ثم شرع في بيان ما لو جاوز دم المرأة خمسة عشر يوما يسمى بالمستحاضة ، [ ص: 341 ] ولها سبعة أحوال لأنها إما مميزة أو لا ، وكل منهما إما مبتدأة أو معتادة ، وغير المميزة الناسية لعادتها وهي المتحيرة إما ناسية للقدر والوقت أو للأول دون الثاني أو للثاني دون الأول ، فقال مبتدئا بالمبتدأة المميزة ( فإن عبره ) أي جاوز الدم أكثر الحيض ( فإن ) ( بأن ترى ) في بعض الأيام دما ( قويا و ) في بعضها ( ضعيفا ) كالأسود والأحمر فهو ضعيف بالنسبة للأسود قوي بالنسبة للأشقر ، والأشقر أقوى من الأصفر ، وهو أقوى من الأكدر ، وذو الرائحة الكريهة أقوى مما لا رائحة له ، والثخين أقوى من الرقيق ، والأقوى ما جمع من هذه القوى أكثر ، فإن استويا في الصفات كأن كان أحدهما أسود بلا ثخن ونتن والآخر أحمر بأحدهما ، أو كان الأسود بأحدهما والأحمر بهما اعتبر السبق لقوته ( فالضعيف ) من ذلك ( استحاضة ) وإن امتد زمنه . ( كانت ) أي من جاوز دمها أكثر الحيض ( مبتدأة ) أي أول ما ابتدأها الدم ( مميزة )
( والقوي ) منه ( حيض ) بثلاثة شروط : أشار إلى أولها بقوله ( إن لم ينقص ) القوي ( عن أقله ) وهو يوم وليلة كما مر ، وإلى ثانيها بقوله ( ولا عبر ) أي جاوز ( أكثره ) وهو خمسة عشر يوما متصلة لأن الحيض لا يزيد على ذلك ، وإلى ثالثها بقوله ( ولا نقص الضعيف عن أقل الطهر ) وهو خمسة عشر يوما ولاء ليكون طهرا بين الحيضتين ، فلو رأت يوما سوادا ويوما حمرة وهكذا أبدا لم يكن تمييزا معتبرا ، وإنما كانت جملة الضعيف لم تنقص عن خمسة عشر يوما لعدم اتصالها ، ومتى اجتمعت الشروط المذكورة كان الضعيف طهرا وإن طال ، حتى لو رأت يوما وليلة أسود ثم اتصل به الضعيف وتمادى سنين كان طهرا وإن كانت ترى الدم دائما إذا كثر الطهر لا حد له ، وشمل قوله والقوي حيض ما لو تقدم القوي وهو كذلك قطعا ، وما لو تأخر أو توسط [ ص: 342 ] كما لو رأت خمسة حمرة ثم خمسة سوادا ثم أطبقت الحمرة وهو كذلك على الأصح .
ولو اجتمع قوي وضعيف وأضعف فالقوي مع ما يناسبه في القوة من الضعيف حيض بثلاثة شروط : أن يتقدم القوي ، وأن يتصل به المناسب الضعيف ، وأن يصلحا معا للحيض بأن لا يزيد مجموعهما على أكثره كخمسة سوادا ثم خمسة حمرة ثم أطبقت الصفرة فالأولان حيض ، وإن لم يصلحا معا للحيض كعشرة سوادا وستة حمرة ثم أطبقت الصفرة أو صلحا لكن تقدم الضعيف كخمسة حمرة ثم خمسة سوادا ثم أطبقت الصفرة أو تأخر لكن لم يتصل الضعيف بالقوي كخمسة سوادا ثم خمسة صفرة ثم أطبقت الحمرة فالحيض السواد فقط ، وما ذكر في الثالثة هو ما صرح به الروياني وشراح الحاوي الصغير وصححه المصنف في تحقيقه ، لكنه في المجموع كالروضة وأصلها جعلها كتوسط الحمرة بين سوادين وقال في تلك ، لو رأت سوادا ثم حمرة ثم سوادا كل واحد سبعة أيام فحيضها السواد مع الحمرة .
وأجاب الوالد رحمه الله تعالى عن ذلك بأن الحمرة إنما جعلت حيضا تبعا للسواد لقربها منه لكونها تليه في القوة ، بخلاف الصفرة مع السواد ا هـ .
وعلم من ذلك صحة ما في التحقيق والمجموع ويفرق بينهما ، وأما الجعل الذي ذكره فغير مسلم .