( ويذر ) بالمعجمة في غير المحرم ( على كل واحدة ) من اللفائف قبل وضع الأخرى ( حنوطا ) بفتح الحاء ، ويقال له الحناط بكسرها وهو نوع من الطيب يجعل للميت خاصة يشتمل على الكافور والصندل وذريرة القصب ، قاله الأزهري ، وقال غيره : كل طيب خلط للميت ( كافور ) هو من عطف الجزء على الكل لأنه [ ص: 464 ] حينئذ الجزء الأعظم من الطيب لتأكد أمره ; ولأن المراد زيادته على ما يجعل في أصول الحنوط .
ويسن الإكثار منه كما قاله الإمام وغيره ، بل قال الشافعي : واستحب أن يطيب جميع بدنه بالكافور ; لأنه يقويه ويشده ، ولو كفن في خمسة جعل بين كل ثوبين حنوط كما في المجموع ( ويوضع الميت فوقها ) أي اللفائف برفق ( مستلقيا ) على قفاه ويجعل يداه على صدره يمناه على يسراه أو يرسلان في جنبه ، أيما فعل منهما فحسن ( وعليه حنوط وكافور ) لدفعه الهوام وشده البدن وتقويته ، ويسن تبخير الكفن بنحو عود أولا ( وتشد ألياه ) بخرقة بعد دس قطن حليج عليه حنوط وكافور بين ألييه حتى تصل الخرقة لحلقة الدبر فيشدها ويكره إيصاله داخل الحلقة .
وقول الأذرعي : ظاهر كلام الدارمي تحريمه لما فيه من انتهاك حرمته يرد بأنه لعذر فلا انتهاك ، وتكون الخرقة مشقوقة الطرفين وتجعل على الهيئة المتقدمة في المستحاضة ( ويجعل على ) كل منفذ من ( منافذ بدنه ) ، ومواضع السجود منه ( قطن ) حليج مع كافور وحنوط دفعا للهوام عن النافذ كالجبهة والعينين والأنف والفم والدبر والجراحات النافذة ، وإكراما للمساجد كالجبهة والأنف والركبتين وباطن الكفين وأصابع القدمين ( وتلف عليه ) بعد ذلك ( اللفائف ) بأن يثنى الطرف الأيسر ثم الأيمن كما يفعل الحي بالقباء ويجمع الفاضل عند رأسه ورجليه ويكون الذي عند رأسه أكثر ( وتشد ) عليه اللفائف بشداد يشده عليها لئلا تنتشر عند الحمل إلا أن يكون محرما كما صرح به الجرجاني لأنه يشبه بعقد الإزار ، ولا يجوز له أن يكتب عليها شيئا من القرآن أو الأسماء المعظمة صيانة لها عن الصديد ، ولا أن يكون للميت من الثياب ما فيه زينة كما في فتاوى ابن الصلاح ، ولعله محمول على زينة محرمة عليه حال حياته ( فإذا وضع ) الميت ( في قبره نزع الشداد ) عنه تفاؤلا بحل الشدائد عنه ; ولأنه يكره أن يكون معه في القبر شيء معقود وسواء في جميع ذلك الصغير والكبير ( ولا يلبس المحرم الذكر مخيطا ) ولا ما في معناه مما يحرم على المحرم لبسه ( ولا يستر رأسه ولا وجه المحرمة ) ولا كفاها بقفازين : أي يحرم ذلك إبقاء لأثر الإحرام ، وتقدم أن محله فيما قبل التحلل الأول ، ولا يندب أن يعد لنفسه كفنا لئلا يحاسب على اتخاذه ، إلا أن يكون من جهة حل أو أثر ذي صلاح [ ص: 465 ] وحسن إعداده ، لكن لا يجب تكفينه فيه كما اقتضاه كلام القاضي أبي الطيب وغيره بل للوارث إبداله ، لكن قضية بناء القاضي حسين ذلك على ما لو قال اقض ديني من هذا المال الوجوب ، وكلام الرافعي يومئ إليه .
قال الزركشي : والمتجه الأول ; لأنه ينتقل للوارث فلا يجب عليه ذلك ، ولهذا لو نزع الثياب الملطخة بالدم عن الشهيد وكفنه في غيرها جاز مع أن فيها أثر العبادة الشاهدة له بالشهادة فهذا أولى انتهى .
والأوجه الوجوب في المبني كالمبني عليه وإن انتقل الملك فيه للوارث ، والفرق بينهما وبين ثياب الشهيد واضح ، إذ ليس فيها مخالفة أمر المورث بخلافه فيهما .


