( وزكاتهما ) أي الذهب والفضة    ( ربع عشر ) في النصاب لخبر { ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة   } رواه  البخاري    { وفي الرقة ربع العشر   } والرقة والورق الفضة والهاء عوض من الواو  ،  والأوقية بضم الهمزة وتشديد الياء على الأشهر أربعون درهما بالنصوص المشهورة والإجماع  ،  ولا يكمل نصاب أحدهما بالآخر  لاختلاف الجنس  ،  ويكمل الجيد بالرديء من الجنس الواحد وعكسه وإن اختلف نوعاهما  ،  والمراد بالجودة النعومة ونحوها وبالرداءة الخشونة ونحوها  ،  ويؤخذ من كل نوع بقسطه إن سهل بأن قلت الأنواع  ،  وإلا أخذ من الوسط كما في المعشرات ولا يجزئ رديء ومكسور عن جيد وصحيح كمريضة من صحاح  ،  وله استرداده إن بين عند الدفع أنه عن ذلك المال  ،  وإلا فلا  [ ص: 86 ] وإذا جاز له الاسترداد فإن بقي أخذه  ،  وإلا أخرج التفاوت  ،  وكيفية معرفته أن يقوم المخرج بجنس آخر كأن يكون معه مائتا درهم جيدة فأخرج عنها خمسة معيبة  ،  والجيدة تساوي بالذهب نصف دينار  ،  والمعيبة تساوي به خمسين دينارا فيبقى عليه درهم جيد  ،  ويجزئ الجيد والصحيح عن ضدهما بل هو أفضل فيسلمه المخرج إلى من يوكله المستحقون منهم أو من غيرهم  ،  فإن لزمه نصف دينار سلم إليهم دينارا نصفه عن الزكاة وباقيه له معهم أمانة  ،  ثم يتفاضل هو وهم فيه  ،  بأن يبيعوه لأجنبي ويقاسموا ثمنه أو يشتروا منه نصفه أو يشتري نصفه  ،  لكن يكره له شراء صدقته ممن تصدق عليه فرضا أو نفلا ( ولا شيء في )   ( المغشوش ) أي المخلوط كذهب بفضة أو نحاس    ( حتى يبلغ خالصه نصابا ) للأخبار المارة فيخرج خالصا أو مغشوشا خالصه قدر الزكاة  ،  ويكون متطوعا بالنحاس ; لأنه في الحقيقة إنما أعطى الزكاة خالصا من خالص . 
والنحاس وقع تطوعا كما مر  ،  فلو كان وليا امتنع عليه ذلك في مال موليه كما بحثه الإسنوي  لعدم جواز تبرعه بنحاسه  ،  وقيده بما إذا كانت مؤنة السبك تنقص عن قيمة الغش : أي إن كان ثم سبك ; لأن إخراج الخالص لا يلزم أن يكون بسبك . 
ويكره للإمام ضرب المغشوشة  ،  فإن علم عيارها صحت المعاملة بها معينة وفي الذمة  ،  وكذا إن لم يعلم عيارها لحاجة المعاملة بها  ،  ولذلك استثنيت من قاعدة إنما كان خليطه غير مقصود  ،  وقدر المقصود مجهول كمسك مخلوط بغيره ولبن مشوب بماء لا تصح المعاملة به  ،  فجعل الزركشي  غشها مقصودا غير صحيح  ،  فلو ضرب مغشوشة على سكة الإمام  ،  وغشها أزيد من غش ضربه  حرم فيما يظهر لما فيه من التدليس بإبهام أنه مثل مضروبه  ،  ويحمل العقد عليها إن غلبت  ،  ولو كان الغش يسيرا بحيث  [ ص: 87 ] لا يأخذ حظا من الوزن فوجوده كالعدم . 
ويكره لغير الإمام ضرب الدراهم والدنانير ولو خالصة  فيه من الافتيات عليه . 
ويكره لمن ملك نقدا مغشوشا  إمساكه بل يسبكه ويصفيه . 
قال  القاضي أبو الطيب    : إلا إن كانت دراهم البلد مغشوشة فلا يكره إمساكها  ،  ذكره في المجموع ( ولو )   ( اختلط إناء منهما ) أي من الذهب والفضة بأن أذيب الإناء منهما بأن كان وزنه ألف درهم ستمائة من أحدهما وأربعمائة من الآخر ( وجهل أكثرهما )    ( زكي ) كلا منهما بفرضه ( الأكثر ذهبا وفضة ) احتياطا إن كان غير محجور عليه  ،  وإلا تعين التمييز أخذا مما مر  ،  ولا يجوز فرض كله ذهبا إذ أحد الجنسين لا يجزئ عن الآخر  ،  وإن كان أعلى منه كما مر ( أو ميز ) بالنار كأن يسبك جزءا يسيرا إن تساوت أجزاؤه كما في البسيط  ،  أو يمتحنه بالماء فيضع فيه ألفا ذهبا ويعلم ارتفاعه ثم يخرجها  ،  ثم يضع فيه ألفا فضة ويعلمه  ،  وهذه العلامة فوق الأولى ; لأن الفضة أكبر حجما من الذهب  ،  ثم يخرجها ثم يضع فيه المخلوط  ،  فإلى أيهما كان ارتفاعه أقرب فالأكثر منه  ،  ولا شك أنه يكتفى بوضع المخلوط أولا ووسطا أيضا . 
قال الإسنوي    : وأسهل من هذه وأضبط أن يضع في الماء قدر المخلوط منهما معا مرتين في أحدهما الأكثر ذهبا والأقل فضة وفي الثانية بالعكس ويعلم في كل منهما علامة  ،  ثم يضع المخلوط فيلحق بما وصل إليه . 
قال : ونقل في الكفاية عن الإمام  وغيره طريقا آخر يأتي أيضا مع الجهل بمقدار كل منهما  ،  وهو أن يضع المختلط وهو ألف مثلا في ماء  ،  ويعلم كما مر ثم يخرجه ثم يضع فيه من الذهب شيئا بعد شيء حتى يرتفع بتلك العلامة  ،  ثم يخرجه ثم يضع فيه من الفضة كذلك حتى يرتفع لتلك العلامة  ،  ويعتبر وزن كل منهما  ،  فإن كان الذهب ألفا ومائتين والفضة ثمانمائة علمنا أن نصف المختلط ذهب ونصفه فضة بهذه النسبة ا هـ . 
والمراد أنهما نصفان في الحجم لا في الوزن  ،  فيكون زنة الذهب ستمائة وزنة الفضة أربعمائة ; لأن المختلط من الذهب والفضة إنما يكون ألفا بالنسبة المذكورة إذا كانا كذلك . 
وبيانه بها أنك إذا جعلت  [ ص: 88 ] كلا منهما أربعمائة وزدت على الذهب منه بقدر نصف الفضة وهو مائتان كان المجموع ألفا  ،  والطريق الأولى كما قال تأتي أيضا في مختلط جهل وزنه بالكلية  ،  قاله الفوراني    : فإنك إذا وضعت المختلط المذكور تكون علامته بين علامتي الخالص  ،  فإن كانت نسبته إليهما سواء فنصفه ذهب ونصفه فضة  ،  وإن كان بينه وبين علامة الذهب شعيرتان  ،  وبينه وبين علامة الفضة شعيرة فثلثاه فضة وثلثاه ذهب أو بالعكس فالعكس  ،  قال الرافعي    : وإذا تعذر الامتحان وعسر التمييز بأن يفقد آلات السبك أو يحتاج فيه إلى زمان صالح وجب الاحتياط فإن الزكاة واجبة على الفور فلا يجوز تأخيرها مع وجود المستحقين  ،  ذكره في النهاية : ولا يبعد أن يجعل السبك أو ما في معناه من شروط الإمكان  ،  ولا يعتمد المالك في معرفة الأكثر غلبة ظنه  ،  ولو تولى إخراجها بنفسه ويصدق فيه إن أخبر عن علم 
     	
		
				
						
						
