كتاب الكتابة بكسر الكاف ، وقيل بفتحها كالعتاقة وهي لغة الضم والجمع ، وشرعا عقد عتق بلفظها بعوض منجم بنجمين فأكثر ، وسمي كتابة لما فيه من ضم نجم إلى آخر ، وقيل لأنه يرتفق بها غالبا وهي خارجة عن قواعد المعاملات لدورانها بين السيد ورقيقه لأنها بيع ماله بماله .
والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى { والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } وخبر { من أعان غارما أو غازيا أو مكاتبا في فك رقبته أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله } وخبر { } رواهما المكاتب عبد ما بقي عليه درهم وصح في إسنادهما ، والحاجة داعية إليها لأن السيد قد لا تسمح نفسه بالعتق مجانا ، والعبد لا يتشمر للكسب تشمره إذا علق عتقه بالتحصيل والأداء فاحتمل فيه ما لم يحتمل في غيره كما احتملت الجهالة في ربح القراض وعمل الجعالة للحاجة ، قال الحاكم الروياني : وهي إسلامية لا تعرف في الجاهلية .
وأركانها : قن ، وسيد ، وصيغة ، وعوض ( هي مستحب إن ) يفي بمؤنته ونجومه كما يدل عليه السياق ، واعتبار الأمانة خشية من تضييع ما يحصله ، ويؤخذ منه أن المراد بالأمين من لا يضيع المال وإن لم يكن عدلا لتركه نحو صلاة ، ويحتمل أن المراد الثقة : أي الذي لم يعرف بكثرة إنفاق ما بيده على الطاعة لأن مثل هذا لا يرجى عتقه بالكتابة ، وإنما لم تجب خلافا [ ص: 405 ] لجمع من طلبها رقيق أمين قوي على كسب السلف لظاهر الأمر في الآية لما فيها من الخطر وهو بيع ماله بماله والإباحة والندب من دليل آخر ( قيل أو غير قوي ) لأنه متى عرفت أمانته أعين بالصدقة والزكاة ، ورد بأن فيه ضررا على السيد ولا وثوق بتلك الإعانة ، قيل أو غير أمين لأنه يعان للحرية ورد بأنه يضيع ما يكسبه ( ولا تكره بحال ) بل هي مباحة وإن انتفت الشروط السابقة لأنها قد تفضي إلى العتق ، نعم إن كان . الرقيق فاسقا بسرقة أو نحوها وعلم سيده أنه لو كاتبه مع العجز عن الكسب لاكتسب بطريق الفسق
قال الأذرعي : فلا يبعد تحريمها لتضمنها التمكين من الفساد ، وهو قياس حرمة الصدقة والقرض إذا علم من آخذهما صرفهما في محرم وإن امتنع العبد منها وقد طلبها سيده لم يجبر عليها كعكسه