فائدة جليلة 
لو انفسخ البيع بعد قبضه بعيب ، أو خيار ، أو انتهت مدة العين المستأجرة . أو أقبضها الصداق وطلقها قبل الدخول . ففي ضمانه على من هو في يده أوجه . 
أحدها : حكم ضمانه بعد زوال العقد حكم ضمان المالك الأول قبل التسليم . إن كان مضمونا عليه كان مضمونا له . وإلا فلا . وهي طريقة  أبي الخطاب  ،  والمصنف  في الكافي في آخرين . فعلى هذا : إن كان عوضا في بيع ، أو نكاح ، كان متميزا : لم يضمن . على الصحيح . وإن كان غير متميز : ضمن . وإن كان في إجارة : ضمن بكل حال . 
الثاني : إن كان انتهاء العقد بسبب يستقل به من هو في يده كفسخ المشتري أو شارك فيه الآخر . كالفسخ منهما : فهو ضامن له . وإن استقل به الآخر كفسخ البائع وطلاق الزوج . فلا ضمان . لأنه حصل في يد هذا بغير سبب ولا عدوان . وهذا ظاهر ما ذكره في المغني في مسألة الصداق . وعلى هذا يتوجه ضمان العين المستأجرة بعد انتهاء المدة . 
الثالث : حكم الضمان بعد الفسخ  حكم ما قبله . فإن كان مضمونا فهو  [ ص: 391 ] مضمون . وإلا فلا فيكون البيع بعد فسخه مضمونا . لأنه كان مضمونا على المشتري بحكم العقد ، ولا يزول الضمان بالفسخ . صرح بذلك  القاضي  في خلافه . ومقتضى هذا : ضمان الصداق [ على المرأة ] وهو ظاهر كلام  المجد  ، وأنه لا ضمان في الإجارة على الراد . وصرح به  القاضي  وغيره ، حتى قال  القاضي  ،  وأبو الخطاب    : لو عجل أجرتها ، ثم انفسخت قبل انتهاء المدة : فله حبسها حتى يستوفي الأجرة ، ولا يكون ضامنا . 
الرابع : لا ضمان في الجميع ، ويكون المبيع بعد فسخه أمانة محضة . صرح به  أبو الخطاب  في انتصاره . واختاره  القاضي  في المجرد ،  وابن عقيل  في الصداق بعد الطلاق . 
الخامس : الفرق بين أن ينتهي العقد ، أو يطلق الزوج ، وبين أن ينفسخ العقد . في الأول : يكون أمانة محضة . لأن حكم الملك ارتفع وعاد ملكا للأول . وفي الفسخ يكون مضمونا . وممن صرح بذلك : الأزجي  في نهايته ، وصاحب التلخيص . وهو ظاهر كلام  ابن عقيل  في مسائل الرد بالعيب . وصرح بأنه يضمن نقصه فيما قبل الفسخ وبعده بالقيمة لارتفاع العقد . ذكر ذلك في القاعدة الثالثة والأربعين . قوله ( وحكم الوقف حكم البيع في أحد الوجهين ) . 
وهذا المذهب . صححه في التصحيح ، والكافي ، والمغني ، والشرح ، والزركشي  وغيرهم . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع وغيره . وفي الآخر : حكم العتق . صححه في النظم . وقدمه في الرعايتين ، وإدراك الغاية . وأطلقهما في المستوعب ، والتلخيص ، والحاويين ، والفائق . قوله ( وإن وطئ المشتري الجارية فأحبلها    : صارت أم ولده . وولده حر ثابت النسب ) .  [ ص: 392 ] هذا مبني على أن الملك ينتقل إليه في مدة الخيار . وهو المذهب . وأما إذا قلنا لا ينتقل إليه . ففيه الخلاف الآتي في البائع . قاله في القواعد الفقهية . 
وقال  المصنف  والشارح    . وإن قلنا : إن الملك لا ينتقل إليه : لا حد عليه أيضا . وعليه المهر . وقيمة الولد ، وإن علم التحريم ، وأن ملكه غير ثابت . فولده رقيق . 
قوله ( وإن وطئها البائع فكذلك ، إن قلنا البيع ينفسخ بوطئه ) وتقدم : هل يكون تصرف البائع فسخا للبيع ؟ وأن الصحيح يكون فسخا . وقوله ( وإن قلنا لا ينفسخ ، فعليه المهر وولده رقيق ) . قد تقدم : أن المذهب لا ينفسخ العقد بتصرفه . وقوله ( إلا إذا قلنا الملك له ) . وتقدم : أن المذهب لا يكون الملك له في مدة الخيار . قوله ( ولا حد فيه على كل حال ) . 
هذا اختيار  المصنف  ، والشارح  ،  والمجد  في محرره ، والناظم  ، وصاحب الحاوي . وصححوه في كتاب الحدود . وقدمه في الرعايتين ، والفروع هناك . وإليه ميل  ابن عقيل    . وحكاه بعض الأصحاب رواية عن  الإمام أحمد    . قلت    : وهو الصواب . فعلى هذا : يكون ولده حرا ثابت النسب ، ولا يلزمه قيمة ، ولا مهر عليه وتصير أم ولد له . 
وقال أصحابنا : عليه الحد إذا علم زوال ملكه ، وأن البيع لا ينفسخ بالوطء وهو المنصوص . وهو المذهب . وهو من مفرداته [ ويأتي ذلك في حد الزنا أيضا ] قوله ( إذا علم أن البيع لا ينفسخ ) .  [ ص: 393 ] هكذا قيده بعض الأصحاب . وقالوا : إن اعتقد أن البيع ينفسخ بوطئه فلا حد عليه . لأن تمام الوطء قد وقع في ملكه ، فتمكنت الشبهة . وقال أكثر الأصحاب : عليه الحد إذا كان عالما بالتحريم ، وهو المنصوص عن  أحمد  في رواية مهنا    . وهو اختيار أبي بكر  ، وابن حامد  ، والأكثرين . قاله في القواعد الفقهية . ومحل وجوب الحد أيضا عند الأصحاب : إذا كان عالما بتحريم الوطء . أما إذا كان جاهلا بتحريمه : فلا حد عليه ، كما سيأتي في شروط الزنا . فعلى قول الأصحاب : إن علم التحريم فولده رقيق لا يلحقه نسبه ، وإن لم يعلم لحقه النسب . وولده حر . وعليه قيمته يوم ولادته . وعليه المهر . ولا تصير أم ولد له . قوله ( ومن مات منهما بطل خياره ، ولم يورث ) . هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به كثير منهم . ويتخرج أن يورث كالأجل وخيار الرد بالعيب . وهو  لأبي الخطاب    . وذكره في عيون المسائل في مسألة حل الدين بالموت رواية . 
تنبيه : 
مراده من قوله " ولم يورث " إذا لم يطالب الميت . فأما إن طالب في حياته فإنه يورث . نص عليه ، وعليه الأصحاب . 
فائدة : 
خيار المجلس لا يورث . على الصحيح من المذهب . نص عليه . وقيل كالشرط . وفي خيار صاحبه وجهان . وأطلقهما في الفروع . قال في الرعاية : وخيار المجلس يحتمل وجهين . 
أحدهما : يبطل . وهو الصحيح . قدمه في المغني ، وشرح  ابن رزين    . والوجه الثاني : لا يبطل . وهو احتمال في المغني . 
فائدة : 
حد القذف لا يورث إلا بمطالبة الميت في حياته ، كخيار الشرط . على الصحيح من المذهب . ونص عليه . وعليه الأصحاب .  [ ص: 394 ] وفي الانتصار . رواية : لا يورث حد قذف ولو طلبه مقذوف ، كحد زنا . ويأتي كلام  المصنف  في باب القذف . ويأتي : هل تورث المطالبة بالشفعة ؟ في كلام  المصنف  في آخر الفصل الخامس من باب الشفعة . وتقدم : إذا علق عتق عبده على بيعه في الباب قبله في الشروط الفاسدة . قوله ( الثالث : خيار الغبن . ويثبت في ثلاث صور . أحدها : إذا تلقى الركبان ، فاشترى منهم ، أو باع لهم . فلهم الخيار إذا هبطوا السوق وعلموا أنهم قد غبنوا ) . أعلمنا  المصنف  رحمه الله هنا أنه إذا تلقى الركبان ، واشترى منهم وباع لهم : أن البيع صحيح . وهو المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب . ونص عليه .  وعنه  أنه باطل . اختاره أبو بكر    . فعلى المذهب : يثبت لهم الخيار بشرطه ، سواء قصد تلقيهم أو لم يقصده . وهو الصحيح من المذهب . نص عليه ، وعليه أكثر الأصحاب . وقيل : لا خيار لهم إلا إذا قصد تلقيهم . وهو احتمال في المغني ، والشرح . قوله ( وعلموا أنهم قد غبنوا ) . هذا المذهب . وعليه الأصحاب .  وعنه    : لهم الخيار ، وإن لم يغبنوا . قوله ( غبنا يخرج عن العادة ) . يرجع الغبن إلى العرف والعادة . على الصحيح من المذهب . نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب . وقيل : يقدر الغبن بالثلث . اختاره أبو بكر  ، وجزم به في الإرشاد . قال في المستوعب : والمنصوص أن الغبن المثبت للفسخ ما لا يتغابن الناس بمثله . وحده أصحابنا بقدر ثلث قيمة المبيع . انتهى . وقيل يقدر بالسدس .  [ ص: 395 ] وقيل : يقدر بالربع . ذكره  ابن رزين  في نهايته . وظاهر كلام  الخرقي    : أن الخيار يثبت بمجرد الغبن وإن قل . قاله الشارح  ، وغيره . وهو ظاهر ما قدمه في المستوعب . وقد قال أبو يعلى الصغير  في موضع من كلامه : له الفسخ بغبن يسير ، كدرهم في عشرة بالشرط . ويأتي ذلك بعد تعدد العيوب . 
				
						
						
