فصل في خيار الشرط وما تبعه ( لهما ) أي العاقدين بأن يتلفظ كل منهما بالشرط ( ولأحدهما ) على التعيين لا الإبهام بأن يتلفظ هو به إذا كان هو المبتدي بالإيجاب أو القبول ويوافقه الآخر من غير تلفظ به فلا اعتراض حينئذ على قوله ولأحدهما بل ولا يستغنى عنه وإن زعمه بعضهم ، أما لو شرط من تأخر قبوله أو إيجابه بطل العقد ، والشرط لانتفاء المطابقة ولأحدهما ولأجنبي كالقن المبيع اتحد المشروط له أو تعدد ولو مع شرط أن أحدهما يوقعه لأحد الشارطين والآخر للآخر ، والأوجه كما قاله ( شرط الخيار ) لهما الزركشي اشتراط تكليف الأجنبي [ ص: 13 ] لا رشده ، وأنه لا يلزم فعل الأحظ بناء على أن شرط الخيار تمليك له وهو الأقرب ، وأن قوله على أن أشاور صحيح ويكون شارطا الخيار لنفسه كما أفاده الأذرعي ( في أنواع البيع ) التي يثبت فيها خيار المجلس إجماعا لما روي أن حبان بفتح أوله وبالموحدة ابن منقذ و منقذ بالمعجمة والده روايتان وهما صحابيان { } ومعناها وهي بكسر المعجمة وبالموحدة لا غبن ولا خديعة ، ولهذا اشتهرت في الشرع لاشتراط الخيار ثلاثا ، فإن ذكرت وعلما معناها ثبت ثلاثا وإلا فلا ، ويجوز كان يخدع في البيوع ، فأرشده صلى الله عليه وسلم إلى أنه يقول عند البيع لا خلابة ، وأعلمه بأنه متى قال ذلك كان له خيار ثلاث ليال ، ولو التفاضل فيه كأن شرط لأحدهما خيار يوم وللآخر يومين أو ثلاثة جاز . شرط خيار يوم [ ص: 14 ] فمات أحدهما في أثنائه فزاد وارثه مع الآخر خيار يوم آخر
قال الروياني : وما اعترضت به عبارة المصنف من عدم تبيينه المشروط له الخيار فصارت موهمة غير صحيح ، إذ من قواعدهم أن حذف المعمول مؤذن بالعموم كما تفيد عبارته أيضا بهذا الاعتبار صحة شرطه لكافر في مبيع مسلم ولمحرم في صيد لانتفاء الإذلال والاستيلاء في مجرد الإجازة والفسخ وهو ما ذهب إليه الروياني مخالفا لوالده فيه ، ويمكن الجواب أيضا عما اعترض به قوله لهما ولأحدهما إلخ من استقلال أحدهما به بأن شرط الخيار مبتدأ خبره قوله في أنواع البيع ، وقوله لهما ولأحدهما متعلق بالخيار ولو شرطه لأجنبي لم يثبت لمن شرطه له ما لم يمت الأجنبي في زمنه فينتقل لشارطه ولو وكيلا ، ولو انتقل لوارثه إلا أن يكون وليا فللحاكم كما لا يخفى ، أو وكيلا فلموكله ، [ ص: 15 ] وليس لوكيل شرطه لغير نفسه وموكله إلا بإذنه ولو أذن له فيه موكله وأطلق بأن لم يقل لي ولا لك فاشترطه الوكيل وأطلق ثبت له دون الموكل والأوجه أن سكوته على شرط المبتدي كشرطه وإن ذهب بعضهم إلى أن مساعدة الوكيل بأن تأخر لفظه عن ا اللفظ المقترن بالشرط ليست كاشتراطه ، لأن المحذور إضرار الموكل وهو حاصل بشرطه وسكوته ولا بد من تعين ما شرط له بأن يتلفظ هو به إذا كان هو المبتدي بالإيجاب أو القبول ويوافقه الآخر من غير تلفظ به . مات العاقد
أما لو شرطه من تأخر قبوله أو إيجابه بطل العقد والشرط لانتفاء المطابقة .
واعلم أن كما أفاده قوله ( إلا أن يشترط القبض في المجلس كربوي وسلم ) لامتناع التأجيل فيهما والخيار أعظم غررا حينئذ لمنعه الملك أو لزومه ، وشمل ذلك ما لو جرى بلفظ الصلح ويمتنع شرطه [ ص: 16 ] أيضا في شراء من يعتق عليه المشتري وحده لاستلزامه الملك له المستلزم لعتقه المانع من الخيار ، وما أدى ثبوته لعدمه غير صحيح من أصله ، بخلاف ما لو شرط لهما لوقفه أو للبائع فقط ، إذ الملك له ، وفي البيع الضمني وفيما يتسارع إليه الفساد في المدة المشروطة لأن قضية الخيار التوقف عن التصرف فيه فيؤدي لضياع ماليته ، خيار المجلس والشرط متلازمان غالبا ، وقد يثبت ذاك لا هذا لمنعه الحب المضر بها . وللبائع ثلاثا في مصراة
لا يقال : لم امتنع حلبه لها فيما لو كان الخيار له مع أن الملك له حينئذ واللبن في زمن الخيار لمن له الملك لأنا نقول : لما كان اللبن الموجود عند البيع مبيعا كان حينئذ كالحمل الموجود عند البيع فيمتنع البائع من الحلب لئلا يفوت غرضه من ترويح اللبن على المشتري كما يعلم مما يأتي واللبن الحادث بعد العقد كالولد الحادث بعده ، وما ذهب إليه الأذرعي من طرد ذلك في كل حلوب مردود إذ لا داعي هنا لعدم الحلب ، بخلافه ثم فإن ترويجه للتصرية التي قصدها يمنعه من الحلب وإن كان اللبن ملكه والأوجه أن شرطه فيها لهما كذلك ، وأن مثل الثلاث ما قاربها مما شأنه الإضرار بها .
لا يقال : ما طريق علم المشتري بتصريتها حتى امتنع عليه شرط ذلك للبائع أو موافقته عليه ، لأنا نقول : هو محمول على ما لو ظن تصريتها من غير تحققها ، أو أن المراد أن إثم ذلك يختص بالبائع أو أن بظهور التصرية يتبين فساد الخيار وما يترتب عليه من فسخ أو إجازة ، ولو ألزمه الحاكم بيعه بتا وعلم من تقييد تكرر بيع كافر لقنه المسلم بشرط الخيار وفسخه المصنف بالبيع وهو كذلك ، وقوله كربوي وسلم الكاف فيه استقصائية ، ونبه به على أنه لا فرق بين ما يشترط فيه القبض من الجانبين كالربوي أو من أحدهما فقط كالسلم . عدم مشروعيته في الفسوخ [ ص: 17 ] والعتق والإبراء والنكاح والإجارة