[ ص: 31 ] فصل في أحكام الوكالة بعد صحتها وهي ما للوكيل وعليه عند الإطلاق ، وتعيين الأجل وشرائه للمعيب ، وتوكيله لغيره بأن لم ينص له على غيره أو حال التوكيل المفهوم من الوكيل مطلقا : أي غير مقيد بشيء ، وقد أشار ( الوكيل بالبيع ) حال كون البيع ( مطلقا ) في التوكيل الشارح لذلك بقوله أي توكيلا لم يقيد ( ليس له البيع بغير نقد البلد ) الذي وقع فيه البيع بالإذن لدلالة القرينة العرفية عليه ، فإن لم يجز له بيعه إلا بنقد البلد المأذون فيها ، ومراده بنقد البلد ما يتعامل به أهلها غالبا نقدا كان أو عرضا لدلالة القرينة العرفية عليه ، فإن تعدد لزمه بالأغلب ، فإن تساويا فبالأنفع وإلا تخير أو باع بهما كما قاله سافر بما وكل في بيعه لبلد بلا إذن الإمام والغزالي ، ومحل الامتناع بالعرض في غير ما يقصد للتجارة [ ص: 32 ] وإلا جاز به كالقراض كما بحثه الزركشي وغيره ، وبما تقرر في معنى مطلقا اندفع ما قيل كان ينبغي أن يقول بمطلق البيع فإن صورته أن يقول : بع كذا ولا يتعرض لبلد ولا أجل ولا نقد ، بخلاف البيع المطلق لتقييد البيع بقيد الإطلاق ، وإنما المراد البيع لا بقيد ا هـ .
وما تقرر من أن مطلقا حال من البيع المراد به البيع بقيد الإطلاق بأن لم ينص له على صفة ثمن كبع هذا أو كبعه بألف ، فمعنى الإطلاق في هذا الإطلاق في صفاته فاندفع قوله فإن صورته إلى آخره ، وكذا ما رتبه عليه ( ولا ) البيع ( بنسيئة ) ولو بأكثر من ثمن المثل لأن المعتاد غالبا الحلول مع الخطر في النسيئة ( ولا بغبن فاحش وهو ما لا يحتمل غالبا ) في المعاملة كدرهمين في عشرة إذ النفوس تشح به ، بخلاف اليسير كدرهم فيها .
نعم قال ابن أبي الدم : العشرة إن سومح بها في المائة فلا يتسامح بالمائة في الألف ، فالصواب الرجوع للعرف ، ويوافقه قولهما عن الروياني إنه يختلف بأجناس الأموال ، لكن قوله في البحر : إن اليسير يختلف باختلاف الأموال ، فربع العشر كثير في النقد والطعام ونصفه يسير في الجواهر والرقيق ونحوهما محل نظر ، وهو محمول على عرف زمنه إذ الأوجه اعتبار العرف المطرد في كل ناحية بما يتسامح به فيها .
ولو باع بثمن المثل وثم راغب [ ص: 33 ] أو حدث في زمن الخيار أتى جميع ما مر في عدل الرهن وأفهم قوله ليس له إلى آخره بطلان تصرفه فلهذا فرع عليه قوله ( فلو باع على أحد هذه الأنواع وسلم المبيع ضمنه ) للحيلولة بقيمته يوم التسلم ولو في مثلي كما ذكره الرافعي ، فإن تلف ولم يصح العقد طالب المشتري بالمثل في المثلي والقيمة في المتقوم ، وإن صح وتعدى الوكيل بالتسليم ، فإن شاء طالبه بالثمن أو بالبدل المذكور ، وله مطالبة الوكيل برده في صورة البطلان لتعديه بتسليمه لمن لا يستحقه ببيع باطل فيسترده إن كان باقيا ، وله حينئذ بيعه بالإذن السابق وقبض الثمن ويده [ ص: 34 ] أمانة عليه ، فإن لم يبق كان طريقا في الضمان وقراره على المشتري ، وعلم بما تقرر في التفريع رد من زعم أنه كان ينبغي أن يقول : لم يصح ويضمن ، فلو لم يطلق اتبع ما عينه ، ففي بع بما شئت أو تيسر له غير النقد لا بنسيئة ولا غبن لأن ما للجنس خلافا لجمع منهم السبكي في تجويزه بالغبن أو بعه كيف شئت جاز بنسيئة فقط لأن كيف للحال فشمل الحال والمؤجل ، أو بكم شئت جاز بالغبن فقط لأن كم للعدد القليل والكثير ، أو بما عز وهان جاز غير النسيئة لأن ما للجنس فقرنها بما بعدها يشمل عرفا القليل والكثير من نقد البلد وغيره