كتاب الزنى 
بالقصر أفصح من مده  ،  وهو من الكبائر . 
قال تعالى { ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا    } وأجمع أهل الملل على تحريمه  ،  ولهذا كان حده أشد الحدود ; لأنه جناية على الأعراض والأنساب . 
وهو ( إيلاج ) أي إدخال ( الذكر ) الأصلي المتصل ولو أشل : أي جميع حشفته المتصلة به  ،  والأوجه أن ما وجب الغسل به حد به وما لا فلا  ،  ودعوى الزركشي  وجوب الحد في الزائد كما تجب العدة بإيلاجه مردودة  ،  فقد صرح البغوي  بعدم حصول التحليل والإحصان به فهنا أولى  ،  ووجوب العدة للاحتياط لاحتمال الإحبال منه كاستدخال المني  ،  ويتجه تقييد إطلاق البغوي  المذكور في الإحصان والتحليل بما مر من عدم وجوب الغسل به أو قدرها من فاقدها لا مطلقا  ،  خلافا للبلقيني  حيث ذهب إلى أنه لو ثنى ذكره وأدخل قدرها منه ترتبت عليه الأحكام ولو مع حائل وإن كثف من آدمي واضح  ،  ولو ذكر نائم استدخلته امرأة  ،  وإن لم يمكن انتشاره كما هو الأقرب وإن بحث البلقيني  خلافه  ،  وقد علم مما قررناه أنه لا حد بإيلاج بعض الحشفة  كالغسل  ،  نعم يتجه أنه لو قطع من جانبها فلقة يسيرة بحيث  [ ص: 423 ] تسمى حشفة مع ذلك ويحس ويلتذ بها كالكاملة وجب الحد بها ( بفرج ) أي قبل آدمية واضح أصلي ولو غوراء كما بحثه الزركشي  ،  وهو ظاهر قياسا على الجناية  ،  أو جنية تحققت أنوثتها كما بحثه العراقي    ; لأن الطبع لا ينفر منها حينئذ ( محرم لعينه خال عن الشبهة ) التي يعتد بها كوطء أمة بيت المال وإن كانت من سهم المصالح الذي له حق فيه  ،  إذ لا يستحق فيه الإعفاف بحال  ،  وحربية لا بقصد قهر أو استيلاء  ،  ومملوكة غيره بإذنه على ما مر مفصلا في الرهن  ،  وما نقل عن  عطاء  في ذلك غير معتد به مع أنه لم يثبت عنه ( مشتهى طبعا ) راجع كالذي قبله لكل من الذكر والفرج وإن أوهم صنيعه خلافه . 
وحكم هذا الإيلاج الذي هو مسمى اسم الزنى  ،  إذ الإيلاج المذكور بقيوده هو مسماه  ،  والاسم الزنى إذا وجدت هذه القيود جميعها أنه ( يوجب الحد ) الجلد والتغريب أو الرجم بالإجماع  ،  وسيأتي محترزات هذه كلها . 
والخنثى  حكمه هنا كالغسل إن وجب الغسل وجب الحد وإلا فلا  ،  وما قيل من أن قوله خال عن الشبهة لا يوصف بحل ولا بحرمة  [ ص: 424 ] رد بأن التحريم أصالة للعين  ،  والشبهة أمر طارئ عليه فلم يغن عنها وتعين ذكرها لإفادة الاعتداد بها مع طروها على الأصل ( ودبر ذكر وأنثى كقبل على المذهب ) ففيه رجم الفاعل المحصن وجلد وتغريب غيره وإن كان دبر عبده ; لأنه زنى وفارق دبره إتيان أمته ولو محرما في دبرها  حيث لا يحد به على الراجح بأن الملك يبيح إتيان القبل في الجملة ولا يبيح هذا المحل بحال  ،  وفي قول يقتل فاعله بالسيف محصنا كان أو لا  ،  وفي طريق أن الإيلاج في دبر المرأة  زنى وقد علم أن إتيانه حليلته في دبرها  لا حد فيه ; لأن سائر جسدها مباح للوطء فانتهض شبهة في الدبر وأمته المزوجة تحريمها لعارض فلم يعتد به هذا حكم الفاعل . 
أما الموطوء في دبره  ،  فإن أكره أو لم يكلف فلا شيء له ولا عليه  ،  وإن كان مكلفا مختارا جلد وغرب ولو محصنا ذكرا كان أو أنثى ; إذ الدبر لا يتصور فيه إحصان  ،  وفي وطء الحليلة التعزير إن عاد له بعد نهي الحاكم له عنه . 
     	
		
				
						
						
