[ ص: 220 ] فصل في بعض شروط القدوة أيضا . ( تجب ) لخبر { ( متابعة الإمام في أفعال الصلاة ) دون أقوالها } ويؤخذ من قوله في أفعال الصلاة عدم متابعته في ترك فرض من فروضها لأنه إن تعمد تركه بطلت صلاته وإلا لم يعتد بفعله ( بأن يتأخر ابتداء فعله ) أي المأموم ( عن ابتدائه ) أي فعل الإمام ( ويتقدم ) انتهاء فعل الإمام ( على فراغه ) أي المأموم ( منه ) أي من فعله ، وأكمل من ذلك أن يتأخر ابتداء فعل المأموم عن جميع حركة الإمام فلا يشرع حتى يصل الإمام لحقيقة المنتقل إليه . إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ، فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا
والمتابعة قسمان : متابعة على وجه الأكملية ، وأخرى على وجه الوجوب ، فالأولى هي التي ذكرها بقوله تجب متابعة الإمام إلخ ، ويدل على ذلك قوله فإن قارنه لم يضر .
والثانية فصلها بعد ذلك ، وقد أشار لما قرره الشارح بقوله فلا يجوز التقدم عليه ولا [ ص: 221 ] التخلف عنه على ما سيأتي بيانه ، ويمكن أن يقال أيضا : قوله بأن يتأخر إلخ : أي هذا هو المطلوب منه ، ومعلوم أن المكروه ليس مأمورا به ، فإن قارن المأموم إمامه كان مرتكبا للمكروه ويكون متابعا ، كما ، فإذا أوقعها في الدار المغصوبة فقد أتى بالصلاة لا على الوجه المأمور به وهي صحيحة فتكون مسألتنا كذلك : أي فيكون متابعا وإن ارتكب المكروه ، أو يقال ما ذكره من وجوبها باعتبار الجملة وهو الحكم على المجموع من أحوال المتابعة لا حكم على كل فرد فرد ، ولا شك أن المتابعة في كلها واجبة ، والتقدم بجميعها يبطل بلا خلاف ، والحكم ثانيا بأنه لا يضر إنما ذكره للحكم من حيث الأفراد ، والحكم على الكل غير الحكم على الأفراد ، وهذا كقول الشيخ في التنبيه من السنن الطهارة ثلاثا ثلاثا ، مع أن الأولى واجبة ، وإنما أراد الحكم على الجملة من حيث هي أو يكون مراده بكونها واجبة : أي لتحصيل السنة ، وحيث أمكن الجمع ولو بوجه بعيد فهو أولى من التناقض ، واحترز بالأفعال عن الأقوال كالقراءة والتشهد فيجوز تقدمها وتأخره بها إلا تكبيرة الإحرام كما يعلم مما يأتي وإلا في السلام فيبطل تقدمه إلا أن ينوي المفارقة . أن المصلي مأمور بالصلاة لا في أرض مغصوبة
( فإن قارنه ) في الأفعال بدليل قرينة السياق ويكون الاستثناء منقطعا وعدم المحذور في المقارنة في الأقوال يعلم حينئذ بالأولى ، ويجوز شمول كلامه أيضا للأقوال بدليل حذف المعمول المؤذن بالعموم ، والاستثناء الآتي متصل لأن الأصل فيه الاتصال ( لم يضر ) [ ص: 222 ] لكون القدوة منتظمة مع ذلك لكنها مكروهة مفوتة فضيلة الجماعة فيما قارن فيه فقط كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وقال : إنه الأقرب وقولهم المكروه لا ثواب فيه هل مرادهم به ثواب الجماعة إذا كانت الكراهة للذات كما دل عليه أمثلتهم حتى لا يسقط ثواب الصلاة بفعلها في الحمام ونحوه من أماكن النهي أم لا ؟ الأوجه أن المراد الكراهة للذات حتى يثاب على الصلاة في الأماكن المكروهة لرجوعها إلى أمر خارج عنها ، بل قالوا : إن التحقيق أنه يثاب عليها في المغصوب من جهتها ، وإن عوقب من جهة الغصب فقد يعاقب بغير حرمان الثواب أو بحرمان بعضه ، وأن القول بأنه لا يثاب عليها عقوبة له تقريب رادع عن إيقاع الصلاة في المغصوب فلا خلاف في المعنى وعلم مما قررناه أن الكراهة إذا كانت لأمر خارج لا تمنع حصول الثواب كالزيادة في تطهير أعضاء الوضوء على الثلاث ( إلا ) في ( تكبيرة الإحرام ) فتضر المقارنة فيها أو في بعضها ، حتى إنه لو شك في ذلك في أثنائها أو بعدها ولم يتذكر عن قرب أو ظن التأخر فبان خلافه لم تنعقد صلاته .
ومحل ذلك إذا نوى الاقتداء مع التكبير كما دلت عليه الأخبار لأنه نوى الاقتداء بغير مصل فيشترط تأخر جميع تكبيرته عن جميع تكبيرة الإمام ، ويفارق ذلك بقية الأركان حيث لم تضر المقارنة فيها لبقاء نظم القدوة فيها لكون الإمام في الصلاة .