( أو ) حلف ( لا رأى منكرا )  [ ص: 213 ] أو نحو لغط ( إلا رفعه إلى القاضي فرأى ) منكرا ( وتمكن ) من رفعه له ( فلم يرفعه )  أي لم يوصله بنفسه ولا غيره بلفظ أو كتابة أو رسالة خبره له في محل ولايته لا في غيره إذ لا فائدة له ( حتى مات ) الحالف ( حنث ) قبيل موته لتفويته البر باختياره  ،  والمتجه اعتبار كونه منكرا باعتقاد الحالف دون غيره  ،  وأن الرؤية من الأعمى محمولة على العلم ومن بصير على رؤية البصر ( ويحمل ) القاضي في لفظ الحالف حيث لا نية له ( على قاضي البلد ) أي بلد الحلف لا بلد الحالف فيما يظهر نظير ما مر في مسألة الرءوس  ،  ولو اتحد قاضيهما فرأى المنكر بأحدهما أو بغيرهما فالمتجه أنه لا بد من رفعه إليه لأن القصد من هذه اليمين التوصل إلى طريق إزالته ( فإن عزل فالبر في الرفع إلى ) القاضي ( الثاني ) لأن التعريف بأل يعمه ويمنع التخصيص بالموجود حالة الحلف  ،  فإن تعدد في البلد تخير وإن خص كل بجانب فلا يتعين قاضي شق فاعل المنكر خلافا لابن الرفعة  ،  إذ رفع فعل المنكر للقاضي منوط بإخباره به لا بوجوب إجابة فاعله  ،  ومعلوم أن إزالته ممكنة منه . 
ولو رآه بحضرة القاضي فالمتجه أنه لا بد من إخباره به لأنه قد يتيقظ له بعد غفلته عنه ولو كان فاعل المنكر القاضي  ،  فإن كان ثم قاض آخر رفعه إليه وإلا لم نكلفه كما هو الظاهر بقوله رفعت إليك نفسك لأن هذا لا يراد عرفا من لا رأيت منكرا إلا رفعته إلى القاضي ( أو إلا رفعه إلى قاض بر بكل قاض ) بكل بلد كان لصدق الاسم وإن حصلت له الولاية بعد الحلف ( أو إلى القاضي فلان فرآه ) أي الحالف المنكر ( ثم ) لم يرفعه إليه حتى ( عزل  ،  فإن نوى ما دام قاضيا حنث ) بعزله ( إن أمكنه رفعه ) إليه قبله ( فتركه ) لأنه فوت البر باختياره  ،  ولا ينافيه ما في الروضة من عدم حنثه لتمكنه من الرفع إليه بعد ولايته ثانيا لأنه عبر في الكتاب هنا بالديمومة وهي تنقطع بعزله  ،  ولم يعبر في الروضة بها فافترقا  ،  ولا يقال : إن الظرف في لا رأيت منكرا إلا رفعته إلى القاضي فلان ما دام قاضيا  ،  إنما هو ظرف للرفع والديمومة موجودة في رفعه إليه حال القضاء  ،  لأن كلامهم في نحو لا أكلمه ما دام في البلد فخرج ثم عاد يقتضي أنه لا بد من بقاء الوصف المعلق  [ ص: 214 ] بدوامه من الحلف إلى الحنث  ،  فمتى زال بينهما فلا حنث عملا بالمتبادر من عبارته . 
( وإلا ) بأن لم يتمكن من الرفع إليه لنحو حبس أو مرض أو تحجب القاضي ولم تمكنه مراسلة ولا كتابة ( فكمكره ) فلا يحنث ( وإن لم ينو ) ما دام قاضيا ( بر برفع إليه بعد عزله ) سواء أنوى عينه أم لم ينو شيئا لتعلق اليمين بعينه  ،  وذكر القضاء للتعريف فأشبه قوله لا أدخل دار زيد هذه فباعها ثم دخلها فإنه يحنث تغليبا للعين  ،  مع أن كلا من الوصف والإضافة يطرأ ويزول  ،  وبذلك فارق ما مر في لا أكلم هذا العبد فكلمه بعد عتقه لأن الرق ليس من شأنه أن يطرأ ويزول  ،  ولو حلف لا يسافر بحرا شمل ذلك النهر العظيم كما أفتى به الوالد  رحمه الله تعالى  ،  فقد صرح  الجوهري  في صحاحه بأنه يسمى بحرا  ،  قال : فإن حلف ليسافرن بر بقصير السفر  ،  والأقرب الاكتفاء بوصوله محلا يترخص منه المسافر  ،  وإنما قيدوا ذلك بما يتنفل فيه المسافر على الدابة لأن ذاك رخصة تجوزها الحاجة ولا حاجة فيما دون ذلك . 
     	
		
				
						
						
