nindex.php?page=treesubj&link=958 ( و ) الخامس من الشروط ( إسماع أربعين كاملين ) بأن يرفع الخطيب صوته بأركانهما حتى يسمعها تسعة وثلاثين سواه ولأن مقصودها وعظهم وهو لا يحصل إلا بذلك ، فعلم أنه يشترط الإسماع والسماع بالقوة
[ ص: 319 ] لا بالفعل ، إذ لو كان سماعهم بالفعل واجبا لكان الإنصات متحتما ، فلا يكفي الإسرار كالأذان ولا إسماع دون أربعين ولا من لا تنعقد به ، وقضية كلامهم أنه يشترط في الخطيب إذا كان من الأربعين أن يسمع نفسه حتى لو كان أصم لم يكف وهو كما قال
الإسنوي بعيد ، بل لا معنى له فإنه يعلم ما يقوله وإن لم يسمعه ، ولا معنى لأمره بالإنصات لنفسه ، وما بحثه
الزركشي من اشتراط معرفة الخطيب أركان الخطبة رد بأن الوجه خلافه كمن يؤم بالقوم ولا يعرف معنى الفاتحة ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=28165شك الخطيب بعد الفراغ من خطبته في ترك شيء من فرائضها لم يؤثر كالشك في ترك ركن بعد فراغه من الصلاة خلافا
للروياني .
( والجديد أنه لا يحرم عليهم ) يعني الحاضرين سمعوا أو لا ، ويصح أن يرجع الضمير للأربعين الكاملين ، ويستفاد عدم الحرمة على مثلهم وغيره بالمساواة أو الأولى ، ولا يرد عليه تفصيل القديم فيهم لأنه مفهوم ( الكلام ) لما صح {
nindex.php?page=hadith&LINKID=86427أن أعرابيا قال للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب : يا رسول الله هلك المال وجاع العيال فادع الله لنا ، فرفع يديه ودعا ; وأن رجلا آخر قال : متى الساعة ؟ فأومأ الناس إليه بالسكوت فلم يقبل وأعاد الكلام ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما أعددت لها ؟ قال : حب الله ورسوله ، قال : إنك مع من أحببت } فلم ينكر عليه الكلام ، ولم يبين له وجوب السكوت ، والأمر في الآية للندب ، وما اعترض به الاستدلال بذلك من احتمال أن المتكلم تكلم قبل أن يستقر في موضع ولا حرمة حينئذ قطعا ، أو قبل الخطبة ، أو أنه معذور لجهله يرد بأنها واقعة قولية والاحتمال يعمها ، وإنما الذي يسقط باحتمال الواقعة الفعلية كما هو مقرر في محله . لا يقال بل هي فعلية لأنه إنما أقره بعدم إنكاره عليه لأنا نمنع ذلك ، بل جوابه له قول متضمن لجواز سؤاله على
[ ص: 320 ] أي حالة كانت فهي قولية بهذا الاعتبار . نعم يكره الكلام لخبر
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10416إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت } ومعناه : تركت الأدب جمعا بين الأدلة ، ولا يختص ذلك بالأربعين بل سائر الحاضرين فيه سواء .
نعم الأولى لغير السامع أن يشتغل بالتلاوة والذكر ، ولا يكره الكلام قبل الخطبة ولو بعد الجلوس على المنبر ولا بعدها ولا بين الخطبتين ، ولا كلام الداخل إلا إذا اتخذ له مكانا واستقر فيه ، لأنه قبل ذلك يحتاج إلى الكلام غالبا ، ومقتضى كلام الروضة أنه يباح من غير كراهة لمستمع الخطيب أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويرفع بها صوته إذا سمع ذكره صلى الله عليه وسلم ، لكن صرح
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب بكراهته لأنه يقطع الاستماع ، ولعل مراده بها خلاف الأولى . قال
الأذرعي : والرفع البليغ كما يفعله بعض العوام بدعة منكرة ، والقديم يحرم الكلام ، ويجب الإنصات ، ولا يحرم الكلام على الخطيب قطعا . ومحل الخلاف في كلام لا يتعلق به غرض مهم ناجز ، فإن تعلق به ذلك كما لو
nindex.php?page=treesubj&link=950رأى أعمى يقع في بئر أو عقربا تدب على إنسان فأنذره ، أو علم إنسانا شيئا من الخير ، أو نهاه عن منكر لم يكن حراما قطعا بل قد يجب عليه ، لكن يستحب أن يقتصر على الإشارة إن أغنت
nindex.php?page=treesubj&link=957_948 ( ويسن ) إقبالهم عليه بوجوههم عملا بالأدب ولما فيه من توجيههم القبلة و ( الإنصات ) له لما مر {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=204وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } ورد في الخطبة كما ذكره كثير من المفسرين بل أكثرهم وسميت قرآنا لاشتمالها عليه ، ولم يذكر الاستماع مع الإنصات كغيره على وزان الآية لأنه قد يستلزم وإن كان بينهما
[ ص: 321 ] عموم وخصوص من وجه ، إذ الإنصات السكوت ، والاستماع شغل السمع بالسماع .
nindex.php?page=treesubj&link=958 ( وَ ) الْخَامِسُ مِنْ الشُّرُوطِ ( إسْمَاعُ أَرْبَعِينَ كَامِلِينَ ) بِأَنْ يَرْفَعَ الْخَطِيبُ صَوْتَهُ بِأَرْكَانِهِمَا حَتَّى يُسْمِعَهَا تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ سِوَاهُ وَلِأَنَّ مَقْصُودَهَا وَعْظُهُمْ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ
[ ص: 319 ] لَا بِالْفِعْلِ ، إذْ لَوْ كَانَ سَمَاعُهُمْ بِالْفِعْلِ وَاجِبًا لَكَانَ الْإِنْصَاتُ مُتَحَتِّمًا ، فَلَا يَكْفِي الْإِسْرَارُ كَالْأَذَانِ وَلَا إسْمَاعُ دُونَ أَرْبَعِينَ وَلَا مَنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْخَطِيبِ إذَا كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ أَصَمَّ لَمْ يَكْفِ وَهُوَ كَمَا قَالَ
الْإِسْنَوِيُّ بَعِيدٌ ، بَلْ لَا مَعْنًى لَهُ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ مَا يَقُولُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ ، وَلَا مَعْنًى لِأَمْرِهِ بِالْإِنْصَاتِ لِنَفْسِهِ ، وَمَا بَحَثَهُ
الزَّرْكَشِيُّ مِنْ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْخَطِيبِ أَرْكَانَ الْخُطْبَةِ رُدَّ بِأَنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ كَمَنْ يَؤُمُّ بِالْقَوْمِ وَلَا يَعْرِفُ مَعْنَى الْفَاتِحَةِ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=28165شَكَّ الْخَطِيبُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ خُطْبَتِهِ فِي تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ فَرَائِضِهَا لَمْ يُؤْثِرْ كَالشَّكِّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ خِلَافًا
لِلرُّويَانِيِّ .
( وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمْ عَلَيْهِمْ ) يَعْنِي الْحَاضِرِينَ سَمِعُوا أَوْ لَا ، وَيَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ لِلْأَرْبَعَيْنِ الْكَامِلِينَ ، وَيُسْتَفَادُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ عَلَى مِثْلِهِمْ وَغَيْرِهِ بِالْمُسَاوَاةِ أَوْ الْأُولَى ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ تَفْصِيلُ الْقَدِيمِ فِيهِمْ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ ( الْكَلَامُ ) لِمَا صَحَّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=86427أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا ; وَأَنَّ رَجُلًا آخَرَ قَالَ : مَتَى السَّاعَةُ ؟ فَأَوْمَأَ النَّاسُ إلَيْهِ بِالسُّكُوتِ فَلَمْ يَقْبَلْ وَأَعَادَ الْكَلَامَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَعْدَدْت لَهَا ؟ قَالَ : حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، قَالَ : إنَّك مَعَ مَنْ أَحْبَبْت } فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ الْكَلَامَ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ وُجُوبُ السُّكُوتِ ، وَالْأَمْرُ فِي الْآيَةِ لِلنَّدَبِ ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ الِاسْتِدْلَال بِذَلِكَ مِنْ احْتِمَالِ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ تَكَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِرَّ فِي مَوْضِعٍ وَلَا حُرْمَةَ حِينَئِذٍ قَطْعًا ، أَوْ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ، أَوْ أَنَّهُ مَعْذُورٌ لِجَهْلِهِ يُرَدُّ بِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ قَوْلِيَّةٌ وَالِاحْتِمَالُ يَعُمُّهَا ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَسْقُطُ بِاحْتِمَالِ الْوَاقِعَةِ الْفِعْلِيَّةِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ . لَا يُقَالُ بَلْ هِيَ فِعْلِيَّةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّهُ بِعَدَمِ إنْكَارِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ ، بَلْ جَوَابُهُ لَهُ قَوْلٌ مُتَضَمِّنٌ لِجَوَازٍ سُؤَالِهِ عَلَى
[ ص: 320 ] أَيِّ حَالَةٍ كَانَتْ فَهِيَ قَوْلِيَّةٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ . نَعَمْ يُكْرَهُ الْكَلَامُ لِخَبَرِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10416إذَا قُلْت لِصَاحِبِك أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْت } وَمَعْنَاهُ : تَرَكْت الْأَدَبَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ ، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْأَرْبَعِينَ بَلْ سَائِرُ الْحَاضِرِينَ فِيهِ سَوَاءٌ .
نَعَمْ الْأَوْلَى لِغَيْرِ السَّامِعِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالتِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ ، وَلَا يُكْرَهُ الْكَلَامُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَلَوْ بَعْدَ الْجُلُوسِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَا بَعْدَهَا وَلَا بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ ، وَلَا كَلَامُ الدَّاخِلِ إلَّا إذَا اتَّخَذَ لَهُ مَكَانًا وَاسْتَقَرَّ فِيهِ ، لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى الْكَلَامِ غَالِبًا ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يُبَاحُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ لِمُسْتَمِعِ الْخَطِيبِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَرْفَعَ بِهَا صَوْتَهُ إذَا سَمِعَ ذِكْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَكِنْ صَرَّحَ
nindex.php?page=showalam&ids=11872الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِكَرَاهَتِهِ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الِاسْتِمَاعَ ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِهَا خِلَافُ الْأَوْلَى . قَالَ
الْأَذْرَعِيُّ : وَالرَّفْعُ الْبَلِيغُ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْعَوَامّ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ ، وَالْقَدِيمُ يَحْرُمُ الْكَلَامَ ، وَيَجِبُ الْإِنْصَاتُ ، وَلَا يَحْرُمُ الْكَلَامَ عَلَى الْخَطِيبِ قَطْعًا . وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي كَلَامٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ مُهِمٌّ نَاجِزٌ ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=950رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ أَوْ عَقْرَبًا تَدِبُّ عَلَى إنْسَانٍ فَأَنْذَرَهُ ، أَوْ عَلَّمَ إنْسَانًا شَيْئًا مِنْ الْخَيْرِ ، أَوْ نَهَاهُ عَنْ مُنْكَرٍ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا قَطْعًا بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْإِشَارَةِ إنْ أَغْنَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=957_948 ( وَيُسَنُّ ) إقْبَالُهُمْ عَلَيْهِ بِوُجُوهِهِمْ عَمَلًا بِالْأَدَبِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَوْجِيهِهِمْ الْقِبْلَةَ وَ ( الْإِنْصَاتُ ) لَهُ لِمَا مَرَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=204وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا } وَرَدَ فِي الْخُطْبَةِ كَمَا ذَكَرَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ بَلْ أَكْثَرُهُمْ وَسُمِّيَتْ قُرْآنًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ ، وَلَمْ يُذْكَر الِاسْتِمَاعُ مَعَ الْإِنْصَاتِ كَغَيْرِهِ عَلَى وِزَانِ الْآيَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَلْزَمْ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا
[ ص: 321 ] عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ ، إذْ الْإِنْصَاتُ السُّكُوتُ ، وَالِاسْتِمَاعُ شُغْلُ السَّمْعِ بِالسَّمَاعِ .