( الرابع ) من الأنواع الصلاة بالكيفية المذكورة في محل هذا [ ص: 368 ] النوع ، وهو معنى قول الشارح من الأنواع بمحله حيث أتى به جوابا عن اعتراض على المصنف بأن هذه الكيفيات ليست هي الصلاة وإنما تفعل على هذه الكيفيات عند وجود هذه الأشياء ، وقوله بمحله الباء فيه بمعنى مع ، أو بمعنى في وهو ( أن يلتحم القتال ) بين القوم ولم يتمكنوا من تركه ، وهذا كناية عن شدة اختلاطهم بحيث يلتصق لحم بعضهم ببعض ، أو يقارب التصاقه أو عن اختلاط بعضهم ببعض كاشتباك لحمة الثوب بالسدى ( أو يشتد الخوف ) وإن لم يلتحم القتال بأن لم يأمنوا أن يحمل العدو عليهم لو ولوا وانقسموا ( فيصلي ) كل منهم ( كيف أمكن راكبا وماشيا ) لقوله تعالى { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } ولا يجوز لهم ( ويعذر ) كل منهم ( في ترك ) استقبال ( القبلة ) عند العجز عنه بسبب العذر للضرورة ، وقد قال إخراج الصلاة عن وقتها في تفسير الآية : مستقبلي القبلة وغير مستقبليها . قال ابن عمر : لا أراه إلا مرفوعا رواه نافع ، بل قال البخاري : إن الشافعي رواه عن [ ص: 369 ] النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا يجب على الماشي كالراكب الاستقبال حتى في التحرم والركوع والسجود ولا وضع جبهته على الأرض لما في تكليفه ذلك من تعرضه للهلاك ، بخلاف نظيره في الماشي المتنفل في السفر كما مر ، ولو أمكنه الاستقبال بترك القيام لركوبه ركب لأن الاستقبال آكد بدليل النفل لا تركه لجماح دابة طال زمنه ، بخلاف ما قصر زمنه ، وصح اقتداء بعضهم ببعض وإن اختلفت الجهة ، أو تقدموا على الإمام كما صرح به ابن عمر ابن الرفعة وغيره للضرورة ، ومثله ما إذا تخلفوا عنه أكثر من ثلاثمائة ذراع ، والجماعة أفضل من انفرادهم كما في الأمن لعموم الأخبار في فضيلة الجماعة ( وكذا الأعمال الكثيرة ) المتوالية كالضربات والطعنات يعذر فيها ( لحاجة ) إليها ( في الأصح ) ولا تبطل به ، بخلاف ما إذا لم يحتاجوا إليه .
أما القليل أو الكثير غير المتوالي فمحتمل في غير الخوف ففيه أولى ، والثاني لا يعذر ; لأن النص ورد في هذين فيبقى ما عداهما على الأصل ( لا ) في ( صياح ) فلا يعذر بل تبطل به صلاته إذ لا ضرورة إليه بل السكوت أهيب ومثله النطق بلا صياح كما في الأم تصحيحا لصلاته ، وفي معنى إلقائه جعله في قرابه تحت ركابه كما في الروضة وأصلها [ ص: 370 ] ولعلهم اغتفروا له هذا الزمن اليسير وإن لم يغتفروه في نظائره كما لو وقع على ثوب المصلي نجاسة ولم ينحها حالا خشية من ضياعه بالإلقاء ; لأن الخوف مظنة ذلك بخلاف الأمن صرح به الإمام ، ويرد بذلك قول ( ويلقي السلاح إذا دمي ) بما لا يعفى عنه إن استغنى عنه الروياني الظاهر بطلانها به ( فإن عجز ) أي احتاج إلى إمساكه بأن لم يكن له عنه بد ( أمسكه ) للحاجة ( ولا قضاء في الأظهر ) ; لأنه عذر يعم في حق المقاتل فأشبه المستحاضة .
والثاني يجب لندور العذر ، وما رجحه تبع فيه المحرر فإنه قال إنه الأقيس ، وهو ما جزم به في الشرحين والروضة في باب شروط الصلاة ، لكنهما نقلا في الشرح والروضة هنا عن الإمام عن الأصحاب وجوب القضاء ، وفي المجموع أن ظاهر كلام الأصحاب القطع بالوجوب .
قال في المهمات وقد نص عليه في البويطي فتكون الفتوى عليه ا هـ .
وهو المعتمد كما هو المرجح فيما لو صلى في موضع نجس ( وإن عجز عن ركوع ، أو سجود أومأ ) به للضرورة ( والسجود أخفض ) من الركوع وجوبا تمييزا بينهما ، وهذان اللفظان منصوبان بتقدير جعل كما صرح به في المحرر ، أو يكون خبرا بمعنى الأمر : أي يلزمه ذلك .