كتاب القراض هو بكسر القاف لغة أهل الحجاز ، مشتق من القرض : وهو القطع لأن المالك يقطع للعامل قطعة من ماله يتصرف فيها وقطعة من الربح أو المقارضة وهي المساواة لتساويهما في الربح ، أو لأن المال من المالك والعمل من العامل ، ويسمى عند أهل العراق مضاربة لأن كلا منهما يضرب بسهم في الربح ولما فيه غالبا من السفر وهو يسمى ضربا ، وقد جمع المصنف في كلامه بين اللغتين .
والأصل فيه الإجماع . وروى أبو نعيم وغيره { أنه صلى الله عليه وسلم ضارب لخديجة رضي الله عنها قبل أن يتزوجها بنحو شهرين وسنة ، وكان إذ ذاك ابن نحو خمس وعشرين سنة [ ص: 220 ] بمالها إلى الشام وأنفذت معه عبدها ميسرة وهو قبل النبوة } فلعل وجه الدلالة فيه أنه صلى الله عليه وسلم حكاه مقررا له بعدها ، وهو قياس المساقاة بجامع العمل في كل منهما ببعض ماله مع جهالة العوض ، ولهذا اتحدا في أكثر الأحكام ومقتضى ذلك تقديمها عليه ، ولعل عكسهم لذلك إنما هو لأنه أشهر وأكثر ، وأيضا فهي شبيهة بالإجارة في اللزوم والتأقيت فوسطت بينهما إشعارا بما فيها من الشبهين ، لخروجه عن قياس الإجارات كما أنها كذلك لخروجها عن بيع ما لم يخلق وهو رخصة العقد المشتمل على توكيل المالك لآخر ، وعلى ( أن يدفع إليه مالا ليتجر فيه والربح مشترك بينهما ) فخرج بقيد الدفع مقارضته على منفعة كسكنى دار أو على دين عليه أو على غيره وقوله : بع هذا وقارضتك على ثمنه واشتر شبكة واصطد بها فلا يصح . ( القراض والمضاربة ) أي موضوعهما الشرعي هو
نعم البيع صحيح وله أجرة مثله والعمل إن عمل والصيد للعامل في الأخيرة ، وعليه أجرة مثل الشبكة إن لم يملكها كالمغصوبة ، ويذكر الربح الوكيل والعبد المأذون له .