عاقدان ومعقود عليه وعمل وصيغة . وبدأ ولها خمسة أركان المصنف منها بالأخير معبرا عنها بالشرط نظير ما مر في البيع فقال ( ويشترط فيها لفظ ) صريح من كل للآخر ( يدل على الإذن ) للمتصرف من كل منهما أو من أحدهما ( في التصرف ) أي التجارة بالبيع والشراء ، أو كناية تشعر بذلك لما مر آنفا أنها مشعرة لا دالة إلا بتجوز وحينئذ فقد يشملها كلامه ، وكاللفظ والكتابة وإشارة الأخرس المفهمة ، فلو أذن أحدهما فقط تصرف المأذون في الكل [ ص: 6 ] والإذن في نصيبه خاصة ، فإن شرط عدم تصرفه في نصيبه لم تصح ( فلو اقتصرا على ) قولهما ( اشتركنا لم يكف ) عن الإذن في التصرف ( في الأصح ) لاحتماله الإخبار عن وقوع الشركة فقط ، ومن ثم لو نوياه كفى كما جزم به السبكي .
والثاني يكفي لفهم المقصود منه عرفا وعبر عن الركن الثاني . والثالث وهما العاقدان بقوله ( و ) يشترط ( فيهما ) أي الشريكين إن تصرفا ( أهلية التوكل والتوكيل ) في المال إذ كل منهما وكيل عن صاحبه وموكل له ، فإن تصرف أحدهما فقط اشترط فيه أهلية التوكل وفي الآخر أهلية التوكيل حتى يصح أن يكون الثاني أعمى دون الأول كما في المطلب ، ومقتضى كلامهم جواز مشاركة الولي على مال محجوره ، وتوقف ابن الرفعة فيه بأن فيه خلطا قبل العقد من غير مصلحة ناجزة ، بل قد يورث نقصا مردودا بأن الغرض وجود مصلحة فيه لتوقف تصرف الولي عليها واشتراط إنجاز المصلحة ممنوع .
نعم يشترط كما قاله الأذرعي كون الشريك أمينا بحيث يجوز إيداع مال اليتيم عنده ، قال غيره : وهو ظاهر إن تصرف دون ما إذا تصرف الولي وحده ، ويكره ، ولو مشاركة الكافر ومن لا يحترز من الشبهة لم يصح كما قاله شارك المكاتب غيره ابن الرفعة إن كان هو المأذون له : أي ولم يأذن له السيد لما فيه من التبرع بعمله ويصح إن كان هو الآذن ، فإن أذن السيد صح مطلقا .
ثم ذكر الركن الرابع وهو [ ص: 7 ] المال فقال ( وتصح ) الشركة ( في كل مثلي ) بالإجماع في النقد الخالص وعلى الأصح في المغشوش الرائج لأنه باختلاطه يرتفع تميزه كالنقد ومنه التبر كما سيصرح به في الغصب ، وقول الشارح : ولا تجوز في التبر وفيه وجه في التتمة فرعه على المرجوح القائل باختصاصها بالنقد المضروب . نعم يمكن حمله على نوع منه غير منضبط ( دون المتقوم ) بكسر الواو لتعذر الخلط في المتقومات لأنها أعيان متميزة وحينئذ تتعذر الشركة لأن بعضها قد يتلف فيذهب على صاحبه وحده ( وقيل يختص بالنقد المضروب ) الخالص كالقراض فالمضروب صفة كاشفة إن قيل بأن النقد لا يكون غير مضروب كما هو أحد الاصطلاحين ( ويشترط خلط المالين ) قبل عقدها ، فلو وقع بعده في المجلس لم يكف على الأصح لأن أسماء العقود المشتقة من المعاني يجب تحقق تلك المعاني فيها ، ومعنى الشركة الاختلاط والامتزاج وهو لا يحصل في ذلك لما يأتي أو بعد مفارقته لم يكف جزما ( بحيث لا يتميزان ) وإن لم تتساو أجزاؤهما في القيمة لتعذر إثبات الشركة مع التمييز ( ولا يكفي الخلط مع اختلاف جنس ) كدراهم ودنانير ( أو صفة كصحاح ومكسرة ) وأبيض وغيره كبر أحمر بأبيض لإمكان التمييز وإن عسر
فإن كان لكل علامة مميزة عند مالكه دون بقية الناس لم يكف في أوجه الوجهين ، وقضية كلامه عدم اشتراط تساوي المثلين في القيمة [ ص: 8 ] وهو كذلك ( هذا ) المذكور من اشتراط خلطهما ( إن أخرجا مالين وعقدا ، فإن ملكا مشتركا ) بينهما على جهة الشيوع وهو مثلي إذ الكلام فيه ، ولهذا قيده به الشارح لا للاحتراز عن مقابله إذ ذلك علم حكمه من قوله والحيلة إلى آخره ، ويصح التعميم هنا وتكون تلك الحيلة لابتداء الشركة في عروض حاصلة بينهما ( بإرث وشراء وغيرهما وأذن كل ) منهما ( للآخر في التجارة فيه ) أو أذن أحدهما فقط نظير ما مر ( تمت الشركة ) لحصول المعنى المقصود بالخلط ( والحيلة في الشركة في ) المتقوم من ( العروض ) لها طرق منها أن يرثاها مثلا أو ( أن يبيع ) مثلا ( كل واحد بعض عرض الآخر ) سواء أتجانس العرضان أم اختلفا ، وأراد بكل : الكل البدلي لا الشمولي ، إذ يكفي بيع واحد منهما بعض عرضه لصاحبه ببعض عرض الآخر لأنه بائع الثمن ، فيكون " كل " حينئذ على ظاهرها على أن " كل " لا بد منه بالنسبة لقوله ( ويأذن ) له ( في التصرف ) فيه بعد التقابض وغيره مما شرط في البيع ، ومحله ما لم يشرطا في التبايع الشركة ، فإن شرطاها فسد البيع كما نقله في الكفاية عن جماعة وأقره ، ولا يشترط علمهما بقيمة العرضين ، ومنها أن يشتريا سلعة بثمن واحد ثم يدفع كل عرضه بما يخصه ( ولا يشترط تساوي قدر المالين ) أي تساويهما في القدر كما في المحرر ( والأصح أنه لا يشترط العلم بقدرهما ) أي بقدر كل من المالين أهو النصف أم غيره ( عند العقد ) حيث أمكنت معرفته بعد بنحو مراجعة حساب أو وكيل لأن الحق لهما لا يعدوهما ، بخلاف [ ص: 9 ] ما لا تمكن معرفته .
والثاني يشترط وإلا أدى إلى جهل كل منهما بما أذن فيه وبما أذن له فيه ، ولو صح جزما كما قاله جهلا القدر وعلما النسبة بأن وضع أحدهما الدراهم في كفة الميزان ووضع الآخر بإزائها مثلها الماوردي وغيره ولو اشتبها ثوباهما لم يكف للشركة كما في الروضة لأن ثوب كل منهما مميز عن الآخر