كتاب إحياء الموات الأصل فيه خبر { } وصح أيضا { من عمر أرضا ليست لأحد فهو أحق بها } ولهذا لم يحتج في الملك هنا إلى لفظ لأنه إعطاء عام منه صلى الله عليه وسلم لأن الله أقطعه أرض الدنيا كأرض الجنة ليقطع منها من شاء ما شاء ومن ثم أفتى من أحيا أرضا ميتة فهي له السبكي بكفر معارض أولاد تميم فيما أقطعه صلى الله عليه وسلم له بأرض الشام وأجمعوا عليه في الجملة . [ ص: 331 ] ويستحب التملك به للخبر الصحيح { فله فيها أجر وما أكلت العوافي أحيا أرضا ميتة } أي طلاب الرزق منها { من } وهو ( الأرض التي لم تعمر قط ) أي لم يتيقن عمارتها في الإسلام من مسلم أو ذمي وليست من حقوق عامر ولا من حقوق المسلمين ، ثم تلك الأرض ( إن كانت ببلاد الإسلام فللمسلم ) وإن لم يكن مكلفا كمجنون كما صرح به فهو له صدقة الماوردي والروياني ، ومرادهما بذلك فيما لا يشترط فيه القصد كما يأتي ( تملكها بالإحياء ) ويستحب استئذان الإمام ولا يشترط فيه القصد ، وعبر بذلك المشعر به لكونه الغالب . نعم لو حمى الإمام لنعم الصدقة موضعا من الموات فأحياه شخص لم يملكه إلا بإذن الإمام لما فيه من الاعتراض على الأئمة ، ولو لم يحل لمسلم تملكه وإن كان لو فعل ملكه ، [ ص: 332 ] ويحمل كلامه على الجواز لا على الصحة فلا إيراد ( وليس هو ) أي تملك ذلك ( لذمي ) ولا غيره من الكفار بالأولى ، وإن أذن له الإمام لخبر تحجر مسلم مواتا ولم يترك حقه ولم تمض مدة يسقط فيها حقه وغيره مرسلا { الشافعي } أي قديمها ، ونسب لعاد لقدمهم وقوتهم { عادي الأرض } وإنما جاز لكافر معصوم نحو احتطاب واصطياد بدارنا لأن المسامحة تغلب في ذلك ( وإن كانت ) تلك الأرض ( ببلاد كفار فلهم إحياؤها ) مطلقا لأنه من حقوق دارهم ولا ضرر علينا فيه ( وكذا لمسلم إن كانت مما لا يذبون ) بكسر المعجمة وضمها : أي يدفعون ( المسلمين عنها ) كموات دارنا بخلاف ما يذبون عنه ، وقد صالحناهم على أن الأرض لهم فليس له إحياؤه . لله ورسوله ثم هي لكم مني
أما ما كان بدار الحرب فيملك بالإحياء مطلقا لأنه يجوز تملك عامرها فمواتها بالأولى ولو لغير قادر على الإقامة بها ، وقد علم مما تقرر أنه لا يملك بالاستيلاء فقط إذ لا يمكن زيادته على موات الإسلام ، فقول بعضهم ولعل ذكرهم للإحياء لكون الكلام فيه ، وإلا فالقياس ملكه بمجرد الاستيلاء عليه بقصد تملكه كما هو معلوم من صريح كلامهم في السير ا هـ غير سديد ، فما اقتضاه كلام بعض الشراح من أنه يصير بالاستيلاء كالمتحجر غير صحيح لأن العامر إذا ملك بذلك فالموات بطريق الأولى ، نبه عليه السبكي ( وما ) عرف أنه ( كان معمورا ) في الماضي وإن كان الآن خرابا من بلاد الإسلام أو غيرها وإن خصه الشارح ببلاد الإسلام ( فلمالكه ) إن عرف ولو ذميا أو نحوه وإن كان وارثا نعم ما أعرض عنه الكفار قبل القدرة عليه فإنه يملك بالإحياء كما قاله الماوردي ، ولا ينافيه قولهم الأملاك لا تزول بالأعراض إذ محله في أملاك محترم .
أما الحربي فملكه معرض للزوال فيزول به ، وإنما لم يكن فيئا أو غنيمة لأن محل ذلك إذا كان ملك الحربي باقيا [ ص: 333 ] إلى استيلائنا عليه ولا كذلك هنا ( فإن لم يعرف ) مالكه دارا كان أو قرية بدارنا ( والعمارة إسلامية ) يقينا ( فمال ضائع ) يرجع فيه إلى رأي الإمام من حفظه أو بيعه وحفظ ثمنه واستقراضه على بيت المال إلى ظهور مالكه إن رجي وإلا كان ملكا لبيت المال فله إقطاعه كما في البحر وجرى عليه في شرح المهذب في الزكاة فقال : : أي إذا رأى مصلحة سواء أقطع رقبتها أم منفعتها ، لكنه في الشق الأخير يستحق الانتفاع بها مدة الإقطاع خاصة كما في الجواهر ، وما في الأنوار مما يخالف ذلك مردود ، ويؤخذ مما ذكر حكم ما عمت به البلوى من أخذ الظلمة المكوس وجلود البهائم ونحوها التي تذبح وتؤخذ من ملاكها قهرا وتعذر رد ذلك لهم للجهل بأعيانهم وهو صيرورتها لبيت المال فيحل بيعها وأكلها كما أفتى بذلك للإمام إقطاع أرض بيت المال وتمليكها الوالد رحمه الله تعالى ( وإن كانت ) العمارة ( جاهلية ) وجهل دخولها في أيدينا ( فالأظهر أنه ) أي المعمور ( يملك بالإحياء ) [ ص: 334 ] إذ لا حرمة لملك الجاهلية .
والثاني المنع لأنها ليست بموات . نعم إن كان بدارهم وذبونا عنه ، وقد صولحوا على أنه لهم لم يملك بالإحياء كما علم مما مر ، ولو لم يعرف هل هي جاهلية أو إسلامية ، قال بعض شراح الحاوي : ففي ظني أنه لا يدخلها الإحياء .