( الجلوس بين سجدتيه مطمئنا ) ولو في نفل نظير ما مر ( ويجب أن لا يقصد برفعه غيره ) أي الجلوس لما مر في الركوع ، فلو رفع فزعا من شيء لم يكف ويجب عليه عوده إلى سجوده ( وأن لا يطوله ولا الاعتدال ) لكونهما ركنين قصيرين غير مقصودين لذاتهما بل للفصل ، وسيأتي حكم تطويلهما في سجود السهو ( وأكمله يكبر ) من غير رفع يد مع رفع رأسه من سجوده للاتباع رواه الشيخان ( ويجلس مفترشا ) فيه وسيأتي بيانه لأنه جلوس يعقبه حركة فكان الافتراش فيه أولى . ( الثامن ) من أركانها
وروي عن أنه يجلس على عقبيه ويكون صدور قدميه على الأرض ، وهذا نوع من الإقعاء وتقدم أنه مستحب هنا والافتراش أكمل منه ( واضعا يديه ) أي كفيه على فخذيه ( قريبا من ركبتيه ) بحيث تسامت رءوسهما الركبة للاتباع ، ولا يضر : أي في أصل السنة فيما يظهر انعطاف رءوس الأصابع على الركبتين ، والحكمة في ذلك منع يديه من العبث ، وأن هذه الهيئة أقرب إلى التواضع ، وعلم من ذكر الواو أن كلا سنة مستقلة ( وينشر أصابعه مضمومة للقبلة ) كما في السجود أخذا من الروضة ( قائلا : رب اغفر لي وارحمني وأجبرني وارفعني وارزقني واهدني وعافني ) للاتباع روى بعضه الشافعي أبو داود وباقيه . ابن ماجه
وقال المتولي : يستحب للمنفرد : أي وإمام من مر أن يزيد على ذلك رب هب لي قلبا تقيا نقيا من الشرك بريا لا كافرا ولا شقيا وارفعني وارحمني من زيادته على المحرر ، وأسقط من الروضة ذكر ارحمني وزاد في الإحياء بعد قوله وعافني واعف عني وفي تحرير الجرجاني يقول رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم ( ثم يسجد ) السجدة ( الثانية كالأولى ) في أقلها وأكملها ، وإنما لأنه أبلغ في التواضع [ ص: 518 ] وأنه لما ترقى فقام ثم ركع ثم سجد وأتى بنهاية الخدمة أذن له في الجلوس فسجد ثانيا شكرا لله على استخلاصه إياه ولأن الشارع لما أمر بالدعاء فيه وأخبر بأنه حقيق بالإجابة سجد ثانيا شكرا لله على إجابتنا لما طلبناه ، كما هو المعتاد فيمن سأل ملكا شيئا فأجابه ، ولأنه لما عرج به صلى الله عليه وسلم إلى السماء فمن كان من الملائكة قائما سلم عليه كذلك ثم سجدوا شكرا لله تعالى على رؤيته صلى الله عليه وسلم ، ومن كان راكعا رفع رأسه من الركوع سلموا عليه ثم سجدوا شكرا لله تعالى على رؤيته ، فلم يرد الله أن يكون للملائكة حال إلا وجعل لهذه الأمة حالا هو مثل حالهم ، ولأن فيه إشارة إلى أنه خلق من الأرض وسيعود إليها ( والمشهور سن ) شرع تكرار السجود دون غيره بعد سجود لغير تلاوة وقبل قيام بقدر الجلوس بين السجدتين للاتباع ، رواه ( جلسة خفيفة ) للاستراحة ( بعد السجدة الثانية في كل ركعة يقوم عنها ) البخاري والترمذي عن في عشرة من الصحابة ، وأما خبر { أبي حميد الساعدي كان صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من السجود استوى قائما } فغريب أو محمول على بيان الجواز .
والثاني لا تسن لخبر الآتي ، ولا يضر تخلف المأموم لأجلها وإن كره لأنه يسير ، بل إتيانه بها حينئذ سنة كما اقتضاه كلامهم وصرح به وائل بن حجر ابن النقيب وغيره ، وبه فارق ما لو تخلف للتشهد الأول .
نعم لو كان بطيء النهضة والإمام سريعها وسريع القراءة بحيث يفوته بعض الفاتحة لو تأخر لها حرم كما بحثه الأذرعي والأوجه خلافه ، ولا تسن للقاعد كما أفهمه قوله يقوم عنها ويظهر سنها في محل التشهد الأول عند تركه ، وفي غير العاشرة لمن صلى عشر ركعات مثلا بتشهد ، ويكره تطويلها على الجلوس بين السجدتين كما في التتمة ، ويؤخذ منه عدم بطلان الصلاة به وهو المعتمد كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى قال : [ ص: 519 ] وهو المراد بما في البحر والرونق أنها بقدر ما بين السجدتين ، إذ لو اقتضى تطويلها بطلان الصلاة لم تكن في صلاة الفرض إلا حراما ، ولقولهم تطويل الركن القصير يبطل عمده في الأصح فإنه مخرج لتطويل جلسة الاستراحة وتطويل جلوس التشهد الأول : أي فلا يبطل عمدهما الصلاة ، وإنما أبطلها تعمد تطويل الركن القصير لأنه تغيير لموضوع جزئها الحقيقي الذي تنتفي ماهيتها بانتفائه فأشبه نقص الأركان الطويلة بنقصان بعضها ، ولأنه يخل بالموالاة ولأن محله لا يتميز كونه عبادة عن العادة فطلب فيه ذكر ليتميز كما في القراءة بخلاف الركوع والسجود ا هـ .
وإفتاء البلقيني ببطلانها به ودعوى أن كلام التتمة مبني على ضعيف ممنوع ، وهي فاصلة وقيل من الأولى وقيل من الثانية ويستحب له أن يمد التكبير من رفعه من السجود إلى قيامه لا أنه يكبر تكبيرتين .