( ومن ) ، أو لا ، أو لم يستشر في ذلك كما يجب على من علم بالمبيع عيبا أن يخبر به من يريد شراءه مطلقا فالاستشارة جري على الغالب وعلم عدم الفرق بين الأعراض والأموال ، خلافا لمن فرق بينهما بأن الأعراض أشد حرمة من الأموال ، وذلك لأن الضرر هنا أشد لأن فيه تكشف بضع وهتك سوأة وذو المروءة يسمح في الأموال بما لا يسمح به هنا ( ذكر ) وجوبا كما في الأذكار والرياض وشرح ( استشير في خاطب ) ، أو نحو عالم يريد الاجتماع به ، أو معاملته هل تصلح كفتاوى مسلم القفال وابن الصلاح وابن عبد السلام ، وتعبيره في الروضة بالجواز غير مناف للوجوب ( مساويه ) الشرعية ، وكذا العرفية فيما يظهر أخذا من الخبر الآتي : { فصعلوك لا مال له معاوية } أي عيوبه . وأما
سميت بذلك لأنها تسيء صاحبها : أي ما ينزجر به منها إن لم ينزجر بنحو ما يصلح لك كما قاله المصنف كالغزالي ، ولا ينافيه الخبر الآتي لاحتمال أنه صلى الله عليه وسلم علم من مستشيرته أنها وإن اكتفت بنحو لا يصلح لك تظن وصفا أقبح مما هو فيه فبين دفعا لهذا المحظور ، ولا يقاس به صلى الله عليه وسلم في ذلك غيره فيلزمه الاقتصار على ذلك وإن توهم نقص أفحش منه لأنه لفظ لا يتعبد به فلا مبالاة بإيهامه ( بصدق ) ليحذر بذلا للنصيحة الواجبة ، وصح { معاوية فقال : أما وأبي جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وهو كناية عن كثرة الضرب وأما أبو جهم فصعلوك لا مال له معاوية } . أنه صلى الله عليه وسلم استشير في
نعم إن علم أن الذكر لا يفيد أمسك كالمضطر لا يباح له إلا ما اضطر إليه .
وقد يؤخذ منه وجوب ذكر الأخف فالأخف من العيوب ، وهذا أحد أنواع الغيبة الجائزة ، وهي ذكر الغير بما فيه ، أو في نحو ولده ، أو زوجته أو ماله بما يكره : أي عرفا ، أو شرعا لا بنحو صلاح وإن كرهه فيما يظهر ولو بإشارة ، أو إيماء وبالقلب بأن أصر فيه على استحضار ذلك .
ومن أنواعها [ ص: 206 ] المباحة أيضا التظلم لذي قدرة على إنصافه أو الاستعانة به على تغيير منكر ودفع معصية ، والاستفتاء بأن يذكر وحال خصمه مع تعيينه للمفتي وإن أغنى إجماله لأنه قد يكون في التعيين فائدة ، ومجاهرة بفسق ، أو بدعة بأن لم يبال بما يقال فيه من جهة ذلك لخلعه جلباب الحياء فسقطت حرمته لكن لا يذكر بغير ما تجاهر به ، والأوجه أن مجاهرته بصغيرة كذلك فيذكرها فقط وشهرته بوصف يكرهه فيذكر للتعريف وإن أمكن تعريفه بغيره لا على وجه التنقيص ، والأوجه عدم الحرمة في حالة الإطلاق ، ولو استشير في نفسه وفيه مساو فالأوجه من تردد فيه ، واقتضاه إطلاقهما وجوب نحو لا أصلح لكم إن لم يسمح بالإعراض فإن رضوا به مع ذلك وإلا لزمه الترك أو الإخبار بما فيه من كل مذموم شرعا أو عرفا فيما يظهر نظير ما مر .
وما بحثه الأذرعي من تحريم ذكر ما فيه حرج كزنا بعيد وإن أمكن توجيهه بأن له مندوحة عنه بترك الخطبة بل يرده قولهم في باب الزنا باستحباب ستره على نفسه لا وجوبه .
وقول بعضهم لو علم رضاهم بعيبه فلا فائدة لذكره مردود بأن استشارتهم له في نفسه دالة على عدم رضاهم فتعين الإخبار ، أو الترك كما تقرر .
ومقتضى ما تقرر أن فرضهم التردد السابق فيما لو استشير في نفسه ليس للتقييد فيلزمه ذكر ما فيه بترتيبه السابق وإن لم يستشر وهو قياس من علم بمبيعه عيبا يلزمه ذكره مطلقا .