( وتصح ) كما علم من تمثيله أول الباب وذكره هنا لضرورة التقسيم لأن الجهالة احتملت في القراض لحصول زيادة فاحتمالها في رد الحاصل أولى وهو مقيد كما أفاده جمع بما إذا عسر ضبطه لا كبناء حائط فيذكر محله وطوله وسمكه وارتفاعه وما يبنى به وخياطة ثوب فيصفه كالإجارة ( الجعالة ( على عمل مجهول ) ) كمن رده من موضع كذا ( في الأصح ) لأنها إذا جازت مع الجهل فمع العلم أولى والثاني المنع للاستغناء عنه بالإجارة ، ومر أنه لا بد من كون العمل فيه كلفة أو مؤنة كرد آبق أو ضال أو حج أو خياطة أو تعليم علم أو حرفة أو إخبار فيه غرض وصدق فيه ، فلو رد من هو بيده ولا كلفة فيه كدينار فلا شيء له إذ ما لا كلفة فيه لا يقابل بعوض أو عبدا آبقا استحق ، ولو قال من دلني على مالي فله كذا فدله غير من هو بيده استحق لأن الغالب أنه تلحقه مشقة بالبحث عنه ، كذا قالاه . وكذا معلوم
قال الأذرعي : ويجب أن يكون هذا فيما إذا بحث عنه بعد جعل المالك ، أما البحث السابق والمشقة السابقة قبل الجعل فلا عبرة بهما وعدم تأقيته ، فلو لم يصح كما في القراض لأن تقدير المدة مخل بمقصود العقد فقد لا يظفر به فيها فيضيع سعيه ولا يحصل الغرض سواء أضم إليه من محل كذا أم لا وغير واجب على العامل ، فلو قال من دلني على مالي فله كذا فدله من المال في يده لم يستحق شيئا لأن ذلك واجب عليه شرعا فلا يأخذ عليه عوضا ، وكذا لو قال من رد مالي فله كذا فرده من هو في يده ويجب عليه رده ، [ ص: 472 ] وقضيته أنه لو كان الدال أو الراد غير مكلف استحق . قال من رد عبدي إلى شهر فله كذا
ويجاب بأن الخطاب متعلق بوليه لتعذر تعلقه به فلا يستحق شيئا ، وأفتى المصنف فيمن حبس ظلما فبذل مالا لمن يتكلم في خلاصه بجاهه أو غيره بأنها جعالة مباحة وأخذ عوضها حلال ونقله عن جماعة : أي وفي ذلك كلفة تقابل بأجرة عرفا ( ويشترط ) لصحة العقد ( كون الجعل ) مالا ( معلوما ) لأنه عوض كالأجرة والمهر ولأنه عقد جوز للحاجة ولا حاجة لجهالة العوض بخلاف العمل ، ولأن جهالة العوض تفوت مقصود العقد إذ لا يرغب أحد في العمل مع جهالة العوض ويحصل العلم بالمشاهدة إن كان معينا وبالوصف إن كان في الذمة فلو قال من رد عبدي فله سلبه أو ثيابه فإن كانت معلومة أو وصفها بما يفيد العلم استحق المشروط وإلا فأجرة المثل كما نقلاه وأقراه ، واستشكل في المهمات تبعا لابن الرفعة اعتبار الوصف في المعين فإنهم منعوه في البيع والإجارة وغيرهما .
قال البلقيني : ويمكن الفرق بدخول التخفيف هنا فلم يشدد فيها ، بخلاف نحو البيع وقياسه صحته فله نصفه إن علم وإن لم يعرف محله وهو أوجه الوجهين ، وما قاسه عليه الرافعي من استئجار المرضعة بنصف الرضيع بعد الفطام أجاب عنه في الكفاية بأن الأجرة المعينة تملك بالعقد فجعلها جزءا من الرضيع بعد الفطام يقتضي تأجيل ملكه ، وهنا إنما تملك بتمام العمل فلا مخالفة لمقتضى العقد ولا عمل يقع في مشترك ( ولو ) ( فسد العقد ) لجهالة العوض أو نجاسة عينه أو عدم القدرة على تسليمه كما في الإجارة ( وللراد أجرة مثله ) كالإجارة الفاسدة . ( قال من رده فله ثوب ) أو دابة ( أو أرضيه ) أو أعطيه خمرا أو خنزيرا أو مغصوبا
ويستثنى من اشتراط العلم بالجعل ما فإنه يجوز مع جهالة العوض للحاجة وما لو قال حج عني وأعطيك نفقتك فيجوز كما جزم به لو جعل الإمام [ ص: 473 ] لمن يدل على قلعة للكفار جعلا كجارية منها الرافعي في الشرح الصغير والمصنف في الروضة ونقله في الكبير عن صاحب العدة ، ورد بأن هذه لا تستثنى لأن هذا إرفاق لا جعالة ، وإنما يكون جعالة إذا جعله عوضا فقال : حج عني بنفقتك ، وقد صرح الماوردي في هذه بأنها جعالة فاسدة ، ونص عليه في الأم ( ولو ) فلا زيادة له لتبرعه بها أو من ( أقرب منه فله قسطه من الجعل ) لأنه جعل كل الجعل في مقابلة العمل فبعضه في مقابلة بعضه ، فإن رد من نصف الطريق استحق نصف الجعل أو من ثلثه استحق ثلثه . ( قال ) من رده ( من بلد كذا فرده ) من تلك الجهة لكن ( من ) أبعد منه
ومحله إذا تساوت الطريق سهولة وصعوبة وإلا كأن كانت أجرة النصف ضعف أجرة النصف الآخر استحق ثلثي الجعل ، أو من ذلك البلد ، أو من مسافة مثل مسافته ولو من جهة أخرى استحق المسمى ، ولو رده من أبعد من المعين فلا شيء للزيادة لعدم التزام ، ولو رده من المعين ورأى المالك في نصف الطريق فدفعه إليه استحق نصف الجعل ، ولو استحق نصف الجعل استوت قيمتهما أو اختلفت ، ولو قال إن رددتما عبدي فلكما كذا فرده أحدهما استحق النصف لأنه لم يلتزم له أكثر من ذلك ، ولو قال من رد عبدي فله كذا فرد أحدهما استحق النصف أو رداهما استحقا المسمى ، ولو قال إن رددتما عبدي فلكما كذا فرد أحدهما أحدهما استحق الربع أو كليهما اقتسماه لأنهما يوصفان بالأولية في الرد ، ولو قال لكل من ثلاثة رده ولك دينار فردوه فلكل منهم ثلثه توزيعا على الرءوس ، هذا إذا عمل كل منهم لنفسه . قال أول من يرد عبدي فله دينار فرده اثنان
أما لو قال أحدهم أعنت صاحبي فلا شيء له ولكل منهما نصف ما شرط له ، أو اثنان منهم أعنا صاحبنا فلا شيء لهما وله جميع [ ص: 474 ] المشروط ، فإن شاركهم رابع فلا شيء له ، ثم إن قصد بعمله المالك أو قصد أخذ الجعل منه فلكل من الثلاثة ربع المشروط ، فإن أعان أحدهم فللمعاون بفتح الواو النصف وللآخرين النصف لكل واحد منهما الربع ، أو أعان اثنين منهم فلكل منهما ربع وثمن من المشروط وللثالث ربعه ، وإن أعان الجميع فلكل منهم الثلث كما لو لم يكن معهم غيرهم ، فإن شرط لأحدهم جعلا مجهولا ولكل من الآخرين دينارا فردوه فله ثلث أجرة المثل ولهما ثلثا المسمى ، ولو قسط الدرهم بينهما ، ولو كان عبد بينهما أثلاثا فأبق فجعلا لمن رده دينارا لزمهما بنسبة ملكيهما ( ولو اشترى اثنان ) فأكثر ( في رده اشتركا في الجعل ) لحصول الرد منهما والاشتراك في الجعل على عدد الرءوس وإن تفاوت عملهم لأنه لا ينضبط حتى يوزع عليه . قال أي رجل رد عبدي فله درهم فرده اثنان
وصورة المسألة إذا عمم النداء كقوله من رده فله كذا ، ويخالف ما استحق كل واحد درهما لأن كل واحد داخل وليس كل واحد براد للعبد بل الكل ردوه . لو قال من دخل داري فأعطه درهما فدخلها جمع