قوله ( وإجازتهم تنفيذ  في الصحيح من المذهب ) وهو كما قال . قال في القواعد الفقهية : أشهر الروايتين : أنها تنفيذ . قال الزركشي    : هذا المشهور والمنصور في المذهب . وجزم به جماعة . منهم  القاضي  في التعليق ،  وأبو الخطاب  في خلافه الصغير ،  والمجد  ، وغيرهم . انتهى . قال في الفائق ، وغيره : والإجازة تنفيذ ، في أصح الروايتين . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . قال الشارح    : لأن ظاهر المذهب : أن الوصية للوارث والأجنبي بالزيادة على الثلث : صحيحة ، موقوفة على إجازة الورثة .  [ ص: 196 ] فعلى هذا : تكون إجازتهم تنفيذا ، وإجازة محضة . يكفي فيها قول الوارث " أجزت " أو " أمضيت " أو " نفذت " انتهى .  وعنه    : ما يدل على أن الإجازة هبة مبتدأة . قال في الفروع : وخصها في الانتصار بالوارث . قال الشارح  ، وقال بعض أصحابنا : الوصية باطلة . فعلى هذا : تكون هبة . انتهى . وأطلقهما أبو الفرج    . 
تنبيهان : أحدهما : قيل هذا الخلاف مبني على أن الوصية بالزائد على الثلث : هل هي باطلة ، أو موقوفة على الإجازة  ، كما تقدم ؟ . وتقدم كلام الشارح  قريبا عن بعض الأصحاب . وهو الذي قطع به الزركشي  ، وغيره . وقيل : بل هو مبني على القول بالوقف أما على البطلان : فلا وجه للتنفيذ . قال في القواعد : وهذا أشبه . قلت    : وهو الصواب . 
الثاني : لهذا الخلاف فوائد كثيرة . ذكرها ابن رجب  في قواعده ، وغيره من الأصحاب . 
فمنها : على المذهب : لا يفتقر إلى شروط الهبة من الإيجاب والقبول ، والقبض ونحوه بل يصح بقوله " أجزت " و " أنفذت " و " أمضيت " ونحو ذلك . وعلى الثانية : تفتقر إلى الإيجاب ، والقبول . ذكره  ابن عقيل  وغيره . وكلام  القاضي  يقتضي : أن في صحتها بلفظ " الإجازة " وجهين . قال  المجد    : والصحة ظاهر المذهب .  [ ص: 197 ] 
ومنها : لا تثبت أحكام الهبة على المذهب . فلو كان المجيز أبا للمجاز له : لم يكن له الرجوع فيه . وعلى الثانية : له الرجوع . 
ومنها : هل يعتبر أن يكون المجاز معلوما للمجيز ؟ . ففي الخلاف  للقاضي  ، والمحرر ، والفروع ، وغيرهم : هو مبني على الخلاف . وطريقة  المصنف  في المغني : أن الإجازة لا تصح بالمجهول . ولكن هل يصدق في دعوى الجهالة ؟ على وجهين . ومن الأصحاب من قال ، إن قلنا : الإجازة تنفيذ : صحت بالمجهول ، ولا رجوع وإن قلنا : هي هبة : فوجهان . 
ومنها : لو كان للمجاز عتقاء : كان الولاء للموصي تختص به عصبته . على المذهب . 
وعلى الثانية : الولاء لمن أجاز . ولو كان أنثى . 
فائدة : لو كسب الموصى بعتقه بعد الموت ، وقبل الإعتاق    : فهو له . على الصحيح من المذهب . وذكره  القاضي  ،  وابن عقيل  ، وصاحب المحرر ، وغيرهم . وقدمه في القاعدة الثانية والثمانين . وقال  المصنف  في المغني في آخر باب العتق كسبه للورثة كأم الولد . انتهى . ولو كان الموصى بعتقه أمة ، فولدت قبل العتق ، وبعد الموت    : تبعها الولد كأم الولد . وقدمه في القواعد ، وقال : هذا هو الظاهر . وقال  القاضي  في تعليقه : لا تعتق . 
ومنها : لو كان وقفا على المجيزين ، فإن قلنا الإجازة تنفيذ . صح الوقف ولزم وإن قلنا هبة : فهو كوقف الإنسان على نفسه .  [ ص: 198 ] 
ومنها : لو حلف لا يهب ، فأجاز    : لم يحنث . على المذهب . وعلى الثانية : يحنث . 
ومنها : لو قبل الوصية المفتقرة إلى الإجازة قبل الإجازة ، ثم أجيزت    . فإن قلنا الإجازة تنفيذ : فالملك ثابت له من حين قبوله . وإن قلنا هي هبة لم يثبت الملك إلا بعد الإجازة . ذكره  القاضي  في خلافه . 
ومنها : أن ما جاوز الثلث من الوصايا إذا أجيز ، هل يزاحم بالزائد الذي لم يجاوز ، أو لا  ؟ مبني على الخلاف . ذكره في المحرر ، ومن تابعه . 
قال في القواعد : واستشكل توجيهه على الأصحاب . وهو واضح . فإنه إذا كان معنا وصيتان . إحداهما : مجاوزة للثلث ، والأخرى : لا تجاوزه كنصف وثلث وأجاز الورثة الوصية المجاوزة للثلث خاصة    . فإن قلنا الإجازة تنفيذ : زاحم صاحب النصف صاحب الثلث بنصف كامل . فيقسم الثلث بينهما على خمسة . لصاحب النصف ثلاثة أخماسه ، وللآخر خمساه . ثم يكمل لصاحب النصف نصفه بالإجازة . وإن قلنا الإجازة ابتداء عطية : فإنما يزاحم بثلث خاص . إذ الزيادة عليه عطية محضة من الورثة . لم تتلق من الميت ، فلا يزاحم بها الوصايا فيقسم الثلث بينهما نصفين . ثم يكمل لصاحب النصف ثلثه بالإجازة ، أي يعطى ثلثا زائدا على السدس الذي أخذه من الوصية . قال : وهذا مبني على القول بأن الإجازة عطية أو تنفيذ . فيفرع على هذا : القول بإبطال الوصية بالزائد على الثلث وصحتها ، كما سبق . انتهى .  [ ص: 199 ] وقد تكلم القاضي محب الدين بن نصر الله البغدادي  على هذه المسألة في كراسة بما لا طائل تحته . وما قاله ابن رجب    : صحيح واضح . 
وقال الزركشي  ، وقد يقال : إن عدم المزاحمة : إنما هو في الثلثين . ولأن الهبة تختص بهما ، والمجيز يشرك بينهما فيهما . 
أما الثلث : فيقسم بينهما على قدر أنصبائهما . انتهى . قلت    : الذي يظهر [ أن هذا أقوى وأولى . وهو موافق لقواعد المذهب ، في أن الثلث يقسم على قدر أنصبائهم مطلقا . وقد ذكر  المصنف  مسائل من ذلك في باب الوصية بالأنصباء والأجزاء ، كما لو أوصى لواحد بثلث ماله ، ولآخر بربعه ، أو له بكل ماله . ولآخر بنصفه . فقد قطع هو وغيره أنهم إذا ردوا الزائد على الثلث يكون الثلث على قدر أنصبائهم . الثلث ويأخذ من الثلث بمقدار ما يأخذه لو ردوا . فعلى هذا : المزاحمة في الثلث بالزائد على البناء الذي ذكره صاحب المحرر وغيره طريقة في المسألة ، وصاحب القواعد إنما . لكن يمكن أن يقال : ليس في كلام المحرر البناء على القول بأنها ابتداء عطية مسكوت عنه أو يقال : بناؤه على أنه تنفيذ يدل على خلاف ذلك على خلافه ينبني عليه . ولذلك قال في شرح المحرر كلامه يقتضي انعكاس . ] 
ومنها : لو أجاز المريض في مرض موته وصية موروثه    .  [ ص: 200 ] فإن قلنا : إجازته عطية : فهي معتبرة من ثلثه . وإن قلنا هي تنفيذ : فللأصحاب طريقان . 
أحدهما : القطع بأنها من الثلث أيضا . قاله  القاضي  في خلافه ،  والمجد    . 
والطريق الثاني : المسألة على وجهين ، وهي طريقة  أبي الخطاب  في انتصاره ، وهما منزلان على أصل الخلاف في حكم الإجازة . قال في القواعد : وقد ينزلان على أن الملك هل ينتقل إلى الورثة في الموصى به أم تمنع الوصية الانتقال ؟ وفيه وجهان . فإن قلنا : تنتقل إليهم . فالإجازة من الثلث . وإلا فهي من رأس ماله 
ومنها إجازة المفلس    . قال في المغني : هي نافذة . وهو منزل على القول بالتنفيذ . وجزم به في الفروع . 
قال في القواعد : ولا يبعد على  القاضي  في التي قبلها أن لا ينفذ . وقاله  المصنف  في المغني في الشفعة . 
ومنها : إجازة السفيه  نافذة على المذهب . لا على الثانية . ذكره في الفروع وقال  المصنف  ، والشارح    : لا تصح إجازته مطلقا . وكذا صاحب الفائق . 
				
						
						
