لأنها ترفة لا يليق بحال المتعبد ، فهي خلاف الأولى كما اقتضاه كلامه لا مكروهة ، وفي إحضار الماء مباحة ، وفي غسل الأعضاء من غير عذر مكروهة ، وتجب على عاجز ولو بأجرة مثل وجدها فاضلة عما يعتبر في الفطرة [ ص: 195 ] في الأوجه . ( و ) من سننه ( ترك الاستعانة ) بصب الماء عليه من غير عذر
قال الزركشي : وينبغي أي في عدم كراهتها أن يكون المعين أهلا للعبادة ليخرج الكافر ونحوه انتهى ، وإطلاقهم يخالفه ، وتعبيره بالاستعانة جرى على الغالب على أن السين ترد لغير الطلب كاستحجر الطين : أي صار حجرا ، فلو أعانه غيره مع قدرته وهو ساكت متمكن من منعه كان كطلبها ( و ) من سننه لأنه يشبه التبري من العبادة فهو خلاف الأولى كما اقتضاه كلامه ، وصححه في التحقيق خلافا للروضة من كونه مباحا وللشرحين من كراهته ( وكذا التنشيف ) بالرفع بخطه : أي تركه من بلل ماء وضوئه بلا عذر فهو خلاف الأولى ( في الأصح ) لما صح من { ترك ( النفض ) } . أنه صلى الله عليه وسلم أتي بمنديل بعد غسله من الجنابة فرده وجعل ينفض الماء بيده
ولا دليل فيه لإباحة النفض لاحتمال كونه فعله بيانا للجواز .
والثاني أنه مباح واختاره في شرح . مسلم
والثالث مكروه .
والتعبير بالتنشيف لا يقتضي أن المسنون تركه إنما هو المبالغة فيه خلافا لمن توهمه ، إذ هو كما في القاموس أخذ الماء بخرقة ، أما إذا كان ثم عذر فلا يسن تركه بل يتأكد سنه كأن خرج بعد وضوئه في هبوب ريح تنجس أو آلمه شدة نحو برد ، وسيأتي أن الميت يسن تنشيفه ، والتعبير بالتنشيف هنا هو المناسب لا النشف لما مر من أن الأول أخذ الماء بخرقة وأما الثاني بمعنى الشرب فلا يظهر هنا إلا بنوع تكلف .
وبقي من سنن الوضوء أشياء كثيرة ذكرت في المطولات وأشار إلى ختمها فقال ( ويقول بعده ) أي بعد [ ص: 196 ] فراغ وضوئه مستقبل القبلة رافعا يديه إلى السماء ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) لخبر { } ( اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ) رواه من توضأ فقال أشهد أن لا إله إلا الله إلخ فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء الترمذي ( سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ) لخبر { } والرق بفتح الراء والطابع بفتح الباء وكسرها وهو الخاتم ، ومعنى لم يكسر : لم يتطرق إليه إبطال ، واعتذر عن حذف دعاء الأعضاء بقوله ( وحذفت ) بالمعجمة : أي أسقطت ( دعاء الأعضاء ) وهو أن يقول عند غسل كفيه : اللهم احفظ يدي عن معاصيك كلها . من توضأ فقال : سبحانك اللهم وبحمدك إلخ كتب برق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة
وعند المضمضة : اللهم أعني على ذكرك وشكرك .
وعند الاستنشاق : اللهم أرحني رائحة الجنة .
وعند غسل الوجه : اللهم بيض وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه .
وعند غسل اليد اليمنى : اللهم أعطني كتابي بيميني وحاسبني حسابا يسيرا .
وعند غسل اليسرى : اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ولا من وراء ظهري .
وعند مسح الرأس : اللهم حرم شعري وبشري على النار . [ ص: 197 ] وعند مسح الأذنين : اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
وعند غسل رجليه : اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل فيه الأقدام ( إذ لا أصل له ) في كتب الحديث وإن كان الرافعي قد عده في المحرر والشرح من سننه .
قال المصنف في أذكاره وتنقيحه : لم يجئ فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأفاد الشارح أنه فات الرافعي والنووي أنه روي عنه صلى الله عليه وسلم من طرق في تاريخ وغيره وإن كانت ضعيفة للعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال . ابن حبان
ولهذا اعتمد الوالد رحمه الله تعالى استحبابه ، وأفتى به وباستحبابه أيضا عقب الغسل كالوضوء ولو مجددا ، ويتجه إلحاق التيمم به على ما يأتي فيه ، ونفى المصنف أصله باعتبار الصحة .
أما باعتبار وروده من الطرق المتقدمة فلعله لم يثبت عنده ذلك ، أو لم يستحضره حينئذ .
واعلم أن شرط العمل بالحديث الضعيف عدم شدة ضعفه وأن يدخل تحت أصل عام وأن لا يعتقد سنيته بذلك الحديث ، وفي هذا الشرط الأخير نظر لا يخفى .