( ومن ) وإن [ ص: 137 ] امتنعت التضحية بها كالمعيبة والفصيل لا نحو ظبية وإنما ألحقت بالأضحية في تعين زمنها دون الصدقة المنذورة لقوة شبهها بالأضحية لا سيما وإراقة الدم في زمنها أكمل فلا يرد أنها مشبهة بالأضحية وليست بأضحية ( فقال لله علي ) وكذا علي وإن لم يقل لله كما يعلم من كلامه في باب النذر ( أن أضحي بهذه ) أو هي أو هذه أضحية أو هدي أو جعلتها أضحية زال ملكه عنها بمجرد تعيينها كما لو نذر التصدق بمال بعينه و ( لزمه ذبحها في هذا الوقت ) أداء ، وهو أول ما يلقاه من وقتها بعد نذره لأنه التزمها أضحية فتعين وقتها لذبحها وتفارق النذور والكفارات حيث لم يجب الفور فيها أصالة بأنها مرسلة في الذمة ، بخلاف ما هنا فإنه في عين وهي غير قابلة للتأخير كما لا تقبل التأجيل ، ولا يشكل على ذلك ما لو قال علي أن أضحي بشاة مثلا حيث وجب فيها ما مر لإمكان الفرق بأن التعيين هنا هو الغالب فألحقنا ما في الذمة به بخلافه في الأبواب المذكورة ، وخرج بقوله فقال ما لو نوى ذلك فإنه يكون لاغيا كما لو نوى النذر ، وأفهم كلامه عدم احتياجه إلى نية مع قوله المذكور بل لا عبرة بنية خلافه لصراحته ، وحينئذ فما يقع في ألسنة العوام كثيرا من شرائهم ما يريدون التضحية به من أوائل السنة وكل من سألهم عنها يقولون له : هذه أضحية مع جهلهم بما يترتب على ذلك من الأحكام تصير به أضحية واجبة يمتنع عليه أكله منها ، ولا يقبل قوله أردت أن أتطوع بها خلافا لبعضهم ، ولا ينافي ذلك قولهم يسن أن يقول بسم الله اللهم هذه عقيقة فلان مع تصريحهم بحل [ ص: 138 ] الأكل منها لصراحته في الدعاء إذ ذكر ذلك بعد البسملة صريح في أنه لم يرد سوى التبرك ، وحينئذ فوجد هنا قرينة لفظية صارفة ولا كذلك هذه أضحية ، وأفهم قولنا أداء صيرورتها قضاء بعد فوات ذلك الوقت وهو كذلك فيذبحها ويصرفها في مصارفها ( فإن تلفت ) أو سرقت أو ضلت أو طرأ فيها عيب يمنع إجزاءها ( قبله ) أي وقت التضحية أو فيه ولم يتمكن من ذبحها ولم يقع منه في جميع الحالات تفريط ( فلا شيء عليه ) فلا يلزمه بدلها لزوال ملكه عنها بالالتزام وبقائها في يده كالوديعة ، ولا ينافيه عدم زوال ملكه عن قن التزم عتقه قبل الإعتاق وإن كان بيعه ونحوه قبل ذلك ممتنعا لأنه لا يمكن أن يملك نفسه ، وبالعتق لا ينتقل الملك فيه لأحد بل يزول عن اختصاص الآدمي به ، ومن ثم لو أتلفه الناذر لم يضمنه ، وأما الأضحية بعد ذبحها فملاكها موجودون ، ومن ثم لو أتلفها ضمنها ولو ضلت من غير تقصير لم يكلف تحصيلها . ( نذر ) واحدة من النعم مملوكة له ( معينة )
نعم إن لم يحتج في ذلك إلى مؤنة لها وقع عرفا فالمتجه لزومه بذلك ، ويضمنها بتأخير ذبحها بلا عذر بعد دخول وقته ، ولو اشترى شاة وجعلها أضحية ثم وجد بها عيبا قديما تعين الأرش وامتنع ردها لزوال ملكه عنها كما مر وهو للمضحي ، ولو زال عيبها لم تصر أضحية إذ السلامة لم توجد إلا بعد زوال ملكه عنها فأشبه ما لو أعتق عن كفارته أعمى فأبصر ، بخلاف ما لو كمل من التزم عتقه قبل إعتاقه فإنه يجزي عتقه عن الكفارة ولو عين معيبة ابتداء صرفها مصرفها وأردفها بسليمة أو تعيبت فضحية ولا شيء عليه ، أو عين سليما عن نذره ثم عيبه أو تعيب أو تلف أو ضل أبدله بسليم ، وله اقتناء تلك المعيبة والضالة لانفكاكها عن الاختصاص وعودها لملكه من غير إنشاء تملك خلافا لما يوهمه كلام جمع ( فإن أتلفها ) [ ص: 139 ] أو تلفت بتقصيره أو ضلت : أي وقد فات وقتها وأيس من تحصيلها فيما يظهر وبه يجمع بينه وبين ما مر آنفا ، أو سرقت ( لزمه ) أكثر الأمرين من قيمتها يوم تلفها أو نحوه وتحصيل مثلها فلو كانت قيمتها يوم الإتلاف أكثر ثم رخص سعرها وأمكن شراء مثل الشاة الأولى ببعضها فيشترى به كريمة أو شاتان فصاعدا وإن لم توجد وفضل ما لا يكفي لأخرى اشتري به شقص .
فإن لم يمكن شراء شقص به لقلته اشتري به لحم أو تصدق به دراهم ولا يؤخرها لوجوده فيما يظهر ، وأما إذا تساوى المثل والقيمة أو زادت عنه لزمه ( أن يشتري بقيمتها ) يوم نحو إتلافها ( مثلها ) نوعا وجنسا وسنا ( و ) أن ( يذبحها فيه ) أي الوقت لتعديه ويتعين ما اشتراه للأضحية إن وقع الشراء بعين القيمة أو في الذمة بنية كونه عنها وإلا فيجعله بعد الشراء بدلا عنها ، والمتجه عدم تعين الشراء بالقيمة لو كان عنده مثلها وأراد إخراجه عنها وإن اقتضى كلامهم خلافه ، والأوجه كما هو ظاهر كلامهم تمكينه من الشراء وإن كان قد خان بإتلاف ونحوه لإثبات الشارع له ولاية الذبح والتفرقة المستدعية لبقاء ولايته على البدل أيضا ، والعدالة هنا غير مشترطة حتى تنتقل الولاية للحاكم ، بخلافه في نحو وصي خان فاندفع توقف الأذرعي في ذلك وبحثه أن الحاكم هو المشتري ( وإن نذر في ذمته ) أضحية كعلي أضحية ( ثم عين ) المنذور بنحو عينت هذه الشاة لنذري .
ويلزمه تعيين سليمة ويزول ملكه عنها بمجرد التعيين ( لزمه ذبحه فيه ) أي الوقت لأنه التزم أضحية في ذمته وهي مؤقتة ومختلفة باختلاف أشخاصها ، فكان في التعيين غرض أي غرض ، وبهذا فارقت ما لو قال عينت هذه الدراهم عما [ ص: 140 ] في ذمتي من زكاة أو نذر حيث لم تتعين لانتفاء الغرض في تعيينها ، ويمكن رجوع ذلك لفرق الروضة وهو أن تعيين كل من الدراهم وما في الذمة ضعيف لأن سبب ضعف تعيينها عدم تعلق غرض به فيرجع للأول ، أما إذا التزم معيبة ثم عين معيبة فلا تتعين بل له ذبح سليمة وهو الأفضل فعلم أن المعيب يثبت في الذمة ، وما قالاه عن التهذيب إنه لو ذبح المعيبة المعينة للتضحية قبل يوم النحر تصدق بلحمها ولا يأكل منه شيئا وعليه قيمتها يتصدق بها ولا يشتري بها أخرى لأن المعيب لا يثبت في الذمة محمول على أنه أراد أن بدل المعيب لا يثبت في الذمة .
( فإن تلفت ) المعينة وإن لم يقصر ولو ( قبله ) أي الوقت ( بقي الأصل عليه ) كما كان ( في الأصح ) لبطلان التعيين في التلف ، إذ ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض صحيح ، وهذا كما لو اشترى من مدينه سلعة بدينه ثم تلفت قبل تسلمها فإنه ينفسخ البيع ويعود الدين كما كان .
والثاني لا يجب الإبدال لأنها تعينت بالتعيين