والنوع الثالث الصلاة بالكيفية المذكورة في قوله ( أو تقف فرقة في وجهه ) أي العدو وتحرس وهو في غير جهة القبلة  ،  أو فيها وثم ساتر ( ويصلي ) الإمام ( بفرقة ركعة ) من الثنائية بعد أن ينحاز بهم إلى مكان لا يبلغهم فيه سهام العدو ( فإذا قام ) الإمام ( للثانية فارقته ) بالنية بعد الانتصاب استحبابا وقبله بعد الرفع من السجود جوازا ( وأتمت ) لنفسها ( وذهبت ) بعد سلامها ( إلى وجهه ) أي العدو . 
ويسن للإمام أن يخفف الأولى لاشتغال قلوبهم بما هم فيه  ،  ولجميعهم تخفيف الثانية التي انفردوا بها لئلا يطول الانتظار . 
ويسن تخفيفهم لو كانوا أربع فرق فيما انفردوا به ( وجاء الواقفون ) للحراسة بعد ذهاب أولئك إلى جهة العدو والإمام قائم في الثانية . 
ويسن إطالة القيام إلى لحوقهم ( فاقتدوا به فصلى ) بهم الركعة ( الثانية  ،  فإذا جلس ) الإمام ( للتشهد قاموا ) فورا ( فأتموا ثانيتهم ) وهو منتظر لهم وهم غير منفردين عنه بل مقتدون به حكما ( ولحقوه وسلم بهم ) لحيازتهم بذلك فضيلة التحلل معه كما حازت الأولى فضيلة التحرم معه ( وهذه )   ( صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي صفة صلاته ( بذات الرقاع    )  وهي مكان من نجد  بأرض غطفان  سمي بها  ،  لأن الصحابة لفوا بأرجلهم الخرق لما تقرحت  ،  وقيل باسم شجرة هناك  ،  وقيل باسم جبل فيه بياض وحمرة يقال له الرقاع  ،  وقيل لترقع صلاتهم فيها ( والأصح أنها ) أي هذه الكيفية ( أفضل من ) صلاة ( بطن نخل    ) خروجا من خلاف اقتداء المفترض بالمتنفل ; ولأنها أخف وأعدل بين الفريقين  ،   [ ص: 363 ] وهي أفضل من صلاة عسفان  أيضا للإجماع على صحتها في الجملة دونهما  ،  وتستحب عنه كثرتنا  ،  فالكثرة شرط لسنها لا لصحتها خلافا لما اقتضاه كلام العراقي  في تحريره  ،  وتفارق صلاة عسفان  بجوازها في الأمن لغير الفرقة الثانية  ،  ولها إن نوت المفارقة بخلاف تلك  ،  والتعليل بالأول غير مناف لما مر قبيل النوع الثالث إذ الكلام هنا في الأفضلية  ،  وثم في الاستحباب ولو لم يتم المقتدون به في الركعة الأولى بل  ،  ذهبوا ووقفوا تجاه العدو سكوتا في الصلاة وجاءت الفرقة الأخرى فصلى بهم ركعة  ،  وحين سلم ذهبوا إلى وجه العدو وجاءت تلك الفرقة إلى مكان صلاتهم وأتموها لأنفسهم وذهبوا إلى العدو وجاءت تلك إلى مكانهم وأتموها جاز . 
وهذه الكيفية رواها  ابن عمر  ،  وجاز ذلك مع كثرة الأفعال بلا ضرورة لصحة الخبر فيه مع عدم المعارض ; لأن إحدى الروايتين كانت في يوم والأخرى في يوم آخر  ،  ودعوى النسخ باطلة لاحتياجه لمعرفة التاريخ وتعذر الجمع  ،  وليس هنا واحد منهما ( ويقرأ الإمام ) ندبا ( في ) قيامه للركعة الثانية الفاتحة وسورة بعدها في زمن  [ ص: 364 ]   ( انتظاره ) للفرقة ( الثانية ) قبل لحوقها له  ،  فإذا لحقته قرأ من السورة قدر فاتحة وسورة قصيرة ويركع بهم  ،  وهذه ركعة ثانية يستحب تطويلها على الأولى ولا يعرف لها في ذلك نظير ( ويتشهد ) ندبا في جلوسه لانتظارها ; لأن السكوت مخالف لهيئة الصلاة  ،  والقيام ليس موضع ذكر ( وفي قول يؤخر ) قراءة الفاتحة والتشهد ( لتلحقه ) فتدركهما معه لأنه قرأ مع الأولى الفاتحة فيؤخرها ليقرأها مع الفرقة الثانية  ،  وعلى هذا يشغل بالذكر  ،  والخلاف كما في المجموع في الاستحباب  ،  وتجوز صلاة الجمعة في الخوف  كصلاة عسفان  وكذات الرقاع  لا كصلاة بطن نخل  ،  لكن يشترط أن يسمعوا خطبته  ،  ولو سمع أربعون فأكثر من كل فرقة كان كافيا  ،  بخلاف ما لو خطب بفرقة وصلى بأخرى  ،  فإن حدث نقص في الأربعين السامعين في الركعة الأولى في الصلاة بطلت  ،  أو في الثانية فلا  ،  وهذا شامل لما إذا حصل النقص حالة تحرم الثانية وهو الأوجه وإن قال الجوهري    : إنه محمول على ما إذا عرض النقص عنها بعد إحرام جميع الأربعين  ،  وإلا لم يبق لاشتراط الخطبة بأربعين من كل فرقة معنى  ،  وقوله في الثانية المراد به ثانية الفرقة الثانية  ،  وهو ظاهر مفهوم مما سبق في أول الجمعة حيث قال : شرطها جماعة لا في الثانية ا هـ  ،  وهل يجب على الإمام انتظار الثانية ; لأن الجمعة واجبة عليهم  ،  وإذا سلم فوت عليهم الواجب . 
قال الزركشي  وابن العماد    : الأقرب نعم ; لأن تفويت الواجب لا يجوز على نفسه فكذا على غيره ا هـ . 
والأقرب عدم الوجوب عليه  [ ص: 365 ] والفرق بين هذا وبين ما قاس عليه واضح  ،  تجهر الطائفة الأولى في الركعة الثانية ; لأنهم منفردون ولا تجهر الثانية في الثانية لأنهم مقتدون  ،  ويأتي ذلك في كل صلاة جهرية  ،  ولو لم تمكنه الجمعة فصلى بهم الظهر ثم أمكنته الجمعة قال الصيدلاني    : لم تجب عليهم لكن تجب على من لم يصل معهم ولو أعاد لم أكرهه ; ويقدم غيره ليخرج من الخلاف  ،  حكاهالعمراني    . 
     	
		
				
						
						
