كما مر قبل المضمضة وإن تيقن طهارتهما أو توضأ من إناء بالصب ( فإن لم يتيقن طهرهما ) بأن تردد فيه ( كره غمسهما في الإناء ) الذي فيه مائع وإن كثر أو مأكول رطب أو ماء قليل ( قبل غسلهما ) ثلاثا لخبر { ( و ) من سننه ( غسل كفيه ) إلى كوعيه مع التسمية } رواه الشيخان ، والأمر بذلك إنما هو لأجل توهم النجاسة لأنهم كانوا أصحاب أعمال ويستنجون بالأحجار ، وإذا ناموا جالت أيديهم فربما وقعت على محل النجو ، فإذا صادفت ماء قليلا نجسته ، فهذا محمل الحديث لا مجرد النوم كما ذكره إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ، فإنه لا يدري أين باتت يده المصنف في شرح ، ويعلم منه أن من لم ينم واحتمل نجاسة يده فهو في معنى النائم وهو مأخوذ من كلامه ، وعلم مما تقرر أنه لو تيقن نجاسة يده كان الحكم بخلاف ذلك فيكون حراما ، وإن قلنا بكراهة تنجس الماء القليل لما فيه هنا من التضمخ بالنجاسة وهو حرام ، والغسلات المذكورة هي المطلوبة أول الوضوء ، غير أنه أمر بفعلها خارج الإناء عند الشك ، ولا تزول الكراهة إلا بالثلاث وإن حصل تيقن الطهر بواحدة لأن الشارع إذا غيا حكما بغاية فإنما يخرج عن العهدة منه باستيعابها ، ومحل عدم الكراهة عند تيقن طهرهما إذا كان مستندا ليقين غسلهما ثلاثا ، [ ص: 186 ] فلو كان غسلهما فيما مضى عن نجاسة متيقنة أو مشكوكة مرة أو مرتين كره غمسهما قبل إكمال الثلاث كما بحثه مسلم الأذرعي ، ولو كان الشك في نجاسة مغلظة فالظاهر كما قاله بعض المتأخرين عدم زوال الكراهة إلا بغسل اليد سبعا إحداها بتراب ، والحديث وكلام الأصحاب خرج مخرج الغالب ، فإن كان الإناء كبيرا ولم يقدر على الصب منه ولم يجد ما يغرف به منه استعان بغيره ، أو أخذ منه بطرف ثوب نظيف أو بفيه وخرج الإناء الذي فيه ماء كثير فلا كراهة فيه