[ ص: 14 ] قوله ( مسلمين كانوا أو من أهل الذمة    ) . يعني : إذا وقف على أقاربه من أهل الذمة     : صح . وهذا المذهب . نص عليه وعليه الأصحاب قاطبة . 
تنبيهان . 
أحدهما : قد يقال : مفهوم كلام  المصنف  أنه لا يصح الوقف على ذمي  ، غير قرابته . وهذا أحد الوجهين . وهو مفهوم كلام جماعة منهم : صاحب الوجيز ، والتلخيص وقدمه في الرعايتين ومال إليه الزركشي    . 
وقيل : يصح على الذمي ، وإن كان أجنبيا من الواقف . وهو الصحيح من المذهب . جزم به في المغني ، والكافي ، والمحرر ، والشرح ، والمنتخب ، وعيون المسائل وغيرهم . 
قال في الفائق : ويصح على ذمي من أقاربه . نص عليه ، وعلى غيره ، من معين . في أصح الوجهين دون الجهة . انتهى . وهو ظاهر ما قطع به الحارثي    . وأطلق الوجهين في الحاوي الصغير . وقال الحلواني    : يصح على الفقراء منهم دون غيرهم . وصحح في الواضح صحة الوقف من ذمي عليه دون غيره . 
الثاني : قال الحارثي    : قال الأصحاب : إن وقف على من ينزل الكنائس ، والبيع من المارة والمجتازين    : صح 
قالوا : لأن هذا الوقف عليهم ، لا على البقعة . والصدقة عليهم جائزة وصالحة للقربة . وجزم به في المغني ، والشرح ، وغيرهما . 
قال الحارثي    : إن خص أهل الذمة  ، فوقف على المارة منهم    : لم يصح . انتهى . وقال في الفروع : وفي المنتخب ، والرعاية : يصح على المارة بها منهم ، يعني من أهل الذمة    .  [ ص: 15 ] وقاله في المغني في بناء بيت يسكنه المجتاز منهم . ولم أر ما قال عنه صاحب الرعاية فيهما في مظنته ، بل قال : ويصح منها على ذمي بهما أو ينزلهما ، أو يجتاز ، راجلا أو راكبا . 
قوله ( ولا يصح على الكنائس وبيوت النار    ) . وكذا البيع . وهذا المذهب ، وعليه الأصحاب . ونص عليه في الكنائس والبيع . وفي الموجز رواية . على الكنيسة والبيعة كمار بهما . فوائد . 
الأولى : الذمي كالمسلم في عدم الصحة في ذلك . على الصحيح من المذهب فلا يصح وقف الذمي على الكنائس والبيع وبيوت النار  ، ونحوها ، ولا على مصالح شيء من ذلك كالمسلم . نص عليه . وقطع به الحارثي  وغيره . قال  المصنف  لا نعلم فيه خلافا . وصحح في الواضح وقف الذمي على البيعة والكنيسة    . وتقدم كلامه في وقف الذمي على الذمي . 
الثانية : الوصية كالوقف في ذلك كله . على الصحيح من المذهب . قدمه في الفروع . وقيل : من كافر . وقال في الانتصار : لو نذر الصدقة على ذمته  لزمه . وذكر في المذهب وغيره : يصح للكل . وذكره جماعة رواية . وذكر  القاضي  صحتها بحصير وقناديل . قال في التبصرة : إن وصى لما لا معروف فيه ولا بر ككنيسة أو كتب التوراة لم يصح .  وعنه  يصح .  [ ص: 16 ] 
الثالثة : لو وقف على ذمي ، وشرط استحقاقه ما دام كذلك ، فأسلم    : استحق ما كان يستحقه قبل الإسلام ، ولغي الشرط . على الصحيح من المذهب . وقطع به كثير من الأصحاب . وصحح  ابن عقيل  في الفنون هذا الشرط . وقال : لأنه إذا وقفه على الذمي من أهله دون المسلم لا يجوز شرط لهم حال الكفر . فأي فرق . 
				
						
						
