قوله ( ولا يجوز إلا أن تتعطل منافعه . فيباع ويصرف ثمنه في مثله . وكذلك الفرس الحبيس ، إذا لم يصلح للغزو : بيع واشتري بثمنه ما يصلح للجهاد وكذلك المسجد إذا لم ينتفع به في موضعه [ ص: 101 ] بيعه : لا يباع المساجد . لكن تنقل آلتها إلى مسجد آخر . ويجوز بيع بعض آلته وصرفها في عمارته ) . اعلم أن الوقف لا يخلو : إما أن تتعطل منافعه أو لا . فإن لم تتعطل منافعه : لم يجز بيعه ، ولا المناقلة به مطلقا . نص عليه في رواية وعنه علي بن سعيد . قال : لا يستبدل به ولا يبيعه ، إلا أن يكون بحال لا ينتفع به . ونقل أبو طالب : لا يغير عن حاله . ولا يباع ، إلا أن لا ينتفع منه بشيء . وعليه الأصحاب . وجوز الشيخ تقي الدين رحمه الله ذلك لمصلحة . وقال : هو قياس الهدي . وذكره وجها في المناقلة . وأومأ إليه الإمام رحمه الله . ونقل أحمد صالح : يجوز نقل المسجد لمصلحة الناس . وهو من المفردات . واختاره صاحب الفائق . وحكم به نائبا عن القاضي جمال الدين المسلاتي . فعارضه القاضي جمال المرداوي صاحب الانتصار وقال : حكمه باطل على قواعد المذهب . وصنف في ذلك مصنفا رد فيه على الحاكم . سماه " الواضح الجلي في نقض حكم ابن قاضي الجبل الحنبلي " ووافقه صاحب الفروع على ذلك . وصنف صاحب الفائق مصنفا في جواز المناقلة للمصلحة . سماه " المناقلة بالأوقاف وما في ذلك من النزاع والخلاف " وأجاد فيه . ووافقه على جوازها الشيخ برهان الدين بن القيم ، والشيخ عز الدين حمزة بن شيخ السلامية . وصنف فيه مصنفا سماه ( رفع المثاقلة في منع المناقلة ) . ووافقه أيضا جماعة في عصره . وكلهم تبع للشيخ تقي الدين رحمه الله في ذلك . وأطلق في القاعدة الثالثة والأربعين بعد المائة في جواز : روايتين . [ ص: 102 ] فائدة : إبدال الوقف مع عمارته
نص الإمام رحمه الله على جواز أحمد . تجديد بناء المسجد لمصلحته : يجوز برضى جيرانه . وعنه : يجوز وعنه . قال في الفروع : فيتوجه هنا مثله . قال الشيخ شراء دور مكة لمصلحة عامة تقي الدين رحمه الله : جوز جمهور العلماء تغيير صورته لمصلحة ، كجعل الدور حوانيت ، والحكورة المشهورة . فلا فرق بين بناء ببناء وعرصة بعرصة . هذا صريح لفظه . وقال أيضا فيمن وقف كروما على الفقراء يحصل على جيرانها به ضرر يعوض عنه بما لا ضرر فيه على الجيران . ويعود الأول ملكا ، والثاني وقفا . انتهى ويجوز نقص منارته ، وجعلها في حائطه . نص عليه . ونقل أبو داود وقد سئل عن ؟ قال : ما أرى به بأسا . انتهى . وأما إذا تعطلت منافعه : فالصحيح من المذهب : أنه يباع والحالة هذه . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم . وهو من مفردات المذهب مسجد فيه خشبتان ، لهما ثمن ، تشعث ، وخافوا سقوطه أيباعان وينفقان على المسجد ، ويبدل مكانهما جذعين : لا تباع المساجد . لكن تنقل آلتها إلى مسجد آخر . اختاره وعنه أبو محمد الجوزي ، والحارثي ، وقال : هو ظاهر كلام ابن موسى . : لا تباع المساجد ولا غيرها . لكن تنقل آلتها . نقل وعنه جعفر فيمن جعل خانا للسبيل ، وبنى بجانبه مسجدا . فضاق المسجد أيزاد منه في المسجد ؟ قال : لا . قيل : فإنه إن ترك ليس ينزل فيه أحد ، قد عطل ؟ قال : يترك على ما صير له . واختار هذه الرواية الشريف ، . قال في الفروع . [ ص: 103 ] قال وأبو الخطاب الزركشي : وحكى في التلخيص عن : لا يجوز أبي الخطاب مطلقا . وهو غريب ، لا يعرف في كتبه ، انتهى . بيع الوقف
ذكره في التلخيص عنه في كتاب البيع . وحكاه عنه قبل صاحب التلخيص تلميذ ، وهو أبي الخطاب الحلواني في كتابه . قلت : وظاهر كلام في الهداية ، في كتاب البيع : عدم الجواز . فإنه قال : ولا يجوز بيع الوقف ، إلا أن أصحابنا قالوا : إذا خرب ، أو كان فرسا فعطب : جاز بيعه وصرف ثمنه في مثله . انتهى . وكلامه في الهداية في كتاب الوقف : صريح بالصحة . واختار أيضا هذه الرواية أبي الخطاب وصنف فيها جزءا . حكاه عنه ابن عقيل ابن رجب في طبقاته واختار أيضا هذه الرواية وهي عدم البيع الشريف أبو جعفر ، ، وأبو الخطاب . وابن عقيل
تنبيه :
فعلى المذهب : المراد بتعطل منافعه : المنافع المقصودة ، بخراب أو غيره ، ولو بضيق المسجد عن أهله . نص عليه . أو بخراب محلته . نقله عبد الله . وهذا هو المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وقدمه في الفروع . ونقل جماعة : لا يباع إلا أن لا ينتفع منه بشيء أصلا ، بحيث لا يرد شيئا . قال في الكافي : كل وقف خرب ولم يرد شيئا بيع . وقال في المغني ومن تابعه : لا يباع إلا أن يقل ريعه ، فلا يعد نفعا . وقيل : أو يتعطل أكثر نفعه . نقله المصنف مهنا في فرس كبر وضعف ، أو ذهبت عينه . فقلت له : دار ، أو ضيعة ضعف أهلها أن يقوموا عليها ؟ قال : لا بأس ببيعها إذا كان أنفع لمن ينفق عليه منها . [ ص: 104 ] وقيل : أو خيف تعطل نفعه قريبا . جزم به في الرعاية . قلت : وهو قوي جدا إذا غلب على ظنه ذلك . وقيل : أو خيف تعطل أكثر نفعه قريبا . سأله : يباع إذا عطب أو فسد ؟ قال : إي والله ، يباع . إذا كان يخاف عليه التلف والفساد والنقص ، باعوه وردوه في مثله . وسأله الميموني الشالنجي : إن أخذ من الوقف شيئا . فعتق في يده وتغير عن حاله ؟ قال : يحول إلى مثله . وكذا قال في التلخيص ، والترغيب ، والبلغة : لو أشرف على كسر أو هدم ، وعلم أنه إن أخر لم ينتفع به : بيع . قلت : وهذا مما لا شك فيه . قال في الفروع : وقولهم ( بيع ) أي يجوز بيعه . نقله جماعة . وذكره جماعة . قال في الفروع : ويتوجه إنما قالوه : الاستثناء مما لا يجوز بيعه ، وإنما يجب . لأن الولي يلزمه فعل المصلحة . وهو ظاهر رواية وغيرها . قال الشيخ الميموني تقي الدين رحمه الله : يجب بيعه بمثله مع الحاجة ، وبلا حاجة يجوز بخير منه . لظهور المصلحة . ولا يجوز بمثله . لفوات التعيين بلا حاجة . قال في الفائق : وبيعه حالة تعطله أمر جائز عند البعض . وظاهر كلامه في المغني : وجوبه . وكذلك إطلاق كلام الإمام رحمه الله . وذكره في التلخيص رعاية للأصلح انتهى . فوائد أحمد
الأولى : قال ، ومن تابعه : لو أمكن المصنف : بيع ، وإلا بيع جميعه . قال في الفروع : ولم أجد ما قاله لأحد قبله . [ ص: 105 ] قال : والمراد مع اتحاد الواقف ، كالجهة . ثم إن أراد عينين كدارين فظاهر . وكذا إن أراد عينا واحدة ، ولم تنتقص القيمة بالتشقيص . فإن نقصت توجه البيع في قياس المذهب كبيع وصي لدين ، أو حاجة صغير ، بل هذا أسهل . لجواز تغيير صفاته لمصلحة ، وبيعه على قول . انتهى . وقول صاحب الفروع ( والمراد مع اتحاد الوقف ) ظاهر في أنه لا يجوز بيع بعضه ليعمر به بقيته ، ولو اتحدتا الجهة . وقد أفتى الشيخ عمارة وقف من ريع وقف آخر من أئمة أصحابنا بجواز عمارة وقف من وقف آخر على جهته وذكره عبادة ابن رجب في طبقاته في ترجمته . قلت : وهو قوي ، بل عمل الناس عليه . لكن قال في حواشي الفروع : إن كلامه في الفروع أظهر . وقال شيخنا الحارثي : وما عدا المسجد من الأوقاف : يباع بعضه لإصلاح ما بقي . وقال : يجوز اختصار الآنية إلى أصغر منها إذا تعطلت ، وإنفاق الفضل على الإصلاح . وإن تعذر الاختصار احتمل جعلها نوعا آخر مما هو أقرب إلى الأول ، واحتمل أن يباع ، ويصرف في آنية مثلها . وهو الأقرب . انتهى . قلت : وهو الصواب .
الثانية : حيث جوزنا بيع الوقف ، فمن يلي بيعه ؟ لا يخلو : إما أن يكون الوقف على سبل الخيرات كالمساجد ، والقناطر ، والمدارس ، والفقراء والمساكين ونحو ذلك ، أو غير ذلك . فإن كان على سبل الخيرات ونحوها . فالصحيح من المذهب : أن الذي يلي البيع الحاكم . وعليه أكثر الأصحاب . وقطعوا به . منهم : صاحب الرعاية في كتاب الوقف ، والحارثي ، والزركشي في كتاب الجهاد . وقال : نص عليه . [ ص: 106 ] وقيل : يليه الناظر الخاص ، عليه إن كان . جزم به في الرعاية الكبرى في كتاب البيع . قلت : وهو الصواب . وإن كان على غير ذلك ، فهل يليه الناظر الخاص ، أو الموقوف عليه ، أو الحاكم ؟ على ثلاثة أقوال .
أحدها : يليه الناظر الخاص . وهو الصحيح . قال الزركشي : إذا تعطل الوقف . فإن الناظر فيه يبيعه ويشتري بثمنه ما فيه منفعة ترد على أهل الوقف . نص عليه . وعليه الأصحاب . قال في الفائق : ويتولى البيع ناظره الخاص . وحكاه غير واحد . وجزم به في التلخيص ، والمحرر ، فقال : يبيعه الناظر فيه . قال في التلخيص : ويكون البائع الإمام أو نائبه . نص عليه . وكذلك المشتري بثمنه . وهذا إذا لم يكن للوقف ناظر . انتهى . وقدمه في النظم . فقال : وناظره شرعا يلي عقد بيعه وقيل : إن يعين مالك النفع يعقد وقدمه في الرعاية الكبرى ، فقال : فلناظره الخاص بيعه . ومع عدمه يفعل ذلك الموقوف عليه . قلت : إن قلنا يملكه ، وإلا فلا . وقيل : بل يفعله مطلقا الإمام أو نائبه . كالوقف على سبل الخيرات . انتهى . وقدمه الحارثي ، وقال : حكاه غير واحد .
القول الثاني : يليه الموقوف عليه . وهو ظاهر ما جزم به في الهداية . فقال : فإن تعطلت منفعته . فالموقوف عليه بالخيار بين النفقة عليه ، وبين بيعه وصرف ثمنه في مثله . وكذا قال في الفصول ، ابن عقيل وابن البنا في عقوده ، وابن الجوزي في [ ص: 107 ] المذهب ، ومسبوك الذهب ، والسامري في المستوعب ، في الخلاصة ، وأبو المعالي بن منجا في مصنفه . وقدمه في الرعاية الصغرى ، فقال : وما بطل نفعه فلمن وقف عليه بيعه . وابن أبي المجد قلت : إن ملكه . وقيل : بل لناظره بيعه بشرطه . انتهى . وقدمه في الحاوي الصغير .
والقول الثالث : يليه الحاكم . جزم به الحلواني في التبصرة فقال : : فللإمام بيعه وصرف ثمنه في مثله . انتهى . وقدم هذا في الفروع . ونصره وإذا خرب الوقف ، ولم يرد شيئا ، أو خرب المسجد وما حوله ، ولم ينتفع به في حواشي الفروع . وقواه بأدلة وأقيسة . وعمل الناس عليه . واختاره شيخنا الحارثي . وهذا مما خالف المصطلح المتقدم . فعلى الصحيح من المذهب : لو عدم الناظر الخاص ، فقيل : يليه الحاكم . جزم به في التلخيص ، والحارثي . وقدمه في الرعاية الكبرى في كتاب العدد وذكره نص رحمه الله وصاحب الفروع . وهذا الصحيح من المذهب . وقيل : يليه الموقوف عليه مطلقا . قدمه في الرعاية الكبرى أيضا في كتاب الوقف . وهو ظاهر ما قطع به الإمام أحمد الزركشي . وحكاه عن الأصحاب . وكذا ما حكيناه عنهم . وأطلقهما في الفائق . وقيل : يليه الموقوف عليه إن قلنا : يملكه وإلا فلا . اختاره في الرعايتين . وجزم به في الفائق . قلت : ولعله مراد من أطلق . [ ص: 108 ] تنبيه :
تلخص لنا مما تقدم فيمن يلي البيع طرق . لأن الوقف لا يخلو : إما أن يكون على سبل الخيرات أو لا . فإن كان على سبل الخيرات ونحوه : فللأصحاب فيه طريقان .
أحدهما : يليه الحاكم قولا واحدا . وهو قول أكثر الأصحاب . منهم صاحب الرعاية الكبرى في كتاب الوقف .
والطريق الثاني : يليه الناظر إن كان ، ثم الحاكم . وهي طريقته في الرعاية الكبرى في كتاب البيع . وهو الصواب . وإن لم يكن الوقف على سبل الخيرات ففيه طرق للأصحاب .
أحدها : يليه الناظر . قولا واحدا . وهي طريقة في محرره ، المجد والزركشي . وعزاه إلى نص الإمام ، واختيار الأصحاب . أحمد
والطريق الثاني : يليه الموقوف عليه . قولا واحدا . وهو ظاهر ما قطع به في الهداية ، والفصول ، وعقود ابن البنا ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، ومصنف . كما تقدم . ابن أبي المجد
الطريق الثالث : يليه الحاكم . قولا واحدا . وهي طريقة الحلواني في التبصرة .
الطريق الرابع : يليه الناظر الخاص ، إن كان . فإن لم يكن . فيليه الحاكم قولا واحدا . وهي طريقة صاحب التلخيص .
الطريق الخامس : هل يليه الناظر الخاص وهو المقدم أو الموقوف عليه ؟ فيه وجهان . وهي طريقة الناظم .
الطريق السادس : طريقة صاحب الرعاية الصغرى . وهي : هل يليه الموقوف عليه وهو المقدم أو إن قلنا : يملكه واختاره أو الناظر ؟ على ثلاثة أقوال . هي : [ ص: 109 ]
الطريق السابع : هل يليه الموقوف عليه وهو المقدم أو الناظر ؟ فيه وجهان . وهي طريقته في الحاوي الصغير .
الطريق الثامن : طريقته في الرعاية الكبرى . وهي : هل يليه الناظر الخاص ، إن كان هو المقدم ، أو الحاكم ؟ حكاه في كتاب الوقف . فيه قولان . وإن لم يكن له ناظر خاص ، فهل يليه الحاكم . وهو المقدم في كتاب البيع ؟ وذكره نص رحمه الله ، أو الموقوف عليه ؟ وهو المقدم في كتاب الوقف . وإن قلنا : يملكه ، واختاره ؟ على ثلاثة أقوال . الإمام أحمد
الطريق التاسع : هل يليه الحاكم مطلقا وهو المقدم أو الموقوف عليه ؟ على وجهين . وهي طريقة صاحب الفروع .
الطريق العاشر : يليه الناظر الخاص ، إن كان . فإن لم يكن . فهل يليه الحاكم ، أو الموقوف عليه ، إن قلنا : يملكه ؟ على وجهين مطلقين . وهي طريقة صاحب الفائق . فهذه اثنتا عشرة طريقة . ثنتان فيما هو على سبل الخيرات ونحوه . وعشرة في غيره . الفائدة الثالثة : إذا ؟ فيه وجهان . ذكرهما بيع الوقف واشتري بدله . فهل يصير وقفا بمجرد الشراء ، أم لا بد من تجديد وقفية ابن رجب في قواعده عن بعضهم ، فيما إذا أتلف الوقف متلف وأخذت قيمته . فاشتري بها بدله . وأطلقهما .
أحدهما : يصير وقفا بمجرد الشراء . قال الحارثي عند قول في المصنف إذا أولدها ، فعليه . القيمة يشترى بها مثلها : يكون وقفا " ظاهره : أن البدل يصير وقفا بنفس الشراء . انتهى . [ ص: 110 ] وطء الأمة الموقوفة " قلت : وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب هنا . لاقتصارهم على بيعه وشراء بدله . وصرح به في التلخيص ، فقال في كتاب البيع : ويصرف ثمنه في مثله . ويصير وقفا كالأول . وصرح به أيضا في الرعاية في موضعين ، فقال : فلناظره الخاص بيعه وصرف ثمنه في مثله ، أو بعض مثله . ويكون ما اشتراه وقفا كالأول . وقال في أثناء الوقف فإن وطئ فلا حد ، ولا مهر . ثم قال : وفي أم ولده تعتق بموته . وتؤخذ قيمتها من تركته . يصرف في مثله . يكون بالشراء وقفا مكانها . وهذا صريح بلا شك . وقال الحلواني في كفاية المبتدئ : وإذا : بيع واشتري بثمنه ما يرد على أهل الوقف . كان وقفا كالأول . وقال في المبهج : ويشترى بثمنه ما يكون وقفا . قال شيخنا الشيخ تخرب الوقف ، وانعدمت منفعته تقي الدين بن قندس البعلي في حواشيه على المحرر الذي يظهر : أنه متى وقع الشراء لجهة الوقف على الوجه الشرعي ، ولزم العقد : أنه يصير وقفا . لأنه كالوكيل في الشراء ، والوكيل يقع شراؤه للموكل . فكذا هذا يقع شراؤه للجهة المشترى لها . ولا يكون ذلك إلا وقفا . انتهى . وهو الصواب .
والوجه الثاني : لا بد من تجديد الوقفية . وهو ظاهر كلام . فإنه قال : وإذا خرب الوقف ولم يرد شيئا : بيع واشتري بثمنه ما يرد على أهل الوقف وجعل وقفا كالأول . وهو ظاهر كلامه في المجرد أيضا ، فإنه قال : بيعت وصرف ثمنها إلى شراء دار . وتجعل وقفا مكانها . قال الخرقي الحارثي : وبه أقول . لأن الشراء لا يصلح سببا لإفادة الوقف . فلا بد للوقف من سبب يفيده . انتهى . [ ص: 111 ] وأما الزركشي ، فإنه قال : ومقتضى كلام : أنه لا يصير وقفا بمجرد الشراء . بل لا بد من إيقاف الناظر له . ولم أر المسألة مصرحا بها . وقيل : إن فيها وجهين . انتهى . الفائدة الرابعة : اقتصر الخرقي ، المصنف والشارح ، والزركشي ، وجماعة ، على ظاهر كلام : أنه لا يشترط أن يشتري من جنس الوقف الذي بيع ، بل أي شيء اشترى بثمنه مما يرد على أهل الوقف : جاز . والذي قدمه في الفروع : أنه يصرفه في مثله ، أو بعض مثله . فقال : ويصرفه في مثله ، أو بعض مثله . قاله الإمام الخرقي رحمه الله . وقاله في التلخيص وغيره ، كجهته . وقدمه أحمد الحارثي ، وقال : هو المذهب . كما قال في الكتاب ، ومن غداه من الأصحاب . ونقل أبو داود في الحبيس : يشترى مثله ، أو ينفق ثمنه على الدواب الحبيس .
الخامسة : إذا بيع المسجد واشتري به مكانا يجعل مسجدا . فالحكم للمسجد الثاني . ويبطل حكم الأول .
السادسة : لا يجوز . قاله في الفنون . وقال : أفتى جماعة بخلافه ، وغلطهم . نقل المسجد مع إمكان عمارته دون العمارة الأولى
السابعة : يجوز . في ظاهر كلام الإمام رفع المسجد إذا أراد أكثر أهله ذلك ، وجعل تحت أسفله سقاية وحوانيت رحمه الله . وأخذ به أحمد . قال القاضي الزركشي في كتاب الجهاد وقيل : لا يجوز . وأطلق وجهين في الفروع . وقال في الرعاية الكبرى : فإن أراد أهل مسجد رفعه عن الأرض ، وجعل سفله سقاية وحوانيت : روعي أكثرهم . نص عليه . وقيل : هذا في مسجد أراد أهله إنشاءه كذلك . وهو أولى . انتهى . [ ص: 112 ] واختار هذا ابن حامد . وأول كلام الإمام رحمة الله عليه . وصححه أحمد ، المصنف والشارح . ورد هذا التأويل بعض محققي الأصحاب من وجوه كثيرة . وهو كما قال . قوله ( ) . هذا المذهب . نص عليه . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والوجيز ، وغيرهم . وقدمه في الفروع . وغيره . وما فضل من حصره وزيته عن حاجته : جاز صرفه إلى مسجد آخر ، والصدقة به على فقراء المسلمين : يجوز صرفه في مثله دون الصدقة به . واختاره الشيخ وعنه تقي الدين رحمه الله . وقال أيضا : يجوز صرفه في سائر المصالح ، وبناء مساكن لمستحق ريعه القائم بمصلحته . قال : وإن علم أن ريعه يفضل عنه دائما : وجب صرفه . ولا يجوز لغير الناظر صرف الفاضل . انتهى . وقال في الفائق : وما فضل من حصر المسجد أو زيته : ساغ صرفه إلى مسجد آخر ، والصدقة به على جيرانه . نص عليه . : على الفقراء . وحكى وعنه في صرفه ومنعه روايتين . وكذا الفاضل من جميع ريعه ويصرف في مسجد آخر . ذكره القاضي في المجرد . قال القاضي القاضي أبو الحسين : وهو أصح .
فائدة :
قال الحارثي : فضلة غلة الموقوف على معين : يتعين إرصادها . ذكره القاضي أبو الحسين . [ ص: 113 ] قال الحارثي : وإنما يتأتى فيما إذا كان الصرف مقدرا . وهو واضح .