ثم شرع في
nindex.php?page=treesubj&link=623_643المستحاضة الثانية وهي المبتدأة غير المميزة ، فقال ( أو ) كانت المجاوز دمها أكثر الحيض ( مبتدأة لا مميزة بأن رأته بصفة ) واحدة ( أو ) رأته بصفات مختلفة لكن ( فقدت شرط تمييز ) من الشروط المتقدمة ويحتمل أن قوله فقدت معطوف على لا مميزة لا على رأت ، فاندفع ما قيل إنه يقتضي أن فاقدة شرط تمييز تسمى غير مميزة ، وليس كذلك بل تسمى مميزة غير معتد بتمييزها ، على أن قولهم الآتي وحيث إلخ يقتضي أنها تسمى غير مميزة والخلاف في التسمية مع كون الحكم صحيحا ، ثم إن لم تعرف وقت ابتداء الدم فكمتحيرة وسيأتي حكمها وإن
[ ص: 343 ] عرفته ( فالأظهر أن حيضها يوم وليلة ) لأن سقوط الصلاة عنها في هذا القدر متيقن وفيما سواه مشكوك فيه ، فلا يترك اليقين إلا بمثله أو أمارة ظاهرة من تمييز أو عادة ، لكنها في الدور الأول تمهل حتى يعبر الدم أكثره فتغتسل وتقضي عبادة ما زاد على اليوم والليلة ، وفي الدور الثاني تغتسل بمجرد مضي يوم وليلة على الأظهر إن استمر فقد التمييز ( وطهرها تسع وعشرون ) لأنها تتمة الدور .
والقول الثاني أنها ترد إلى غالب عادة النساء وهو ست أو سبع ، وأما خبر خمسة المتقدم فذاك لأنها كانت معتادة على الأصح ، ومعناه ستة إن اعتدتها أو سبعة كذلك ، وباقي الشهر طهر فهو للتنويع لا للتخيير ، ويحتمل أنها شكت في عادتها فقال لها ستة إن لم تذكري عادتك وسبعة إن ذكرتها ، ويحتمل أن عادتها كانت مختلفة فقال : ستة في شهر الستة وسبعة في شهر السبعة ، ونص على أن طهرها ذلك لدفع توهم أنه أقل الطهر أو غالبه ، وأنه يلزمها أن تحتاط فيما سوى أقل الحيض إلى أكثره كما قيل بكل منهما ، وإنما لم يقل وطهرها بقية الشهر لأن الشهر قد يكون ناقصا فنص على المراد ، وقوله وطهرها تسع وعشرون يحتمل عود الأظهر إليه أيضا : أي الأظهر أن حيضها الأقل لا الغالب ، والأظهر أيضا أن طهرها تسع وعشرون ، وحينئذ فيقرأ وطهرها بالنصب ، ويحتمل كونه مفرعا على القول الأول فيقرأ بالرفع .
قال
المنكت : والأقرب إلى عبارة المحرر الأول .
قال
الإسنوي : كلام المحرر والكتاب ظاهر في عود الخلاف إليهما ، ثم محل ما تقرر ما لم يطرأ لها دم في أثناء تمييزها ، فإن طرأ كذلك ردت إليه نسخا لما مضى بالتمييز .
ولما كانت الليالي مرادة مع الأيام ترك التاء من تسع لأن
العرب تغلب التأنيث في اسم العدد إذا أرادت ذلك ومنه قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } مع أن المعدود إذا حدث كما هنا جاز حذف التاء .
ثُمَّ شَرَعَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=623_643الْمُسْتَحَاضَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ الْمُبْتَدَأَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ ، فَقَالَ ( أَوْ ) كَانَتْ الْمُجَاوِزُ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ ( مُبْتَدَأَةً لَا مُمَيِّزَةً بِأَنْ رَأَتْهُ بِصِفَةٍ ) وَاحِدَةٍ ( أَوْ ) رَأَتْهُ بِصِفَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ لَكِنْ ( فَقَدَتْ شَرْطَ تَمْيِيزٍ ) مِنْ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ فَقَدَتْ مَعْطُوفٌ عَلَى لَا مُمَيِّزَةً لَا عَلَى رَأَتْ ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ فَاقِدَةَ شَرْطِ تَمْيِيزٍ تُسَمَّى غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تُسَمَّى مُمَيِّزَةً غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِتَمْيِيزِهَا ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ الْآتِيَ وَحَيْثُ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهَا تُسَمَّى غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ وَالْخِلَافُ فِي التَّسْمِيَةِ مَعَ كَوْنِ الْحُكْمِ صَحِيحًا ، ثُمَّ إنْ لَمْ تَعْرِفْ وَقْتَ ابْتِدَاءِ الدَّمِ فَكَمُتَحَيِّرَةٍ وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا وَإِنْ
[ ص: 343 ] عَرَفَتْهُ ( فَالْأَظْهَرُ أَنَّ حَيْضَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ) لِأَنَّ سُقُوطَ الصَّلَاةِ عَنْهَا فِي هَذَا الْقَدْرِ مُتَيَقَّنٌ وَفِيمَا سِوَاهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ ، فَلَا يُتْرَكُ الْيَقِينُ إلَّا بِمِثْلِهِ أَوْ أَمَارَةٍ ظَاهِرَةٍ مِنْ تَمْيِيزٍ أَوْ عَادَةٍ ، لَكِنَّهَا فِي الدَّوْرِ الْأَوَّلِ تُمْهِلُ حَتَّى يَعْبُرَ الدَّمُ أَكْثَرَهُ فَتَغْتَسِلَ وَتَقْضِيَ عِبَادَةَ مَا زَادَ عَلَى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ، وَفِي الدَّوْرِ الثَّانِي تَغْتَسِلُ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ إنْ اسْتَمَرَّ فَقْدُ التَّمْيِيزِ ( وَطُهْرَهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ ) لِأَنَّهَا تَتِمَّةُ الدَّوْرِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهَا تَرُدُّ إلَى غَالِبِ عَادَةِ النِّسَاءِ وَهُوَ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ ، وَأَمَّا خَبَرُ خَمْسَةٍ الْمُتَقَدِّمُ فَذَاكَ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُعْتَادَةً عَلَى الْأَصَحِّ ، وَمَعْنَاهُ سِتَّةٌ إنْ اعْتَدْتِهَا أَوْ سَبْعَةٌ كَذَلِكَ ، وَبَاقِي الشَّهْرِ طُهْرٌ فَهُوَ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا شَكَّتْ فِي عَادَتِهَا فَقَالَ لَهَا سِتَّةٌ إنْ لَمْ تَذْكُرِي عَادَتَك وَسَبْعَةٌ إنْ ذَكَرْتهَا ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ عَادَتَهَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فَقَالَ : سِتَّةٌ فِي شَهْرِ السِّتَّةِ وَسَبْعَةٌ فِي شَهْرِ السَّبْعَةِ ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّ طُهْرَهَا ذَلِكَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ أَقَلُّ الطُّهْرِ أَوْ غَالِبُهُ ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَحْتَاطَ فِيمَا سِوَى أَقَلِّ الْحَيْضِ إلَى أَكْثَرِهِ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَطُهْرُهَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ لِأَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ نَاقِصًا فَنَصَّ عَلَى الْمُرَادِ ، وَقَوْلُهُ وَطُهْرَهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ يَحْتَمِلُ عَوْدَ الْأَظْهَرِ إلَيْهِ أَيْضًا : أَيْ الْأَظْهَرُ أَنَّ حَيْضَهَا الْأَقَلُّ لَا الْغَالِبُ ، وَالْأَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّ طُهْرَهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ ، وَحِينَئِذٍ فَيُقْرَأُ وَطُهْرَهَا بِالنَّصْبِ ، وَيَحْتَمِلُ كَوْنَهُ مُفَرَّعًا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَيُقْرَأُ بِالرَّفْعِ .
قَالَ
المنكت : وَالْأَقْرَبُ إلَى عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ الْأَوَّلُ .
قَالَ
الْإِسْنَوِيُّ : كَلَامُ الْمُحَرَّرِ وَالْكِتَابِ ظَاهِرٌ فِي عَوْدِ الْخِلَافِ إلَيْهِمَا ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ مَا لَمْ يَطْرَأْ لَهَا دَمٌ فِي أَثْنَاءِ تَمْيِيزِهَا ، فَإِنْ طَرَأَ كَذَلِكَ رَدَّتْ إلَيْهِ نَسْخًا لِمَا مَضَى بِالتَّمْيِيزِ .
وَلِمَا كَانَتْ اللَّيَالِي مُرَادَةً مَعَ الْأَيَّامِ تَرَكَ التَّاءَ مِنْ تِسْعٍ لِأَنَّ
الْعَرَبَ تُغَلِّبُ التَّأْنِيثَ فِي اسْمِ الْعَدَدِ إذَا أَرَادَتْ ذَلِكَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } مَعَ أَنَّ الْمَعْدُودَ إذَا حَدَثَ كَمَا هُنَا جَازَ حَذْفُ التَّاءِ .