( وإذا ) ولا مكروها : أي لذاته لا لعارض كما يعلم مما يأتي في النذر فيهما ، وكذا إذا أوصى لغير جهة يشترط عدم المعصية والكراهة أيضا ، ومن ثم بطلت لكافر بنحو مسلم أو مصحف ، وإنما اقتصر على الأولى ; لكثرة وقوعها أو قصدها بخلاف غير الجهة ، وشمل عدم المعصية القربة كعمارة المساجد ولو من كافر وقبور الأنبياء والعلماء والصالحين لما في ذلك من إحياء الزيارة والتبرك بها ، ولعل المراد به كما قاله صاحب الذخائر ، وأشعر به كلام الإحياء في أوائل كتاب الحج ، وكلامه في الوسيط في زكاة النقد يشير إليه أن تبنى على قبورهم القباب والقناطر كما يفعل في المشاهد إذا كان الدفن في مواضع مملوكة لهم أو لمن دفنهم فيها لا بناء القبور نفسها للنهي عنه ، ولا فعله في المقابر المسبلة فإن فيه تضييقا على المسلمين خلافا لما استوجهه أوصى لجهة عامة فالشرط أن لا تكون معصية الزركشي من كون المراد بعمارتها رد التراب فيها وملازمتها خوفا من الوحش والقراءة عندها ، وإعلام الزائرين بها لئلا تندرس .
وفي زيادات العبادي لو بطلت الوصية ، ولعله مبني عن أن الدفن في البيت مكروه وليس كذلك . والمباحة كفك أسارى كفار منا ، وإن كان الموصي ذميا ; لأن الوصية جائزة للمعين من أهل الحرب فالأسارى أولى وبناء رباط أوصى بأن يدفن في بيته لأهل الذمة أو سكناهم به ، وإن سميت كنيسة خلافا للسبكي [ ص: 43 ] ما لم يأت بما يدل على أنه للتعبد وحده أو مع نزول المارة على أوجه الوجهين خلافا لبعضهم . أما إذا كانت معصية فلا تصح من مسلم ولا كافر ( كعمارة ) أو ترميم ( كنيسة ) للتعبد أو إسراجها تعظيما أو بكتابة التوراة والإنجيل وقراءتهما أو أحكام شريعة اليهود والنصارى وكتب النجوم والفلسفة وسائر العلوم المحرمة ، وإعطاء أهل ردة أو حرب وشمل وقودها ما لو انتفع به مقيم أو مجاور بها بضوئه ; لأن فيه إعانة على تعبدهم وتعظيمها كما اقتضاه كلامهم واختاره جمع فإن قصد به انتفاعهم بذلك لا تعظيمها صحت كما لو أوصى بشيء لأهل الذمة .