( أو ) ( توضأ بكل ) منهما ( مرة ) ولا يجتهد فيهما وإنما جاز له التوضؤ بكل منهما لتيقن استعمال الطهور ، ويعذر في تردده في النية للضرورة كمن اشتبه عليه ماء ( وماء ورد ) انقطعت رائحته ، ومقتضى العلة أنه يمتنع ذلك عند القدرة على ماء طاهر بيقين لفقد الضرورة وليس كذلك ; لأنهم لما لم يوجبوا عليه سلوك الطريق المحصلة للجزم فكذلك لا يجب عليه استعمال الطهور بيقين إذا قدر عليه وإن كان [ ص: 95 ] محصلا للجزم ، على أنه يمكن الجزم بالنية كأن يأخذ بكفه من أحدهما وبالأخرى من الآخر ويغسل بهما خديه معا ناويا ثم يعكس ثم يتم وضوءه بأحدهما ثم بالآخر ، ويلزمه حيث لم يقدر على طهور بيقين التطهر بكل منهما ، ولو زادت قيمة ماء الورد على قيمة ماء الطهارة خلافا نسي صلاة من الخمس لابن المقري في روضه ، ويفرق بينه وبين لزوم تكميل الناقص إن لم تزد قيمته على ثمن ماء الطهارة بأن الخلط ثم يذهب ماليته بالكلية من حيث كونه ماء ورد ، وهنا استعماله منفردا لا يذهبها بالكلية لإمكان تحصيل غسالته ، وهذا أولى الفروق كما أوضحته في شرح العباب .
ثم ما تقدم من منع الاجتهاد في ماء الورد محله بالنسبة للتطهير ، أما بالنسبة للشرب فيجوز كما قاله ، وله التطهير بالآخر للحكم عليه بأنه ماء والفرق بينه وبين الطهر أنه يستدعي الطهورية وهما مختلفان ، والشرب يستدعي الطاهرية وهما طاهران ، وإفساد الماوردي الشاشي رد بأنه وإن لم يحتج إليه فيه لكن شرب ماء الورد في ظنه يحتاج إليه ، وحينئذ فاستنتاج صحيح ; لأن استعمال الآخر للطهر وقع تبعا ، وقد عهد امتناع الاجتهاد للشيء مقصودا ويستفيده تبعا ، كما في امتناع الاجتهاد للوطء ويملكه تبعا فيها لو الماوردي فإنه يطؤها بعده لحل تصرفه فيها ، ولكونه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع ، وما بحثه اشتبهت أمته بأمة غيره واجتهد فيهما للملك الأذرعي من مجيء كلام في الماء والبول بعيد ، إذ كلامه يشير إلى أنه إنما أباح له الاجتهاد ليشرب ماء الورد ثم يتطهر بالآخر وهذا غير ممكن هنا ، وأيضا فكل من الماءين له أصل في أصل في المطلوب وهو الشرب ، فجاز الاجتهاد [ ص: 96 ] لذلك بخلاف الماء والبول ، فالأوجه أنه لا اجتهاد في ذلك ونحوه كميتة ومذكاة مطلقا ، بل إن وجد اضطرار جاز له التناول هجما ، وإلا امتنع ولو باجتهاد وبذلك يندفع ما في التوسط وغيره ( وقيل له الاجتهاد ) فيهما كالماءين وفرق الأول بمثل ما تقدم في البول الماوردي