( فإن ) أو جنسه أو صفته ككونه درهما أو درهمين أو في قدر العمل كأن قال شرطت مائة على رد عبدين فقال العامل بل على رد هذا فقط ( تحالفا ) وللعامل أجرة المثل كما في القراض والإجارة ، وهذا إذا وقع الاختلاف بعد فراغ العمل والتسليم أو قبل الفراغ فيما إذا وجب للعامل قسط ما عمله ، ولو ( اختلفا ) أي الجاعل والعامل بعد الاستحقاق ( في قدر الجعل ) فإن كان العمل مضبوطا مقدرا فإجارة ، ولو احتاج إلى تردد غير مضبوط فجعالة كذا نقلاه ، والمراد أنه يجوز عقد الإجارة في الشق الأول دون الثاني ويد العامل على المأخوذ إلى رده يد أمانة ، ولو رفع يده عنه وخلاه بتفريط كأن خلاه بمضيعة ضمنه لتقصيره ، وإن خلاه بلا تفريط كأن خلاه عند الحاكم لم يضمنه ونفقته على مالكه ، فإن أنفق عليه مدة الرد فتبرع إلا إن أذن له الحاكم فيه أو أشهد عند فقده ليرجع ، ولو كان رجلان ببادية ونحوها فمرض أحدهما أو غشي عليه وعجز عن السير وجب على الآخر المقام معه إلا إن خاف على نفسه أو نحوها فلا يلزمه ذلك ، وإذا أقام معه فلا أجرة له [ ص: 480 ] فإن مات وجب عليه أخذ ماله وإيصاله إلى ورثته إن كان ثقة ولا ضمان عليه إن لم يأخذه ، وإن لم يكن ثقة لم يجب عليه الأخذ وإن جاز له ولا يضمنه في الحالين قال : بع عبدي هذا أو اعمل كذا ولك عشرة وأتيا بما يصلح أن يكون إجارة وجعالة
والحاكم يحبس الآبق إذا وجده انتظارا لسيده ، فإن أبطأ سيده باعه الحاكم وحفظ ثمنه ، فإذا جاء سيده فليس له غير الثمن ، وإن سرق الآبق قطع كغيره ، ولو لم يحل للعامل ، وعليه أن يعلمه أولا أنه يجب عليه البذل ثم المقبول هبة لو أراد الدافع أن يهبه منه ، ولو علم أنه لا يجب عليه البذل ودفعه إليه هدية حل ، ولو أكره مستحق على عدم مباشرة وظيفته استحق المعلوم كما أفتى به عمل لغيره عملا من غير استئجار ولا جعالة فدفع إليه مالا على ظن وجوبه عليه التاج الفزاري ، واعتراض الزركشي له بأنه لم يباشر ما شرط عليه فكيف يستحق حينئذ يرد بأنه مستثنى شرعا وعرفا من تناول الشرط له لعذره ، ونظير ذلك ما عمت به البلوى من مدرس يحضر موضع الدرس ولا يحضر أحد من الطلبة أو يعلم أنه لو حضر لا يحضرون بل يظهر الجزم بالاستحقاق هنا لأن المكره يمكنه الاستنابة فيحصل غرض الواقف بخلاف المدرس فيما ذكر .
نعم إن أمكنه إعلام الناظر بهم وعلم أنه يجبرهم على الحضور فالظاهر وجوبه عليه لأنه من باب الأمر بالمعروف ، وقد أفاد الولي العراقي ذلك أيضا بل جعله أصلا مقيسا عليه ، وهو أن الإمام أو المدرس لو حضر ولم يحضر أحد استحق لأن قصد المصلي والمعلم ليس في وسعه وإنما عليه الانتصاب لذلك وأفتى أيضا فيمن شرط الواقف قطعه عن وظيفته إن غاب فغاب لعذر كخوف طريق بعدم سقوط حقه بغيبته .
قال ولذلك شواهد كثيرة وأفتى الوالد رحمه الله تعالى [ ص: 481 ] بحل النزول عن الوظائف بالمال أي لأنه من أقسام الجعالة فيستحقه النازل ويسقط حقه وإن لم يقرر الناظر المنزول له لأنه بالخيار بينه وبين غيره ولو قال اقترض لي مائة ولك عشرة فهو جعالة ذكره الماوردي والروياني .
والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وله الحمد ظاهرا وباطنا أولا وآخرا .
وقد تم النصف الأول من " شرح المنهاج " على يد مؤلفه ، غفر الله له ذنبه وستر عيبه ( محمد بن أحمد الرملي الأنصاري الشافعي ) حامدا ومصليا ومسلما ومحسبلا ومحوقلا في ثامن عشر جمادى الآخرة سنة سبع وستين وتسعمائة وأسأله الإعانة على الإتمام بجاه محمد سيد الأنام ومصباح الظلام ، وهو حسبي ونعم الوكيل ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم آمين .