( ولو ) وإنما قيد بالرشيد لقوله بعد ذلك ولو قطع فعفا ; إذ عفو غير الرشيد لاغ ( اقطعني ففعل فهدر ) لا قود فيه ولا دية كما لو قال اقتلني أو أتلف مالي ، نعم تجب الكفارة وإذن القن يسقط القود دون المال ، وإذن غير المكلف والمكره لا يسقط شيئا ( فإن سرى ) القطع إلى النفس ( أو قال ) ابتداء ( اقتلني ) فقتله ( فهدر ) كما ذكر للإذن ، ولأن الأصح ثبوت الدية للمورث ابتداء : أي لأنها بدل عن القود المبدل عن نفسه ، نعم تجب الكفارة ويعزر ( وفي قول تجب دية ) بناء على المرجوح أنها تجب للورثة ابتداء ( ولو قطع ) بضم أوله أي عضوه وضبطه بفتحه أيضا ( فعفا ) أي أتى بلفظ يقتضي الترك بدليل قوله بعد أو جرى لفظ عفو ( عن قوده وأرشه فإن لم يسر ) القطع ( فلا شيء ) من قود ودية لإسقاط المستحق حقه بعد ثبوته ( وإن سرى ) إلى النفس ( فلا قصاص ) في نفس وطرف لتولد السراية من معفو عنه ، وخرج بقوله : قطع ما لا يوجب قودا كجائفة ، وقد عفا المجني عليه عن القود فيها [ ص: 312 ] ثم سرت الجناية لنفسه فلوليه القصاص في النفس لصدور عفوه عن قود غير ثابت فلم يؤثر عفوه . ( قال ) حر مكلف مختار ( رشيد ) أو سفيه لآخر
وبقوله عن قوده وأرشه ما لو فإنه عفو عن القود لا الأرش كما في الأم : أي فله أن يعفو عقبه عليه لا أنه يجب بلا اختياره الفوري كما هو ظاهر أخذا مما مر فيما لو أطلق العفو ( وأما أرش العضو فإن جرى ) في صيغة العفو عنه ( لفظ وصية ك أوصيت له بأرش هذه الجناية فوصية لقاتل ) وهي صحيحة على الأصح ، ثم إن خرج الأرش من الثلث أو أجاز الوارث سقط وإلا نفذت منه في قدر الثلث ( أو ) جرى ( لفظ إبراء أو إسقاط أو عفو سقط ) قطعا إن خرج من الثلث أو أجاز الوارث وإلا فبقدره ; لأنه إسقاط ناجز ، والوصية متعلقة بحالة الموت ، ولعلهم إنما سامحوا في صحة الإبراء هنا عن العضو ومع الجهل بواجبه حال الإبراء ; لأن واجب الجناية المستقر إنما يتبين بالموت الواقع بعد وحينئذ فهو في مقابلة النفس دون العضو ولأن جنس الدية سومح فيه بصحة الإبراء منها مع أنواع من الجهل فيها كما علم مما مر في الصلح وغيره ومما يأتي فيها ( وقيل ) هو ( وصية ) لاعتباره من الثلث اتفاقا فيجرى فيها خلاف الوصية للقاتل ، ويرد بأن الوصية له إنما تتحقق فيما لو علق بالموت دون التبرع [ ص: 313 ] الناجز وإن كان في مرض الموت ، هذا كله في أرش العضو لا ما زاد عليه كما قال . قال عفوت عن هذه الجناية ولم يزد
( وتجب الزيادة عليه ) أي على أرش العضو ( إلى تمام الدية ) للسراية وإن تعرض في عفوه لما يحدث ; لأنه إسقاط للشيء قبل ثبوته وهو باطل ( وفي قول إن تعرض في عفوه ) عن الجناية ( لما يحدث منها سقطت الزيادة ) بناء على المرجوح وهو صحة الإبراء عما لم يجب إذا جرى سبب وجوبه وهذا في غير لفظ الوصية ، فإن عفا عما يحدث منها بلفظها ك أوصيت له بأرش هذه الجناية وما يحدث منها فهي وصية بجميع الدية للقاتل ، وفيها ما مر ، ولو ولم يجب للسراية شيء ، ففي ساوى الأرش الدية صح العفو عنه سقطت الدية بكمالها إن وفى الثلث بها وإن لم نصحح الإبراء عما يحدث ; لأن أرش اليدين دية كاملة فلا يزاد بالسراية شيء ، وبذلك علم أنه لو قطع اليدين لو عفا عن أرش الجناية ، وما يحدث منها لم يأخذ إلا نصفها أو بعد قطع يده لم يأخذ شيئا إن ساواه فيها ، وإلا وجب التفاوت كما مر ( فلو ) عفا عن القاتل على الدية بعد قطع يده ( ضمن دية السراية في الأصح ) وإن تعرض في عفوه بغير لفظ وصية لما يحدث ; لأنه إنما عفا عن موجب جناية موجودة فلم تتناول غيرها ، وتعرضه لما يحدث باطل ; لأنه إبراء عما لم يجب . ( سرى ) قطع ما عفا عن قوده وأرشه ( إلى عضو آخر واندمل ) كأن قطع أصبعا فتأكل كفه واندمل الجرح الساري إليه
والثاني ينظر إلى أنها من معفو عنه