الثانية : إذا مات كافر عن حمل من كافر غيره . فأسلمت أمه قبل وضعه ، مثل أن يخلف أمه حاملا من غير أبيه    : فحكمه حكم المسألة الأولى . قاله الأصحاب . قال في الرعاية : ويحتمل أن يرث حيث ثبت النسب .  [ ص: 333 ] 
تنبيه : روي عن  الإمام أحمد  رحمه الله في ذلك نصوص نذكرها . ونذكر ما فسره الأصحاب به . فنقول : روى جعفر   عنه  في نصراني مات وامرأته نصرانية ، وكانت حبلى . فأسلمت بعد موته ، ثم ولدت ، هل يرث  ؟ قال : لا . وقال : إنما مات أبوه وهو لا يعلم ما هو ، وإنما يرث بالولادة . وحكم له بحكم الإسلام . وقال محمد بن يحيى الكحال  ، قلت  لأبي عبد الله    : مات نصراني ، وامرأته حامل . فأسلمت بعد موته ؟ قال : ما في بطنها مسلم . قلت : أيرث أباه إذا كان كافرا وهو مسلم ؟ قال : لا يرثه . فصرح بالمنع من إرثه لأبيه ، معللا بأن إرثه يتأخر إلى ما بعد الولادة . وإذا تأخر توريثه إلى ما بعد الولادة ، فقد سبق الحكم بإسلامه زمن الولادة ، إما بإسلام أمه ، كما دل عليه كلام  الإمام أحمد  رحمه الله هنا ، أو بموت أبيه ، على ظاهر المذهب . والحكم بالإسلام لا يتوقف على العلم به ، بخلاف التوريث . وهذا يرجع إلى أن التوريث يتأخر عن موت الموروث إذا انعقد سببه في حياة الموروث وأصول  الإمام أحمد  رحمه الله تشهد لذلك . ذكره ابن رجب  في قواعده وقال : وأما  القاضي  والأكثرون : فاضطربوا في تخريج كلام  الإمام أحمد  رحمه الله ،  وللقاضي  في تخريجه ثلاثة أوجه . الأول : أن إسلامه قبل قسم الميراث أوجب منعه من التوريث . وهي طريقة  القاضي  في المجرد ،  وابن عقيل  في الفصول . 
قال ابن رجب    : وهي ظاهرة الفساد . والوجه الثاني : أن هذه الصورة من جملة صور توريث الطفل المحكوم بإسلامه بموت أبيه . ونصه هذا يدل على عدم التوريث . فتكون رواية ثانية في المسألة . وهذه طريقة  القاضي  في الروايتين .  [ ص: 334 ] قال ابن رجب    : وهي ضعيفة . لأن  الإمام أحمد  رحمه الله صرح بالتعليل بغير ذلك . ولأن توريث الطفل من أبيه الكافر وإن حكم بإسلامه بموته  غير مختلف فيه ، حتى نقل  ابن المنذر  وغيره : الإجماع عليه . فلا يصح حمل كلام  الإمام أحمد  رحمه الله على ما يخالف الإجماع . والوجه الثالث : أن الحكم بإسلام هذا الطفل حصل بشيئين : بموت أبيه ، وإسلام أمه . وهذا الثاني مانع قوي . لأنه متفق عليه . فلذلك منع الميراث ، بخلاف الولد المنفصل إذا مات أحد أبويه . فإنه يحكم بإسلامه ، ولا يمنع إرثه . لأن المانع فيه ضعيف للاختلاف فيه . وهذه طريقة  القاضي  في خلافه . قال ابن رجب    : وهي ضعيفة أيضا ، ومخالفة لتعليل  الإمام أحمد  رحمه الله . فإنه إنما علل بسبق المانع لتوريثه ، لا بقوة المانع وضعفه . وإنما ورث  الإمام أحمد  رحمه الله من حكم بإسلامه بموت أحد أبويه لمقارنة المانع لا لضعفه . انتهى ما ذكره في القواعد . 
				
						
						
