( فيحرم بنية صلاة الكسوف ) مع تعيين أنه كسوف شمس ، أو قمر نظير ما مر في أنه لا بد من نية صلاة عيد الفطر أو النحر ، ونص على ذلك هنا لندرة هذه الصلاة وإلا فقد علم مما مر في ( ويقرأ ) بعد الافتتاح والتعوذ ( الفاتحة ويركع ، ثم يرفع ) رأسه من الركوع ( ثم يعتدل ، ثم يقرأ الفاتحة ) ثانيا ( ثم يركع ) ثانيا أقصر من الأول ( ثم يعتدل ) ثانيا قائلا فيهما سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد كما في الروضة ، وهو المعتمد خلافا صفة الصلاة للماوردي في أنه لا يقول ذلك في الرفع الأول بل يرفع مكبرا ; لأنه ليس اعتدالا ، ( ثم يسجد ) السجدتين ويأتي بالطمأنينة في محالها ( فهذه ركعة ، ثم يصلي ) ركعة ( ثانية كذلك ) للاتباع ( ولا يجوز زيادة ركوع ثالث ) فأكثر ( لتمادي ) أي طول مكث ( الكسوف ولا نقصه ) أي نقص ركوع من الركوعين المنويين ( للانجلاء في الأصح ) كما في سائر الصلوات حيث لا يزاد على أركانها ولا ينقص منها ، ومقابل الأصح [ ص: 404 ] يزاد وينقص ، أما الزيادة { } رواه فلأنه عليه الصلاة والسلام صلى ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات وفيه أربع ركوعات أيضا ، وفي رواية : خمس ركوعات ، ولا محل للجمع بين الروايات إلا الحمل على الزيادة لتمادي الكسوف . مسلم
قال في المجموع : وأجاب الجمهور بأن أحاديث الركوعين أصح وأشهر فقدمت على بقية الروايات ، وبأن أحاديثنا محمولة على الاستحباب والحديثين على بيان الجواز ، قال : ففيه تصريح بأنه لو صلاها ركعتين [ ص: 405 ] كسنة الظهر ونحوها صحت صلاته وكان تاركا للأفضل انتهى . قال في التوشيح : ويظهر أن يقال الركعتان بهذه الكيفية أدنى الكمال المأتي به بخاصية صلاة الكسوف وبدونها يؤدي أصل سنة الكسوف فقط ، وتبعه العراقي .
قال بعضهم : : الأولى وهي الكاملة هي ذات الركوعين ، فإذا أحرم بالكيفية الكاملة لم تجز الزيادة على الركوعين ولا النقص على الأصح ; لأن الزيادة والنقص إنما تكون في النفل المطلق وهذا نفل مقيد فأشبه ما إذا نوى الوتر إحدى عشرة ركعة ، أو تسعا ، أو سبعا فإنه لا تجوز الزيادة ولا النقص . صلاة الكسوف لها كيفيتان مشروعتان
الثانية أن يصليها ركعتين كركعتي الجمعة والعيدين وينويها كذلك ، فيتأدى بها أصل السنة كما يتأدى أصل الوتر بركعة ، وحينئذ ما اقتضاه كلام المنهاج والروضة تبعا للرافعي وكلام شرح المهذب الأول من المنع محمول على من نوى الأكمل فلا يجوز له الاقتصار على الأقل ، وما اقتضاه كلام شرح المهذب الثاني من الجواز محمول على ما إذا نواها ركعتين ا هـ .
وما نقل عن بعضهم جار على القواعد ، وأفتى الوالد رحمه الله تعالى بجواز الأمرين لمن نوى صلاة الكسوف وأطلق ، وعلم مما تقرر امتناع تكريرها لبطء الانجلاء وما خبر الدال على جوازه وهو { النعمان } رواه أنه صلى الله عليه وسلم جعل يصلي ركعتين ركعتين ويسأل عنها هل انجلت أبو داود وغيره بإسناد صحيح [ ص: 406 ] فأجاب عنه الوالد رحمه الله تعالى بأنه يحتمل أن ما صلاه بعد الركعتين لم ينو به الكسوف ، فإن وقائع الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال كساها ثوب الإجمال وسقط بها الاستدلال . نعم لو صلاها وحده ثم أدركها مع الإمام صلاها كما في المكتوبة ، نقله في المجموع عن نص الأم ، قاله الأذرعي ، وقضيته أنه لا فرق بين إدراكه قبل الانجلاء وإدراكه بعده ، ولعله أراد الأول وإلا فهو افتتاح صلاة كسوف بعد الانجلاء .