بعرفة إلى الغروب ) للاتباع رواه ( و ) يسن ( أن يقفوا ) أي الإمام أو منصوبه والناس ( ، والأفضل بقاؤهم بعده حتى تزول الصفرة قليلا ، وظاهر أن أصل الوقوف واجب مع أنه بالنصب في كلامه لعطفه له على يخطب المقتضي لاستحبابه ، وهو صحيح من حيث طلب استمراره إلى الغروب إذ هو مستحب حينئذ ( وأن يذكروا الله تعالى ويدعوه ) بإكثار ( ويكثروا التهليل ) للاتباع رواه مسلم وصح { مسلم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على [ ص: 297 ] كل شيء قدير ، اللهم اجعل في قلبي نورا وفي سمعي نورا وفي بصري نورا ، اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري ، اللهم لك الحمد كالذي نقول وخيرا مما نقول } إلى غير ذلك من الأدعية المعروفة ، ويكرر كل دعاء ثلاثا ويفتتحه بالتحميد والتمجيد والتسبيح والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويختمه بمثل ذلك مع التأمين ، ويكثر من البكاء فهناك تسكب العبرات وتقال العثرات . أفضل الدعاء دعاء يوم
وفي البحر عن الأصحاب : ، وليحرص في ذلك اليوم والذي بعده على الحلال المتقرب إن تيسر ، وإلا فما قلت شبهته فإن المتكفل باستجابة الدعاء هو خلوص النية وحل المطعم والمشرب مع مزيد الخضوع والانكسار ، ويسن رفع يديه ولا يجاوز بهما رأسه ، والإفراط في الجهر بالدعاء وغيره مكروه ، وأن يبرز للشمس إلا لعذر كنقص دعاء أو اجتهاد إذ لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم استظل هنا مع أنه صح أنه ظلل عليه بثوب وهو يرمي الجمرة ، وأن يفرغ قلبه من الشواغل قبل الزوال ، وأن يتجنب الوقوف في الطريق ، يستحب أن يكثر من قراءة سورة الحشر بعرفة متطهرا من الحدث والخبث مستور العورة مستقبل القبلة راكبا ، وليحذر من المخاصمة والمشاتمة والكلام المباح ما أمكنه وانتهار السائل واحتقار أحد . وذهب جماعة من السلف والأفضل أن يكون الواقف وغيره وقال كالحسن البصري : لا بأس به إلا أنه لا كراهة في التعريف بغير أحمد عرفة ، وكرهه آخرون لكنهم لم يلحقوه بفاحشات البدع بل يخفف أمره إذا خلا عن اختلاط الرجال بالنساء وإلا فهو من أفحشها ( فإذا غربت الشمس ) يوم كمالك عرفة ( قصدوا مزدلفة ) مارين على طريق المأزمين وعليهم السكينة والوقار ، ومن وجد فرجة أسرع وهي كلها من الحرم ، وحدها ما بين مأزمي عرفة ووادي محسر مشتقة من الازدلاف وهو التقرب ; لأن الحجاج يتقربون منها إلى منى ، والازدلاف : التقريب ، وتسمى أيضا جمعا بفتح الجيم وسكون الميم سميت بذلك لاجتماع الناس بها ( وأخروا المغرب ليصلوها مع العشاء بمزدلفة جمعا ) للاتباع وهو للسفر كما مر ، وأطلق المصنف ندب التأخير إليها ، وقيده جمع تبعا للنص بما إذا لم يخش فوت وقت الاختيار للعشاء فإن خشيه صلى بهم في الطريق .
قال في المجموع : ولعل إطلاق الأكثرين محمول على هذا ، وفيه أن السنة أن يصلوا قبل حط رحالهم بأن ينيخ كل جمله ويعقله ثم يصلون للاتباع .
رواه الشيخان ، ويصلي كل رواتب الصلاتين كما مر قبيل باب الجمعة ولا يتنفل نفلا مطلقا ، ويتأكد إحياء هذه الليلة لهم كغيرهم بالذكر والشكر والدعاء والحرص على صلاة الصبح بمزدلفة للاتباع ، واعلم أن المسافة من مكة إلى منى ومن مزدلفة [ ص: 298 ] إلى كل من عرفة ومنى فرسخ ذكره في الروضة