ثم شرع في القسم الثالث فقال ( ولو ) كأجرتك داري شهرا وبعتك ثوبي هذا بدينار ، ووجه اختلافهما [ ص: 484 ] اشتراط التأقيت فيها غالبا وبطلانه به وانفساخها بالتلف بعد القبض دونه ( أو ) إجارة عين ( وسلم ) كأجرتك داري شهرا وبعتك صاع قمح في ذمتي سلما بكذا لاشتراط قبض العوض في المجلس في سائر أنواعه بخلافها ( صحا في الأظهر ) كل منهما بقسطه من المسمى إذا وزع على قيمة المبيع أو المسلم فيه وأجرة الدار كما قال ( ويوزع المسمى على قيمتهما ) وتسمية الأجرة قيمة صحيح إذ هي في الحقيقة قيمة المنفعة . ( جمع ) العاقد أو العقد ( في صفقة مختلفي الحكم كإجارة وبيع )
ووجه صحتهما أن كلا يصح منفردا فلم يضر الجمع بينهما ، ولا أثر لما قد يعرض لاختلاف حكمهما باختلاف أسباب الفسخ والانفساخ المحوجين إلى التوزيع المستلزم للجهل عند العقد بما يخص كلا من العوض ; لأنه غير ضار كبيع ثوب وشقص صفقة وإن اختلفا في الشفعة واحتيج للتوزيع المستلزم لما ذكر ، فعلم أنه ليس المراد باختلاف الأحكام هنا مطلق اختلافها ، بل اختلافها فيما يرجع للفسخ والانفساخ مع عدم دخولهما تحت عقد واحد فلا ترد مسألة الشقص المذكورة ; لأنه والثوب دخلا تحت عقد واحد هو البيع ، وما أورد عليه من بيع عبدين بشرط الخيار في أحدهما أكثر من الآخر فإنه من القاعدة مع اتحاد العقد ; ولهذا قال مختلفي الحكم ولم يقل كأصله وغيره عقدين مختلفي الحكم يرد بأن الاختلاف هنا لما وقع في نفس العقد [ ص: 485 ] كأن أفضى إلى جريان الخلاف فيه فألحقناه بالقاعدة ، بخلافه في مسألة الشقص وتملكه بالشفعة بمنزلة عقد آخر يقع بعد فلا يؤثر والتقييد بمختلفي الحكم لبيان محل الخلاف .
فلو صح جزما لرجوعهما إلى الإذن في التصرف ، بخلاف ما لو كان أحدهما جائزا كالبيع : أي الذي يشترط قبض العوضين فيه بدلالة ما يأتي والجعالة فلا يصح قطعا لتعذر الجمع بينهما إذ الجمع بين جعالة لا تلزم وبيع في صفقة واحدة غير ممكن لما فيه من تناقض الأحكام ; لأن العوض في الجعالة لا يلزم تسليمه إلا بفراغ العمل ، ومن جهة صرف يجب تسليمه في المجلس ليتوصل إلى قبض ما يخص الصرف منها ، وتنافي اللوازم يقتضي تنافي الملزومات كما علم ، ويقاس بذلك ما إذا جمع بين إجارة ذمة أو سلم وجعالة ، بخلاف الجمع بين البيع والجعالة فإنه لا يشترط القبض في المجلس ، كذا أفاده بعض المتأخرين ، ومقابل الأظهر ببطلان ; لأنه قد يعرض لاختلاف حكمهما باختلاف أسباب الفسخ والانفساخ ما يقتضي فسخ أحدهما فيحتاج إلى التوزيع ، ويلزم الجهل عند العقد بما يخص كلا منهما من العوض وذلك محذور . جمع بين متفقين كشركة وقراض كأن خلط ألفين له بألف لغيره وشاركه على أحدهما وقارضه على الآخر فقبل
وأجاب الأول بما مر في قولنا ولا أثر لما قد يعرض إلى آخره ، وشمل كلام المصنف ما لو اشتمل العقد على ما يشترط فيه التقابض وما لا يشترط كصاع بر وثوب بصاع شعير كما في بيع وسلم .