ويصدق بلا يمين ولو في خصومة ; لأنه لا يعرف إلا من جهته ، ولأنه إن صدق فلا يحلف وإلا فكيف يحلف مع صغره . مدعي البلوغ بالاحتلام أو الحيض
نعم إن كان من الغزاة وطلب سهم المقاتلة أو إثبات اسمه في الديوان حلف عند التهمة ، وسيأتي ذلك في باب الإقرار ( والرشد صلاح الدين والمال ) جميعا كما فسر به آية { فإن آنستم منهم رشدا } ; لأنه نكرة في سياق الشرط ، وهي للعموم ، وشمل كلامه الكافر فيعتبر فيه ما هو صلاح عندهم في الدين والمال كما نقله في الروضة عن وغيره وأقراه . القاضي أبي الطيب
ثم بين صلاح الدين بقوله ( فلا يفعل محرما يبطل العدالة ) من كبيرة أو إصرار عن صغيرة مع عدم غلبة الطاعات المعاصي ، واحترز بالمحرم عما يمنع قبول الشهادة لإخلاله [ ص: 362 ] بالمروءة كالأكل في السوق فلا يمنع الرشد ; لأن ليس بحرام على المشهور ، ولو شرب النبيذ المختلف فيه ففي التحرير والاستذكار إن كان يعتقد حله لم يؤثر ، أو تحريمه فوجهان أوجههما التأثير ، وإصلاح المال بقوله ( ولا يبذر بأن يضيع المال ) أي جنسه ( باحتمال غبن فاحش في المعاملة ) ونحوها ، وهو ما لا يحتمل غالبا كما سيأتي في الوكالة بخلاف اليسير كبيع ما يساوي عشرة بتسعة ، ومحل ذلك كما أفاده الإخلال بالمروءة الوالد رحمه الله تعالى عند جهله بحال المعاملة ، فإن كان عالما وأعطى أكثر من ثمنها كان الزائد صدقة خفية محمودة ( أو رميه ) أي المال وإن قل ( في بحر ) أو نار أو نحوهما ( أو إنفاقه في محرم ) ولو صغيرة لما فيه من قلة الدين ، والتبذير الجهل بمواقع الحقوق ، والسرف الجهل بمقادير الحقوق ، قاله الماوردي في أدب الدين والدنيا .
وكلام الغزالي يقتضي ترادفهما ، ومراد المصنف بالإنفاق الإضاعة ; لأنه يقال في المخرج في الطاعة إنفاق ، وفي المكروه والمحرم إضاعة وخسران وغرم ، وظاهر كلامهم عدم إلحاق الاختصاص هنا بالمال وهو محتمل ، ويحتمل خلافه ( والأصح أن صرفه ) أي المال وإن كثر ( في الصدقة و ) باقي ( وجوه الخير ) هو من عطف العام على الخاص ، وهو وارد شائع في الكتاب والسنة كالعتق ( والمطاعم والملابس التي لا تليق بحاله ليس بتبذير ) أما في الأولى فلما في السرف في الخير من غرض الثواب ، ولا سرف في الخير كما لا خير في السرف ، وحقيقة السرف ما لا يكسب حمدا في العاجل ولا أجرا في الآجل .
وقيل يكون بذلك مبذرا إن بلغ مفرطا في الإنفاق وإن عرض له ذلك بعد البلوغ مقتصدا فلا .
وأما في الثانية فلأن المال يتخذ لينتفع به ويلتذ .
وقيل يكون تبذيرا عادة .
وقضية ما تقرر أنه ليس بحرام .
نعم [ ص: 363 ] إن صرفه في ذلك بطريق الاقتراض له ، وهو لا يرجو وفاءه من سبب ظاهر فحرام كما يأتي في قسم الصدقات