فصل في بيان القبلة وما يتبعها
الكعبة بصدره لا بوجهه ( شرط لصلاة القادر ) على الاستقبال لقوله تعالى { ( استقبال ) عين ( القبلة ) أي فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } أي جهته ، والاستقبال لا يجب في غير [ ص: 425 ] الصلاة فتعين أن يكون فيها ، ولخبر الصحيحين { الكعبة وقال هذه القبلة } مع خبر { أنه صلى الله عليه وسلم ركع ركعتين قبل } وقبل بضم القاف والباء ويجوز إسكانها . صلوا كما رأيتموني أصلي
قال بعضهم : معناه مقابلها ، وبعضهم ما استقبلك منها : أي وجهها ، ويؤيده رواية { ابن عمر الكعبة } وروى وصلى ركعتين في وجه في مسنده أحمد في صحيحه { وابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل البيت في اليوم الأول ولم يصل ، ودخل في اليوم الثاني وصلى } وفي هذا جواب نفي الصلاة . أسامة
والأصحاب ومنهم المصنف في شرح المهذب قد أجابوا باحتمال الدخول مرتين ، وقد ثبت ذلك بالنقل لا بالاحتمال ، وأما خبر { } فمحمول على أهل ما بين المشرق والمغرب قبلة المدينة ومن داناهم ، وسميت قبلة لأن المصلي يقابلها وكعبة لارتفاعها ، وقيل لاستدارتها وارتفاعها ، { بيت المقدس . قيل بأمر ، وقيل برأيه ، وكان يجعل الكعبة بينه وبينه فيقف بين اليمانيين ، فلما هاجر استدبرها فشق عليه ، فسأل جبريل أن يسأل ربه التحول إليها [ ص: 426 ] فنزل { فول وجهك } الآية ، وقد صلى ركعتين من الظهر فتحول } ، وما في وكان عليه الصلاة والسلام أول أمره يستقبل { البخاري للكعبة العصر } أي كاملة وكان التحويل في رجب بعد الهجرة بستة عشر أو سبعة عشر شهرا ، وقيل غير ذلك ، واحترز إن أول صلاة صليت المصنف بالقادر عن العاجز كمريض عجز عمن يوجهه ومربوط على خشبة وغريق على لوح يخاف من استقباله الغرق ، ومن خاف من نزوله عن دابته على نفسه أو ماله أو انقطاعا عن الرفقة فإنه يصلي على حسب حاله ويعيد على الأصح لندرته ، وقول ابن الرفعة وجوب الإعادة دليل الاشتراط : أي لا يحتاج للتقييد بالقادر مردود بأنه لو كان شرطا لما صحت الصلاة بدونه وبأن وجوب القضاء لا دليل فيه ولهذا قال الأذرعي : يخدش ذلك [ ص: 427 ] حكمنا بصحة صلاة فاقد الطهورين ، فلو أمكنه أن يصلي إلى القبلة قاعدا وإلى غيرها قائما وجب الأول ، لأن فرض القبلة آكد من فرض القيام بدليل سقوطه في النفل مع القدرة من غير عذر .