( و ) يحل للآدمي ( لبس الثوب النجس    ) أي المتنجس بدليل قوله بعد وكذا جلد الميتة في الأصح ; لأن تكليف استدامة طهارة الملبوس مما يشق خصوصا على الفقير وبالليل ; ولأن نجاسته عارض سهلة الإزالة . 
نعم يستثنى من ذلك ما لو كان الوقت صائفا بحيث يعرق فيتنجس بدنه  [ ص: 383 ] ويحتاج إلى غسله للصلاة مع تعذر الماء وقال الأذرعي    : الظاهر حرمة المكث به في المسجد من غير حاجة إليه ; لأنه يجب تنزيه المسجد عن النجاسة ( في غير الصلاة ) المفروضة ( ونحوها ) كطواف مفروض وخطبة جمعة  ،  بخلاف لبسه في ذلك بعد الشروع فيه فيحرم سواء أكان الوقت متسعا أم لا لقطعه الفرض  ،  بخلاف النفل فإنه لا يحرم لجواز قطعه ومعلوم أن لبسه في أثناء طواف مفروض بنية قطعه جائزة وبدونه ممتنع  ،  أما إذا لبسه قبل أن يحرم بنفل أو فرض غير مضيق  ،  أو بعد تحرمه بنفل واستمر فالحرمة على تلبسه بعبادة فاسدة  ،  أو استمراره فيها لا على لبسه فافهم ( لا جلد كلب وخنزير )  ،  أو فرع أحدهما فلا يحل لبسه لأحد  ،  إذ لا يجوز الانتفاع بالخنزير في حياته بحال وكذا بالكلب إلا في أغراض مخصوصة فبعد موتهما أولى ( إلا لضرورة كفجأة قتال ) وخوف على عضو له أو لغيره من نحو حر  ،  أو برد شديد ولم يجد غيره مما يقوم مقامه فإنه يجوز كما يجوز تناول الميتة عند الاضطرار  ،  ويجوز تغشية الكلاب والخنازير بذلك لمساواة ما ذكر لهما في التغليظ  ،  وليس إلباس الكلب الذي لا يقتنى  ،  أو الخنزير جلد مثله مستلزما لاقتنائه  ،  ولو سلم فإثمه على الاقتناء دون الإلباس على أنه قد يجوز اقتناؤه لمضطر احتاج إلى حمل شيء عليه أو ليدفع به عن نفسه نحو سبع  ،  أو يكون ذلك لأهل الذمة  فإنهم يقرون عليها  ،  أو لمضطر تزود به ليأكله كما يتزود بالميتة  ،  فله حينئذ أن يجلله كما هو ظاهر  ،  وبذلك ادفع استشكال الإسعاد والتنظير فيه  ،  ويؤيد ما أشرنا إليه ما في المجموع من التفصيل بين كلب يقتنى وخنزير لا يؤمر بقتله وبين غيرهما  ،  لكن تقييده بالمقتنى وبما لا يؤمر بقتله ليس لإخراج غيرهما مطلقا بل ; لأنه قد يحرم تجليله إن تضمن اقتناؤه المحرم  ،  وقد لا يحرم إن لم يتضمنه  ،  أما تغشية غير الكلب والخنزير وفرعهما  ،  أو فرع أحدهما مع الآخر بجلد واحد منهما فلا يحل  ،  بخلاف تغشيته بغير جلدهما من الجلود النجسة فإنه جائز ( وكذا )   ( جلد الميتة ) قبل الدبغ من غيرهما لا يحل لبسه  أيضا ( في الأصح ) في بدن الآدمي  ،  أو جزئه  ،  أو فوق ثوبه لما عليه من التعبد في اجتناب النجاسة لإقامة العبادة  ،  وقضية العلة أن غير المميز كالدابة  ،  ويحتمل خلافه اعتبارا بما من شأنه ذلك وهو الأوفق بإطلاقهم  ،  ويستثنى العاج فيحل مع الكراهة حيث لا رطوبة  [ ص: 384 ] استعماله في الرأس واللحية كما في المجموع والإحرام . 
وقول الإسنوي  إنه غريب ووهم عجيب فإن هذا التفصيل إنما ذكره الأصحاب في وضع الشيء في الإناء منه فالتبس عليه ذلك بالاستعمال في البدن انتهى هو الغريب والوهم العجيب  ،  فقد نص على التفصيل المذكور في المشط والإناء  الشافعي  في  البويطي  ،  وجزم به جمع منهم  القاضي أبو الطيب   والشيخ أبو علي الطبري  والماوردي  ،  وكأنهم استثنوا العاج لشدة جفافه مع ظهور رونقه  ،  وجلد الآدمي وإن كان طاهرا وشعره يحرم استعماله كما مر أوائل الكتاب . 
     	
		
				
						
						
