[ ص: 393 ] كتاب الخلع بالضم من الخلع بالفتح وهو النزع ، لأن كلا لباس للآخر كما في الآية . وأصله قبل الإجماع قوله تعالى { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } { فإن طبن لكم } الآية ، وخبر { البخاري وقد سألته زوجته أن يطلقها على حديقتها التي أصدقها إياها : خذ الحديقة وطلقها تطليقة لثابت بن قيس } وهو أنه صلى الله عليه وسلم قال ، أول خلع في الإسلام ، وقد يستحب كالطلاق ، وسواء في جوازه حالة الشقاق والوفاق ، فلو وهو مكروه كان في التخلص به تفصيل يأتي في الطلاق ، وإذا فعل الخلع في هذه الصورة فليشهد عليه ، فإنه إذا أعادها لا يقبل قوله فيه وإن صدقته كما جزم به بعضهم ، ويؤيده ما مر أن اتفاقهما على مفسد للعقد بعد الثلاث لا يفيد رفع التحليل ، وإنما قبلت البينة هنا كما هو مقتضى أمره بالإشهاد لإثم لأنه يمكن توجيهه بأنها هنا لا ترفع العقد الموجب للوقوع بخلافها ثم فكانت التهمة فيها أقوى ، ولو حلف بالثلاث على ما لا بد من فعله بطل الخلع ووقع رجعيا أولا بقصد ذلك وقع باطنا ويأثم بمنعه في الحالين وإن تحقق زناها ، كذا نقله في الشامل والبحر وغيرهما عن منعها نحو نفقتها لتختلع منه بمال ففعلت لكنه رأي مرجوح ، والمعتمد أنه ليس بإكراه ، والخلاف في ذلك قريب من الخلاف في بيع المصادر لأنه إذا منعها حقها لم يكرهها على الخلع بخصوصه ، ولعل الفرق على الأول أنه لما اقترن المنع بقصد الخلع وكان يعسر تخليص مثل ذلك منه بالحاكم لمشقته وتكرره ، نزل منزلة الإكراه بالنسبة لالتزام المال ، بخلاف ما إذا لم يقصد ذلك ( هو فرقة بعوض ) مقصود كميتة ، وقود لها عليه راجع لجهة الزوج أو سيده ، ولو كان العوض تقديرا كأن خالعها على ما في كفها وهما عالمان بأنه لا شيء فيه فيجب مهر المثل ، إذ الشيخ أبي حامد
[ ص: 394 ] قوله في كفها صلة لما أو صفة لها غايته أنه وصفه بصفة كاذبة فتلغو فيصير كأنه خالعها على شيء مجهول ، وكذا على البراءة من صداقها ولا شيء لها عليه ، ويؤخذ من اكتفائهم في العوض بالتقدير صحة ما أفتى به جمع فيمن فإنه يصح الإبراء ويقع الطلاق لأنها مالكة للمهر حال الإبراء ، وإذا صح لا يرتفع وإن ذهب آخرون إلى عدم الوقوع لأن من لازمه رجوع النصف إليه فلم يبرأ من الجميع فلم يوجد المعلق به من الإبراء من كله ، ولأن المعلق بصفة يقع مقارنا لها كما ذكروه في تعاليق الطلاق بمقتضى لفظه وتأييد بعضهم ذلك بصحة خلعها المنجز به لكنه يرجح عليها بنصف مهر المثل لفساد نصف عوضه برجوعه به للزوج ممنوع إذ لا ملازمة لما مر أنها لو أبرأته ثم طلقها لم يرجع عليها بشيء وبأن معنى قولهم في تعاليق الطلاق الشرط علة وضعية والطلاق معلولها فيتقارنان في الوجود كالعلة الحقيقية مع معلولها أنه إذا وجد الشرط قارنه المشروط فهنا إذا وجد الإبراء قارنه الطلاق ، والتشطير إنما يوجد عقب الطلاق وعقبه لم يبق مهر حتى يتشطر على أن جمعا على تقدمها بالزمان على معلولها واختاره قال لزوجته قبل الدخول إن أبرأتني من مهرك فأنت طالق فأبرأته السبكي وغيره ، بل على الأول بينهما تقدم وتأخر من حيث الرتبة ، ويفرق بين ما هنا والخلع المنجز بأن البراءة وجدت في ضمنه وفي مسألتنا وجدت متقدمة على وقت
[ ص: 395 ] التشطير فلم يرجع منه شيء له ، أما فرقة بلا عوض أو بعوض غير مقصود كدم أو بمقصود راجع لغير من مر كأن علق طلاقها على إبرائها زيدا عما لها عليه فإنه لا يكون خلعا بل يقع رجعيا ( بلفظ طلاق ) أي بلفظ محصل له صريح أو كناية ومن ذلك لفظ المفاداة الآتي ، ولكون لفظ الخلع الأصل في الباب عطفه على ما قبله من باب عطف الأخص على الأعم فقال ( أو خلع ) فالمراد بالخلع في الترجمة معناه كما أفاده حده له .