[ ص: 336 ] قوله ( وإن : فعله عنه وليه ) إذا مات وعليه صوم منذور فعله عنه وليه على الصحيح من المذهب ، نص عليه ، وعليه الأصحاب . قاله في الفروع وغيره ، وهو من المفردات ، واختار مات وعليه صوم ، أو حج ، أو اعتكاف منذور : أن صوم النذر عن الميت كقضاء رمضان على ما سبق ، وقدمه في الفروع . فائدتان . إحداهما : يجوز صوم جماعة عنه في يوم واحد ، ويجزئ عدتهم من الأيام على الصحيح ، اختاره ابن عقيل في شرحه . قال في الفروع : هو أظهر ، وقدمه المجد الزركشي ، وحكاه عن الإمام أحمد ، وحمل طاوس ما نقل عن المجد على صوم شرط التتابع ، وتعليل أحمد يدل عليه ، ونقل القاضي أبو طالب : يصوم واحد . قال في الخلاف : فمع الاشتراك كالحجة المنذورة تصح النيابة فيها من واحد لا من جماعة . الثانية : يجوز أن يصوم غير الولي بإذنه وبدونه . على الصحيح من المذهب ، قدمه في الفروع ، وقال : جزم به القاضي والأكثر [ منهم القاضي في المغني ] ، وقيل : لا يصح إلا بإذنه ، وذكر المصنف : أنه ظاهر نقل المجد حرب : يصوم أقرب الناس إليه : ابنه أو غيره . قال في الفروع : فيتوجه يلزم من الاقتصار على النص : أنه لا يصام بإذنه .
فائدتان . الأولى : قوله ( فعله عنه وليه ) . يستحب للولي فعله ، واعلم أنه إذا كان له تركة وجب فعله ، فيستحب للولي الصوم . وله أن يدفع [ ص: 337 ] إلى من يصوم عنه من تركته عن كل يوم مسكينا وجزم به في القاعدة الرابعة والأربعين بعد المائة ، فإن لم يكن له تركة لم يلزمه شيء ، وقال في المستوعب وغيره : ومع امتناع الولي من الصوم يجب إطعام مسكين من مال الميت عن كل يوم ، ومع صوم الورثة لا يجب . وجزم في مسألة من نذر صوما يعجز عنه : أن صوم النذر لا إطعام فيه بعد الموت ، بخلاف رمضان ، قال في الفروع : ولم أجد في كلامه خلافه . وقال المصنف : لم يذكر المجد في المجرد أن الورثة إذا امتنعوا يلزمهم استنابة ولا إطعام . الثانية : لا كفارة مع الصوم عنه ، أو الإطعام على الصحيح من المذهب ، واختار القاضي الشيخ تقي الدين : أن الصوم عنه بدل مجزئ عنه بلا كفارة ، وأوجب في المستوعب الكفارة . قال : كما لو فإنه يجب القضاء والكفارة . قال في الرعاية : إن لم يقضه عنه ورثته أو غيرهم : أطعم عنه من تركته لكل يوم فقير مع كفارة يمين . وإن قضى كفته كفارة يمين ، عين بنذره صوم شهر فلم يصمه مع العذر المتصل بالموت . وعنه
تنبيهات . الأول : هذا التفريع كله فيمن أمكنه صوم ما نذره فلم يصمه حتى مات ، فأما إن أمكنه صوم بعض ما نذره : قضى عنه ما أمكنه صومه فقط ، قدمه في الفروع ، قال في شرحه : ذكره المجد وبعض أصحابنا ، وذكره القاضي أيضا . وذكر ابن عقيل في مسألة الصوم عن الميت : أن من القاضي : يثبت الصيام في ذمته ، ولا يعتبر إمكان أدائه ، ويخير وليه بين أن يصوم عنه ، أو ينفق على من يصوم عنه . [ ص: 338 ] نذر صوم شهر وهو مريض ، ومات قبل القدرة عليه
واختار : أنه يقضي عن الميت ما تعذر فعله بالمرض دون المتعذر بالموت ، وقال في القاعدة التاسعة عشرة : وأما المنذورات : ففي اشتراط التمكن لها من الأداء وجهان ، فعلى القول بالقضاء : هل يقضي الصائم الفائت بالمرض خاصة ، أو الفائت بالمرض والموت ؟ على وجهين . الثاني : هذا كله إذا كان النذر في الذمة ، فأما إن المجد : لم يصم ولم يقض عنه . قال نذر صوم شهر بعينه فمات قبل دخوله في شرحه : وهذا مذهب سائر الأئمة ، ولا أعلم فيه خلافا . وإن مات في أثنائه سقط باقيه ، فإن لم يصمه لمرض حتى انقضى ، ثم مات في مرضه : فعلى الخلاف السابق فيما إذا كان في الذمة هذه أحكام من مات وعليه صوم نذر ، وأما من مات وعليه حج منذور ، فالصحيح من المذهب : أن وليه يفعله عنه ، ويصح منه ، وعليه أكثر الأصحاب ، ونص عليه المجد ، وفي الرعاية قول لا يصح . قال في الفروع : كذا قال . الإمام أحمد
فوائد . إحداها : لا يعتبر تمكنه من الحج في حياته على الصحيح من المذهب ، قدمه في الفروع ، في شرحه ، وقال : هو ظاهر كلامه . وهو أصح ، وقال والمجد في خلافه في القاضي لا يقضى عنه ، كالحج الواجب بأصل الشرع ، قال الفقير إذا نذر الحج ، ولم يملك بعد النذر زادا ولا راحلة حتى مات : وعليه قياس كل صورة مات قبل التمكن ، كالذي يموت قبل مجيء الوقت ، أو عند خوف الطريق ، قال : وهذه المسألة شبيهة بمسألة أمن الطريق وسعة الوقت : هل هو في حجة الفرض شرط للوجوب في الذمة ، أو للزوم الأداء ؟ . الثانية : حكم العمرة المنذورة حكم الحج المنذور إذا مات وهي عليه . [ ص: 339 ] الثالثة : يجوز أن يحج عنه حجة الإسلام بإذن وليه . بلا نزاع ، وبغير إذنه على الصحيح من المذهب ، واختاره المجد ابن عقيل . وهو ظاهر ما قدمه في الفروع وقيل : لا يصح بغير إذنه ، اختاره والمجد في الانتصار . ويأتي ذلك في كتاب الحج ، فعلى المذهب : له الرجوع بما أنفق على التركة . كذا لو أعتق عنه في نذر أو أطعم عنه في كفارة ، إذا قلنا : يصح ، ذكره في القاعدة الخامسة والسبعين في ضمن تعليل أبو الخطاب ، وأما إذا مات وعليه اعتكاف منذور ، فالصحيح من المذهب : أنه يفعل عنه . نقله الجماعة عن القاضي ، وعليه الأصحاب ، ونقل الإمام أحمد ابن إبراهيم وغيره : ينبغي لأهله أن يعتكفوا عنه ، وحكى في الرعاية قولا لا يصح أن يعتكف عنه . قال في الفروع : فيتوجه على هذا أن يخرج عنه كفارة يمين ، ويحتمل أن يطعم عنه لكل يوم مسكين . انتهى . فعلى المذهب : إن لم يمكنه فعله حتى مات ، فالخلاف السابق كالصوم ، وقيل : يقضي . وقيل : لا ، فعليه يسقط إلى غير بدل .
تنبيه : اعلم أن في نسخة كما حكيته في المتن هكذا " وإن مات وعليه صوم ، أو حج ، أو اعتكاف منذور " فلفظة " منذور " مؤخرة عن الاعتكاف ، وهكذا في نسخ قرئت على المصنف ، فغير ذلك بعض أصحاب المصنف المأذون له بالإصلاح ، فقال " وإن مات وعليه صوم منذور أو حج أو اعتكاف فعله عنه وليه " لأن تأخير لفظة " منذور " لا يخلو من حالين : إما أن يعيده إلى الثلاثة ، أو إلى الأخير ، وهو الاعتكاف ، وعلى كليهما يحصل في الكلام خلل ; لأنه لو عاد إلى الاعتكاف فقط بقي الصوم مطلقا . والولي لا يفعل الواجب بالشرع من الصوم ، وإن عاد إلى الثلاثة ، بقي الحج مشروطا بكونه منذورا ، ولا يشترط ذلك ; لأن الولي يفعل الحج الواجب بالشرع أيضا ، فلذلك غير . [ ص: 340 ] ولا يقال : إذا قدمنا لفظة " منذور " على الحج والاعتكاف ، يبقى الاعتكاف مطلقا ; لأنا نقول : المصنف . لا يكون الاعتكاف واجبا إلا بالنذر قلت : والذي يظهر أن كلام على [ صفة ] ما قاله من غير تغيير أولى ، ولا يرد على المصنف شيء مما ذكر ; لأن مراده هنا النيابة في المنذورات لا غير ، ولذلك ذكر الصلاة المنذورة ، والصوم المنذور ، فكذا الاعتكاف والحج ، وأما كون الحج إذا كان واجبا بالشرع يفعل : فهذا مسلم وقد صرح به المصنف في كتاب الحج ، فقال : ومن المصنف : أخرج عنه من جميع ماله حجة وعمرة ، وهذا واضح ، ولذلك ذكر غالب الأصحاب مثل ما قال وجب عليه الحج فتوفي قبله هنا ، فيذكرون الصوم والحج والاعتكاف المنذورات ، والله أعلم . المصنف