قوله ( وإن : ضمن ما تلف بها ) . هذا المذهب . بلا ريب . نص عليه . وعليه الأصحاب . وجوز بعض الأصحاب حفر بئر لنفسه في فنائه بإذن الإمام . ذكره حفر في فنائه بئرا لنفسه . قال القاضي الشيخ تقي الدين رحمه الله : نقلته من خطه في مسألة حدثت في زمنه . قال في القاعدة الثامنة والثمانين : وفي الأحكام السلطانية : له التصرف في فنائه بما شاء من حفر وغيره إذا لم يضر . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : ومن : ضمن ما تلف بها . ويأتي ذلك أيضا في أول كتاب الديات . لم يسد بئره سدا يمنع من الضرر
فائدة : لو نص عليه ضمن الحافر . قاله حفر الحر بئرا بأجرة أو لا ، وثبت علمه أنها في ملك غيره ، القاضي ، وابن عقيل ، وغيرهم من الأصحاب . وقدمه في الفروع . وقال : ونصه هما . وقدمه والمصنف الحارثي ، وقال : هو مقتضى إيراد ابن أبي موسى يعني : أنهما ضامنان وإن جهل ضمن الآمر . وقيل : الحافر . ويرجع على الآمر . قوله ( وإن حفرها في سابلة لنفع المسلمين : لم يضمن في أصح الروايتين ) . يعني : إذا لم يكن فيه ضرر . وهذا المذهب بهذا الشرط . قال في الوجيز ، وغيره : إن كانت السابلة واسعة . وهو قيد حسن ، كما يأتي . جزم به ابن أبي موسى ، في الجامع الصغير ، والقاضي وأبو الفرج الشيرازي ، وغيرهم . قال في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة : لم يضمن في أصح الروايتين . وصححه [ ص: 226 ] ، المصنف والشارح أيضا ، والناظم . وقدمه في الفروع ، والفائق ، والرعايتين والحاوي الصغير ، والمحرر . : يضمن . ولم يذكر وعنه غير هذه الرواية . قال القاضي الحارثي : وهذا له قوة . وإن كان المصنف صححا غيره . وأبو الخطاب : لا يضمن إن كان بإذن الإمام ، وإلا ضمن . قال وعنه ، المصنف والشارح : قال بعض أصحابنا : لا يضمن إذا كان بإذن الإمام . قال الحارثي : وهذه طريقة في المجرد ، وكتاب الروايتين ، القاضي وابن عقيل والسامري ، وصاحب التلخيص ، وغيرهم . انتهى . وهي طريقة صاحب المحرر أيضا . وقال بعض الأصحاب : ينبغي أن يتقيد سقوط الضمان فيما إذا حفرها في موضع مائل عن القارعة ، بشرط أن يجعل عليه حاجزا يعلم به ليتوفى . تنبيهان : أحدهما : محل الخلاف : إذا كانت السابلة واسعة . فإن كانت ضيقة : ضمن بلا نزاع . قال عنه الحارثي : لو حفر في سابلة ضيقة : وجب الضمان . لأنه لا يختلف المذهب فيه . وليس بداخل فيما أورده من الخلاف . وإن كان ظاهرا لا يراد يشمله ومحل الخلاف أيضا : لما حفر في غير مكان يضر بالمارة . فأما إن حفر في طريق واسع في مكان منه يضر بالمارة : فهو كما لو كان الطريق نفسه ضيقا . ولا فرق بين كونه لمصلحة عامة ، أو خاصة ، بإذن الإمام أو غيره . المصنف
الثاني : مفهوم قوله " لنفع المسلمين " أنه لو حفر لنفع نفسه : أنه يضمن . وهو كذلك ، أذن فيه الإمام أو لم يأذن . [ ص: 227 ]
فائدتان : إحداهما : لو . فلا ضمان عليه . وقطع به حفرها في موات للتملك ، أو الارتفاق بها ، أو الانتفاع العام الحارثي ، ، والمصنف والشارح ، وغيرهم . ذكراه في كتاب الديات .
الثاني : حكم ما لو نقل بنى فيها مسجدا أو غيره لنفع المسلمين كالخان ونحوه إسماعيل بن سعيد في المسجد : لا بأس به إذا لم يضر بالطريق . ونقل عبد الله : أكره الصلاة فيه . إلا أن يكون بإذن إمام . ونقل المروذي : حكم هذه المساجد التي بنيت في الطريق : تهدم . وسأله محمد بن يحيى الكحال : يزيد في المسجد من الطريق ؟ قال : لا يصلى فيه . ونقل : أنه سئل عن المساجد على الأنهار ؟ قال : أخشى أن يكون من الطريق . وسأله حنبل ابن إبراهيم عن ؟ قال : لا يصلى فيه إذا كان من الطريق . قال في القواعد : الأكثر من الأصحاب قالوا : إن كان بإذن الإمام جاز . وإلا فروايتان ، ما لم يضر بالمارة . ومنهم من أطلق الروايتين . قال ساباط فوقه مسجد ، أيصلى فيه ، المصنف والشارح : ويحتمل أن يعتبر إذن الإمام في البناء لنفع المسلمين دون الحفر ، لدعوى الحاجة إلى الحفر لنفع الطريق وإصلاحها ، وإزالة الطين والماء منها . فهو كتنقيتها ، وحفر هدفه فيها ، وقلع حجر يضر بالمارة ، ووضع الحصى في حفرة ليملأها ، وتسقيف ساقية فيها ، ووضع حجر في طين فيها ليطأ الناس عليه . فهذا كله مباح . لا يضمن ما تلف به . لا نعلم فيه خلافا . [ ص: 228 ] قالا : وكذلك ينبغي أن يكون في بناء القناطر . ويحتمل أن يعتبر إذن الإمام فيها . لأن مصلحته لا تعم . انتهى كلامهما . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : حكم ما بني وقفا على المسجد في هذه الأمكنة : حكم بناء المسجد . فائدتان : إحداهما : لو فعل العبد ذلك بأمر سيده : كان كفعل نفسه ، أعتقه أو لا ؟ . قاله ، المصنف والشارح ، وصاحب الفروع ، وغيرهم من الأصحاب . وقال الحارثي : إن كان ممن يجهل الحال : فلا إشكال فيما أطلق الأصحاب . وإن كان ممن يعلمه : ففيه ما في مسألة القتل بأمر السيد ، إن علم الحرمة . وفيها روايتان .
إحداهما : القود على السيد فقط ، والأخرى : على العبد . فيتعلق الضمان هنا برقبته . كما لو لم يأمر السيد . وإن حفر بغير أمر السيد : تعلق الضمان برقبته . ثم إن أعتقه . فما تلف بعد عتقه : فعليه ضمانه . قاله ، المصنف والشارح ، وغيرهما . قال الحارثي : وهو الأصح . وقال صاحب التلخيص وغيره : الضمان على المعتق بقدر قيمة العبد ، فما دونه .
الثانية : لو أمره السلطان بفعل ذلك : ضمن السلطان وحده .