآتي في ( وإن كان ) الواقف ( خلف بناء الإمام ) أبي قبيس ( أو حال ) بينهما حائل فيه ( باب نافذ ) كما قاله الشارح ردا لمن اعترض على المصنف بأن النافد ليس بحائل وأن صوابه كما في المحرر ، فإن لم يكن بين البناءين حائل أو كان بينهما باب نافذ ولا بد من أن يقف بحذائه صف أو رجل كما في الروضة وأصلها ، وهذا الواقف بإزاء المنفذ كالإمام بالنسبة لمن خلفه لا يحرمون قبله ولا يركعون قبل ركوعه ولا يسلمون قبل سلامه ولا يتقدم المقتدي عليه وإن كان متأخرا عن الإمام ويؤخذ من جعله كالإمام أنه يشترط أن يكون ممن يصح اقتداؤه به ، وهو كذلك [ ص: 203 ] فيما يظهر ولم أر فيه شيئا ، ولا يضر زوال هذا الرابطة في أثناء الصلاة فيتمونها خلف الإمام حيث علموا بانتقالاته لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء .
قال البغوي في فتاويه : ولو رد الريح الباب في أثناء الصلاة فإن تمكن من فتحه فعل ذلك حالا ودام على متابعته وإلا فارقه ، ويجوز أن يقال : انقطعت القدوة كما لو أحدث إمامه فإن تابعه بطلت صلاته ، كذا نقل الأذرعي عنها ذلك ، ونقل الإسنوي عن فتاوى البغوي أنه لم يضر انتهى . لو كان الباب مفتوحا وقت الإحرام فرده الريح في أثناء الصلاة
ولعل إفتاء البغوي تعدد والثاني أوجه كنظائره ، ولما كان الأول مشكلا قال الشيخ : إن صورته إذا لم يعلم هو وحده انتقالات الإمام بعد رد الباب وبأنه مقصر بعدم إحكامه فتحه بخلاف البقية ، وبأن الحائل أشد من البعد بدليل أن الحائل في المسجد يضر بخلاف البعد ، ولو لم يضر كما رجحه بني بين الإمام والمأموم حائل ابن العماد والأذرعي آخذا بعموم القاعدة السابقة ، وظاهر [ ص: 204 ] مما مر أن محله ما لم يكن البناء بأمره ( فإن حال ما ) أي بناء ( يمنع المرور لا الرؤية ) كشباك وباب مردود وكصفة شرقية أو غربية من مدرسة بحيث لا يرى الواقف من أحدهما الإمام ولا أحدا ممن خلفه ( فوجهان ) أصحهما كما في الروضة عدم صحة القدوة أخذا من تصحيحه في المسجد الآتي مع الموات ، ولهذا ترك التصحيح هنا ولم يقع في هذا المتن ذكر خلاف من غير ترجيح سوى هذا ، وفي النفقات : ولا ثالث لهما إلا ما كان مفرعا على مرجوح ، كالأقوال المفرعة على البينتين المتعارضتين هل يقرع أم يوقف أم يقسم ( أو ) حال ( جدار ) أو باب مغلق ابتداء ( بطلت ) أي لم تنعقد القدوة ( باتفاق الطريقين ) لأن الجدار معد للفصل بين الأماكن فإذا طرأ ذلك في أثنائها وعلم بانتقالات إمامه ولم يكن بفعله لم يضر فيما يظهر أخذا مما مر ( قلت : الطريق الثاني أصح ، والله أعلم ) إذ المشاهدة تقضي بموافقة العرف لها ، ودعوى أهل الأول موافقة العرف قولهم لعله باعتبار عرفهم الخاص ، ولا أثر له إذا عارضه العرف العام ( وإذا صح اقتداؤه في بناء آخر ) غير بناء الإمام بشرط الاتصال على الطريق الأول أو الثاني بدونه ( صح اقتداء من خلفه ) أو بجنبه ( وإن حال جدار ) أو جدر بينه وبين الإمام اكتفاء بهذا الرابط ، وتقدم الكلام على ما يتعلق به .