أما لو باع نيابة عن غيره كوكيل وولي وناظر ، وقف وعامل قراض .
لم يجبر على التسليم ، بل لا يجوز له حتى يقبض الثمن كما يعلم من كلامه في الوكالة ولا يتأتى هنا إلا إجبارهما أو إجبار المشتري ، ولو تبايع نائبان عن الغير لم يتأت إلا إجبارهما ( وإذا سلم البائع أجبر المشتري ) على التسليم في الحال ( إن حضر الثمن ) أي عينه إن تعين وإلا فنوعه مجلس العقد للزوم التسليم عليه بلا مانع ولإجباره عليه لم يتخير البائع وإن أصر على عدم التسليم إليه ، وفي الثانية بالإجبار عليه يصير [ ص: 104 ] عليه فيه فلا يصح تصرفه فيه بما يفوت حق البائع كما يؤخذ مما مر وإلا لم يكن للإجبار فائدة ، وظاهر كلام المصنف أنه يجبر على التسليم عن عين ما حضر ولا يمهل لإحضار ثمن فورا ودفعه منه ، وهو واضح إن ظهر للحاكم منه عناد أو تسويف وإلا ففيه نظر .
ووجه إطلاقهم أنه حيث حضر النوع فطلب تأخير ما عينه كأن فيه نوع عناد وتسويف ، وإنما اعتبر مجلس العقد دون مجلس الخصومة لأنه الأصل فلا نظر لغيره لأنه قد لا يقع له خصومة ( وإلا ) أي وإن لم يحضر الثمن مجلس العقد ( فإن كان معسرا ) بأن لم يكن له مال يمكنه الوفاء منه غير المبيع ( فللبائع الفسخ بالفلس ) وأخذ المبيع لما سيأتي في بابه ، وحينئذ فيشترط فيه حجر الحاكم ولا يفتقر الرجوع بعد الحجر إلى إذن الحاكم كما قاله الرافعي ، هذا إن سلم بإخبار الحاكم ، وإلا امتنع عليه الاسترداد والفسخ إن كانت السلعة وافية بالثمن لأنه سلطه على المبيع باختياره ورضي بذمته كما نقل ذلك السبكي عن القاضي أبي الطيب وغيره ، وإن اقتضى كلام الرافعي الإطلاق وتبعه عليه الشيخ في شرح المنهج ، ولا ينافيه قول الشارح بإجبار أو دونه لأنه بالنسبة لما إذا حضر الثمن لا بالنسبة لما بعد إلا ( أو ) كان ( موسرا وماله بالبلد ) التي وقع العقد بها ( أو بمسافة قريبة ) منها وهي دون مسافة القصر ( حجر عليه ) الحاكم حيث لم يكن محجورا عليه بالفلس وإلا فلا فائدة له إذ حجر الفلس يتمكن فيه من الرجوع في عين ماله كما سيأتي في بابه ( في أمواله ) كلها ( حتى يسلم ) الثمن لئلا يتصرف فيها بما يفوت حق البائع ، وهذا يخالف حجر الفلس في أنه لا يعتبر فيه ضيق ماله ولا يتسلط البائع به على الرجوع [ ص: 105 ] لعين ماله ولا يفتقر لسؤال الغريم ولا يتوقف على فك الحاكم بل ينفك بمجرد التسليم كما جزم به الإمام وتبعه البلقيني خلافا للإسنوي ، وينفق على ممونه نفقة الموسرين ولا يتعدى للحادث ولا يباع فيه مسكن وخادم ولا يحل به دين مؤجل جزما وإن قيل بحلوله به ثم ولهذا سمى هنا بالغريب ( فإن كان ) ماله ( بمسافة القصر ) فأكثر من بلد البيع فيما يظهر ، فلو انتقل للبائع منها إلى بلد آخر فالأوجه كما يقتضيه ظاهر تعليلهم بالتضرر بالتأخير اعتبار بلد البائع لا بلد البيع ، لا يقال : التسليم إنما يلزم محل العقد دون غيره فليعتبر بلد العقد مطلقا .
لأنا نقول : ممنوع لما سيعلم في القرض أن له المطالبة بغير محل التسليم إن لم يكن له مؤنة أو تحملها ، فإن كان لنقله مؤنة ولم يتحملها طالبه بقيمته في بلد العقد وقت الطلب ، فإذا أخذها فهي الفيصولة لجواز الاستبدال عنه بخلاف السلم ( لم يكلف البائع الصبر إلى إحضاره ) لتضرره بتأخير حقه ( والأصح أن له الفسخ ) ولا يحتاج هنا للحجر خلافا لبعض المتأخرين لتعذر تحصيل الثمن كالإفلاس به ، والثاني ليس له الفسخ بل يباع المبيع ويؤدى حقه من الثمن كسائر الديون ( فإن صبر ) البائع إلى إحضار المال ( فالحجر ) يضرب على المشتري ( كما ذكرناه ) قريبا لئلا يفوت المال


