( و ) من ثم لا تعتبر ( المماثلة ) في نحو حب وثمر إلا ( وقت الجفاف ) ليصير كاملا وتنقيتها شرط للمماثلة لا للكمال ; لأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن فقال { بيع الرطب بالتمر } صححه أينقص الرطب إذا يبس ؟ فقالوا : نعم ، فنهى عن ذلك الترمذي وغيره ، أشار صلى الله عليه وسلم بقوله أينقص إلى أن المماثلة إنما تعتبر حال الجفاف ، وإلا [ ص: 435 ] فالنقصان أوضح من أن يسأل عنه ، ويشترط مع ذلك عدم نزع نوى التمر لأنه يعرضه للفساد غالبا ، فلا عبرة بخلافه في بعض النواحي إلا على ما يأتي في نحو القثاء عن جمع ، ولا يؤثر ذلك في نحو مشمش ، وفي اللحم انتفاء عظم وملح يؤثر في وزن وتناهي جفافه ; لأنه موزون وقليل الرطوبة يؤثر فيه بخلاف نحو التمر ، ومن ثم بيع جديده الذي ليس فيه رطوبة تؤثر في الكيل بعتيقه لا بر ببر ابتلا . وإن جفا . واعلم أن شراح هذا الكتاب قد اختلفوا في فهم قوله ( وقد يعتبر الكمال ) المقتضي لصحة بيع الشيء بمثله ( أولا ) فمن ذاهب إلى أن المراد منه أنه يستثنى مما مر المقتضي للنظر إلى آخر الأحوال مطلقا العرايا الآتية ، لأن الكمال فيها بتقدير جفاف الرطب اعتبر أول أحواله عند البيع ، أو نحو عصير الرطب أو العنب لاعتبار كماله عند أول كل منهما وإن كانا غير كاملين أو اللبن الحليب ; لأنه كامل عند خروجه من الضرع ، وقد قال بكل من ذلك جمع ، والأوجه صحة كل منها ، غير أن أقربها أولها كما جرى عليه الشارح ، إذ كمال الأخيرين وتعدده بتعدد أحوالهما معلوم من كلام المصنف في هذا الباب فلا يحتاج لذكره بخلاف العرايا ، وأيضا فهي رخصة أبيحت مع انتفاء الكمال فيها عند البيع بخلافهما فهي أحرى بالاستثناء ، بل ربما إذا نظر لهذا لم يصح استثناء غيرها