( في الأصح ) لقوله صلى الله عليه وسلم { ( والإمامة أفضل منه ) أي الأذان } رواه الشيخان ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين واظبوا على الإمامة دون الأذان وإن كان صلى الله عليه وسلم قد أذن في السفر راكبا ، ولأن القيام بالشيء أولى من الدعاء إليه ( ليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم قلت : الأصح أنه أفضل والله أعلم ) فقد نقل عن النص وأكثر الأصحاب لأنه علامة على الوقت [ ص: 417 ] فهو أكثر نفعا منها ولما صح من قوله صلى الله عليه وسلم { } أي اقترعوا ، وقوله { لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول لاستهموا عليه } وقوله { إن خيار عباد الله يراعون الشمس والقمر والنجوم والأظلة لذكر الله } أي أكثر رجاء لأن راجي الشيء يمد عنقه إليه ، وقيل بكسر الهمزة : أي إسراعا إلى الجنة ، وقوله { المؤذنون أطول أعناقا يوم القيامة } والأمانة أعلى من الضمان والمغفرة أعلى من الإرشاد وخبر { الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن ، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين } وإنما واظب صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون بعده على الإمامة ولم يؤذنوا لاشتغالهم بمهمات الدين التي لا يقوم غيرهم فيها مقامهم ، ولهذا قال المؤذن يغفر له مدى صوته ويشهد له كل رطب ويابس عمر رضي الله عنه لولا الخليفى لأذنت .
واعترض بأن الاشتغال بذلك إنما يمنع الإدامة لا الفعل في بعض الأحيان لا سيما أوقات الفراغ ، كما اعترض الجواب بأنه لو أذن صلى الله عليه وسلم لقال إني رسول الله وهو لا يجزئ ، أو أن محمدا رسول الله ولا جزالة فيه بأنه في غاية الجزالة ككل إقامة ظاهر مقام مضمر لنكتة . والأحسن في الجواب أن عدم فعله للأذان لا دلالة فيه لأحد القولين لاحتماله ، وأما أنه عليه الصلاة والسلام لو أذن لوجب حضور الجماعة فقد رده الإسنوي بأنه أذن في بعض أسفاره ، ورد عليه بأن الجماعة الذين أذن لهم كانوا حاضرين معه على أن معنى أذن عند بعضهم أمر كما في رواية أخرى ، وسواء على رأي المصنف أقام الإمام بحقوق الإمامة أم لا ، وسواء انضم إليه الإقامة أم لا ، خلافا للمصنف في نكت التنبيه ، وإنما كان الأذان أفضل مع كونه سنة والجماعة فرض كفاية لأن السنة قد تفضل الفرض كرد السلام مع ابتدائه وإبراء المعسر وإنظاره فإن الأول سنة والثاني فرض ، على أن مرجوحية الإمامة ليست من جهة الجماعة بل من جهة خصوص كونها مظنة التقصير ، وأيضا فالجماعة ليست خاصة بالإمام لأنها قدر مشترك بين الإمام والمأموم ، وشمل كلام المصنف إمامة الجمعة فالأذان أفضل منها أيضا ويظهر أن إمامتها أفضل من خطبتها ، ويلزم من تفضيل الأذان على إمامتها تفضيله على خطبتها بطريق الأولى .