( ونبشه بعد دفنه ) وقبل بلاه عند أهل الخبرة بتلك الأرض ( للنقل ) ولو لنحو مكة ( وغيره ) ولو لصلاة عليه أو تكفينه كما سيأتي ( حرام ) لما فيه من هتك حرمته ( إلا لضرورة بأن دفن بلا غسل ) ولا تيمم بشرطه وهو ممن يجب غسله فيجب نبشه لطهره تداركا للواجب ما لم يتغير أو ينقطع ثم يصلى عليه ( أو ) دفن ( في أرض أو ) في ( ثوب مغصوبين ) وطلبهما مالكهما فينبش حتما وإن تغير ، وحصل هتك حرمته ليصل المالك لحقه ، ويكره له ذلك كما نقل عن النص ، ويسن في حقه الترك ، فإن لم يطلب المالك ذلك حرم النبش كما جزم به ابن الأستاذ .
قال الزركشي : ما لم يكن محجورا عليه أو ممن يحتاط له وهو ظاهر ، ثم محل النبش أيضا في الكفن المغصوب إذا وجد ما يكفن فيه الميت ، وإلا حرم كما اقتضاه كلام وغيره بناء على قهر مالكه عليه لو لم يجد غيره وهو الأصح ، ولو الشيخ أبي حامد ; لأنه حق الله تعالى وهو مبني على المسامحة ، ودفنه في مسجد كهو في المغصوب فينبش ويخرج مطلقا فيما يظهر ( أو وقع فيه ) أي القبر ( مال ) مما يتمول وإن قل كخاتم فينبش حتما وإن تغير الميت ; لأن تركه فيه إضاعة مال ، وسواء في ذلك طلبه مالكه أو لا ، وقيد في المهذب بطلبه له . كفن في حرير لم يجز نبشه
قال في المجموع : ولم يوافقوه عليه ، واعترض بموافقة صاحبي الانتصار والاستقصاء له ، وعلى الإطلاق قد يفارق ما في الابتلاع وفي التكفين والدفن في المغصوب بأن في الأول [ ص: 40 ] بشاعة بشق نحو جوفه ، والأخيرين ضروريان له فاحتيط لهما بالطلب بخلاف هذا .
قال الأذرعي : ولم يبين هل كلامه هنا في وجوب النبش أو جوازه ، ويحتمل حمل كلام المطلقين على الجواز وكلام المهذب على الوجوب عند الطلب فلا يكون مخالفا لإطلاقهم انتهى ، ولو بلع مال غيره وطلبه مالكه ، ولم يضمن بدله أحد من ورثته أو غيرهم كما نقله في الروضة عن صاحب العدة ، وهو المعتمد نبش وشق جوفه وأخرج منه ودفع لمالكه ، فإن ابتلع مال نفسه فلا ينبش ولا يشق لاستهلاكه له حال حياته ( أو ) وإن كان رجلاه إليها فيما يظهر خلافا دفن لغير القبلة للمتولي فينبش حتما ما لم يتغير ويوجه للقبلة ، فإن تغير فلا ( لا للتكفين في الأصح ) لأن غرض التكفين الستر ، وقد حصل بالتراب مع ما في نبشه من هتكه .
والثاني : ينبش قياسا على الغسل بجامع الوجوب ، وينبش أيضا في صور كما لو دفنت امرأة حامل بجنين ترجى حياته بأن يكون له ستة أشهر فأكثر فيشق جوفها ويخرج إذ شقه لازم قبل دفنها أيضا ، فإن لم ترج حياته فلا لكن يترك دفنها إلى موته ، ثم تدفن ، وقول التنبيه ترك عليه شيء حتى يموت ضعيف بل غلط فاحش فليحذر ، أو بشر بمولود فقال إن كان ذكرا فعبدي حر أو أنثى فأمتي حرة ، ودفن المولود قبل العلم بحاله فينبش ليعلم من وجدت صفته ، أو قال : إن ولدت ذكرا فأنت طالق طلقة أو أنثى فطلقتين فولدت ميتا ودفن وجهل حاله فالأصح في الزوائد نبشه ، أو ادعى شخص على ميت بعد دفنه أنه امرأته ، وأن هذا الولد ولده منها ، وطلب إرثه منها وادعت امرأة أنه زوجها ، وأن هذا ولدها منه وطلبت إرثها منه ، وأقام كل بينة فإنه ينبش ، فإن وجد خنثى قدمت بينة الرجل أو لحق الميت سيل أو نداوة فينبش لنقله ، أو قال : إن رزقني الله ولدا ذكرا فلله علي كذا ودفن قبل العلم بحاله فينبش قطعا للنزاع ، أو شهدت بينة على شخصه واشتدت الحاجة ولم تتغير صورته فينبش ليعرف على ما قاله الغزالي ، والأصح خلافه ،
أو اختلف الورثة في أن المدفون ذكر أو أنثى ليعلم كل من الورثة قدر حصته ، وتظهر ثمرة ذلك في المناسخات ، أو زعم الجاني شلل العضو ولو أصبعا فإنه ينبش ليعلم ، ذكره ابن كج ، أو دفن في ثوب مرهون وطلب المرتهن إخراجه ، قال الأذرعي : فالقياس غرم القيمة فإن تعذر [ ص: 41 ] نبش وأخرج ما لم تنقص قيمته بالبلى ، أو تداعيا مولودا فينبش ليلحقه القائف بأحد المتداعيين ، وقيده البغوي بما إذا لم تتغير صورته وهو ظاهر ، أو الحرم فينبش ، ويخرج على ما سيأتي في الجزية ، ولو كفنه أحد الورثة من التركة وأسرف غرم حصة بقية الورثة . دفن كافر في
فلو طلب إخراج الميت لأخذ ذلك لم تلزمهم إجابته ، وليس لهم نبشه لو كان الكفن مرتفع القيمة ، وإن زاد في العدد فلهم النبش وإخراج الزائد ، والظاهر كما قاله الأذرعي أن المراد الزائد على الثلاث .
أما بعد البلى عند من مر فلا يحرم النبش بل تحرم عمارته وتسوية ترابه عليه إذا كان في مقبرة مسبلة لامتناع الناس عن الدفن فيه لظنهم به عدم البلى ، ومحل ذلك كما قاله الموفق بن حمزة في مشكل الوسيط ما لم يكن المدفون صحابيا أو ممن اشتهرت ولايته وإلا امتنع نبشه عند الانمحاق ، وأيده بعض المتأخرين بجواز الوصية بعمارة قبور الأنبياء والصالحين لما فيه من إحياء الزيارة والتبرك ، إذ قضيته جواز عمارة قبورهم مع الجزم هنا بما مر من حرمة تسوية القبر وعمارته في المسبلة