( القسم الثاني ) من ( ، فإن ) الصلح ( يجري بين المدعي وأجنبي ) ( وهو مقر لك ) به في الظاهر أو فيما بيني وبينه ، ولم يظهره خوفا من أخذ المالك له كما صرح به بالقسمين في المحرر ( صح ) الصلح بينهما ; لأن ( قال ) الأجنبي للمدعي ( وكلني المدعى عليه في الصلح ) عن المدعى به مقبول ، ومحله كما قال دعوى الإنسان الوكالة في المعاملات الإمام والغزالي إذا لم يعد المدعى عليه الإنكار بعد دعوى الوكالة فإن أعاده كان عزلا فلا يصح الصلح عنه ثم إن كان المدعى عينا وصالح على بعض المدعى به أو على عين المدعى عليه أو على دين في ذمة المدعى عليه صح وصار المصالح عنه ملكا للموكل له إن كان الأجنبي صادقا في الوكالة وإلا فهو شراء فضولي ، وقد مر في البيع .
نعم صح الصلح في الأصح عند لو قال الأجنبي : وكلني في المصالحة لقطع الخصومة ، وأنا أعلم أنه لك الماوردي وجزم به في التنبيه وأقره في التصحيح ، وليس في هذه تعرض للإقرار ، ولو بينكما وكان المدعى دينا صح الصلح أو عينا فلا ، والفرق أنه لا يمكن تمليك الغير عين مال بغير إذنه ويمكن قضاء دينه بغير إذنه ، ولو قال : هو منكر غير أنه مبطل فصالحني له على عبدي هذا لتنقطع الخصومة صح العقد ووقع للآذن ويرجع المأذون عليه بالمثل إن كان مثليا وبالقيمة إن كان متقوما ; لأن المدفوع قرض لا هبة ، وخرج بقول صالح الوكيل عن الموكل على عين من مال نفسه أو على دين في ذمته بإذنه المصنف : وكلني إلخ ما لو تركه فهو شراء فضولي فلا يصح كما مر ، وبقوله : وهو مقر لك ما لو اقتصر على وكلني في مصالحتك فلا يصح ، ولو صح كما لو كان المدعى عينا أو على ثوبي هذا لم يصح ; لأنه بيع شيء بدين غيره ، وهذا هو المعتمد كما جزم به كان المدعى دينا فقال الأجنبي : وكلني المدعى عليه بمصالحتك عن نصفه أو ثوبه فصالحه ابن المقري تبعا للمصنف ، وما ادعاه الزركشي من أنه مخالف لما مر قبله في نظيره من صورة العين أنه يصح العقد ويقع للآذن
وقد صرح الإمام بأن الخلاف فيهما سواء ، وتبعه الشيخ بل أخذ بقضيته فقال : الأوجه ما أشار إليه من إلحاق هذه بتلك فيصح ويسقط الدين كمن ضمن دينا وأداه مردود بإمكان الفرق بينهما بأن بذل الوكيل عينه في مقابلة العين التي عند موكله ليس فيه جهالة لتعين ما بذل في مقابلته ، بخلاف بذل عينه عن موكله في مقابلة دين موكله فإن فيه جهالة أي جهالة ; إذ الدين لا يتعين إلا بقبضه وما دام في الذمة [ ص: 391 ] هو بالمجاهيل أشبه ( ولو ) بعين ماله أو بدين في ذمته ، ( والحالة هذه ) أي أن الأجنبي قائل بأنه مقر لك بالمدعى أو نحو ذلك ( صح ) الصلح للأجنبي وإن لم يجز معه خصومة ; لأن الصلح ترتب على دعوى وجواب خلافا لما قاله ( صالح ) الأجنبي عن العين ( لنفسه ) الجويني من أنه يأتي فيه الخلاف فيما لو قال من غير سبق خصومة : صالحني ( وكأنه اشتراه ) بلفظ الشراء كما قاله الشارح رادا به على من اعترض على المصنف بأنه كيف يقول : وكأنه اشتراه مع أنه شراء حقيقة فلا معنى للتشبيه ، وفي عبارة المصنف إشارة إلى اشتراط كونه بيد المدعى عليه بوديعة أو عارية أو نحوهما مما يجوز بيعه معه ، فلو كان مبيعا قبل القبض لم يصح ( وإن ) ، فإن كان المدعى به عينا فهو شراء مغصوب فيفرق بين قدرته على انتزاعه فيصح ( وعدمها ) فلا يصح ويكفي للصحة قوله : أنا قادر على انتزاعه ، وإن كان المدعى به دينا ففيه الخلاف المار ( وإن لم يقل هو مبطل ) مع قوله : وهو منكر وصالح لنفسه وللمدعى عليه ( لغا الصلح ) ; لأنه اشترى منه ما يثبت ملكه له ، وكلامه شامل لما لو قال : هو محق أو لا أعلم أو سكت ، وهذه الأخيرة لم يصرح بها في الروضة ، والأمر فيها كما قاله ( كان ) المدعى عليه ( منكرا وقال الأجنبي : هو مبطل في إنكاره ) ; لأنك صادق عندي فصالحني لنفسي السبكي ما أفهمه إطلاق الكتاب .