( وإن ) ( لم يصم عنه وليه في الجديد ) أي لا يصح إذ الصوم عبادة بدنية لا تدخلها النيابة في الحياة فكذلك بعد الموت كالصلاة ، ( مات بعد التمكن ) من القضاء ولم يقض ، وعلم من تعبيره بالموت عدم صحة الصوم عن حي تعذر وسواء في ذلك ما فات بعذر أم بغيره
[ ص: 190 ] صومه بمرض أو غيره .
ولو مأيوسا من برئه ، وادعى في زوائد الروضة أنه لا خلاف فيه ، وفي شرح عن مسلم الماوردي وغيره أنه إجماع ( بل يخرج من تركته لكل يوم ) فاته صومه ( مد طعام ) من غالب قوت بلده والقديم أنه لا يتعين الإطعام بل يجوز للولي الصوم عنه بل يستحب له ذلك كما في شرح لخبر { مسلم صام عنه وليه مات وعليه صيام } وسيأتي ترجيحه هذا كله فيمن مات مسلما ، فإن ارتد ومات لم يصم عنه ويتعين الإطعام قطعا ( وكذا النذر والكفارة ) بأنواعها في تداركهما القولان وتقييد الحاوي الصغير الكفارة بالقتل غريب بل قال بعضهم لا يوجد في غيره ( من قلت : القديم هنا أظهر والله أعلم ) وعبر عنه في التصحيح بالمختار وفي الروضة ( بالصواب ) وأنه الذي ينبغي الجزم به للأحاديث الصحيحة وليس للجديد حجة من السنة والحديث الوارد بالإطعام ضعيف ا هـ .
ونقل البندنيجي أن نص عليه في الأمالي أيضا فقال : إن صح الحديث قلت به ، والأمالي من كتبه الجديدة . الشافعي
وقال : لو وقف البيهقي على جميع طرق هذه الأحاديث وتظاهرها لم يخالفها إن شاء الله تعالى . الشافعي
قال السبكي : وهو كما قال ويتعين أن يكون هو المختار والمفتى به ( والولي ) الذي يصوم على القديم ( كل قريب ) أي أي قريب كان ( على المختار ) لأنه مشتق من الولي بإسكان اللام وهو القرب فيحمل عليه ما لم يدل دليل على خلافه . وإن لم يكن وارثا ولا ولي مال ولا عاصبا
والأوجه كما قاله الزركشي في خادمه اشتراط بلوغه ولا يشترط في الآذن والمأذون له الحرية فيما يظهر لأن القن من أهل فرض الصوم بخلاف الصبي ، ويؤيده
[ ص: 191 ] ما يأتي من اشتراط بلوغ من يحج عن الغير ، وإنما اشترطت حريته ثم لأن القن ليس من أهل حجة الإسلام فهو ثم كالصبي بخلافه هنا على هذا القول ( بإذن الولي صح ) ووقع عن الميت سواء أكان بأجرة وهي عند استئجار الوارث من رأس المال أو دونهما للأخبار الصحيحة كخبر الصحيحين المار وخبر ( ولو صام أجنبي ) { مسلم } . أنه صلى الله عليه وسلم قال لامرأة قالت له إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها ؟ فقال لها عليه الصلاة والسلام : صومي عن أمك
قال في المجموع : وهذا يبطل احتمال ولاية المال والعصوبة ا هـ .
وبما يبطل الإرث خبر أحمد وأبي داود { } فعدم استفصاله عن إرثها وعدمه يدل على العموم ، وفي المجموع أيضا مذهب أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن نجاها الله أن تصوم شهرا فلم تصم حتى ماتت ، فجاءت قرابة لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال : صومي عنها الحسن البصري وهو الظاهر الذي اعتقده ، ولكن لم أر فيه كلاما لأصحابنا ا هـ . أنه لو صام عنه بالإذن ثلاثون في يوم واحد أجزأ
قال الأذرعي : وأشار إليه ابن الأستاذ تفقها ، ويشهد له نظيره في الحج كما صرحوا به : أي فيما إذا وجب صيام بدلا عن أمداد وجبت عليه ثم مات قبل أن يصوم فإنه إذا صام عنه جماعة بعدد الأمداد أجزأه .
واستشهد له البارزي أيضا بما لو ، وسواء في جواز فعل الصوم أكان قد وجب فيه التتابع أم لا لأن التتابع إنما وجب في حق الميت لمعنى لا يوجد في حق القريب ، ولأنه التزم صفة زائدة على أصل الصوم فسقطت بموته ، وقضية كلام استؤجر عنه بعد موته لحجة الإسلام واحد وآخر لنذر وآخر لقضاء في سنة واحدة فإنه يجوز الرافعي استواء مأذون الميت والقريب فلا يقدم أحدهما على الآخر .
أما إذا لم يخلف تركة
[ ص: 192 ] فلا يلزم الوارث إطعام ولا صوم بل يسن له ذلك .
وينبغي ندبه لمن عد الورثة من بقية الأقارب إذا يخلف تركة أو خلفها وتعدى الوارث بترك ذلك ( لا مستقلا في الأصح ) فلا يجوز له الصوم لأنه لم يرد به نص ، ولا هو في معنى ورد به النص ، وفارق نظيره في الحج بأن له بدلا وهو الإطعام وبأنه لا يقبل النيابة في الحياة فضيق فيه بخلاف الحج ، وهل له أن يستقل بالإطعام لأنه محض مال كالدين أو يفرق بأنه هنا بدل عما لا يستقل به ؟ الأقرب لكلامهم وجزم به الزركشي الثاني .
أذن الحاكم فيما يظهر خلافا لمن استوجه عدمه وعلله بأنه على خلاف القياس فيقتصر فيه فتتعين الفدية ، ولو قال بعض الورثة أنا أصوم وآخذ الأجرة جاز ، أو قال بعضهم نطعم وبعضهم نصوم أجيب الأولون كما رجحه ولو قام بالقريب ما يمنع الإذن كصبا وجنون ، أو امتنع الأهل من الإذن أو الصوم ، أو لم يكن قريب الزركشي وابن العماد لأن إجزاء الطعام مجمع عليه .
ويؤيد إجابة من طلب التكفين في ثلاثة أثواب تكميلا لحق الميت ، . ولو تعدد الوارث ولم يصم عنه قريب وزعت عليهم الأمداد على قدر إرثهم ثم من خصه شيء له إخراجه والصوم عنه ويجبر الكسر
نعم لو كان الواجب يوما لم يجز تبعيض واجبه صوما وإطعاما لأنه بمنزلة كفارة واحدة ومقابل الأصح يصح كما يوفى دينه بغير إذنه