الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مات المتولي والجباة يدعون تسليم الغلة إليه في حياته ولا بينة لهم صدقوا بيمينهم ; لإنكارهم الضمان . لا يجوز الرجوع عن الوقف إذا كان مسجلا ، ولكن يجوز الرجوع عن الموقوف عليه المشروط كالمؤذن والإمام والمعلم وإن كانوا أصلح ا هـ جوهرة .

التالي السابق


( قوله : إذا كان مسجلا ) مبني على قول الإمام إن الوقف لا يلزم قبل الحكم والتسجيل ، ومر أن المفتى به قولهما . مطلب لا يجوز الرجوع عن الشروط

( قوله وإن كانوا أصلح ) الذي رأيته في فتاوى مؤيد زاده إذا لم يكونوا أصلح أو في أمرهم تهاون فيجوز للواقف ؟ الرجوع عن هذا الشرط ا هـ وهكذا نقله عنها في شرحه على الملتقى . ثم قال بحذف في ثم نقل عن الخلاصة : لا يجوز الرجوع عن الوقف إذا كان مسجلا ، ولكن يجوز الرجوع عن الموقوف عليه وتغييره وإن كان مشروطا كالمؤذن والإمام والمعلم إن لم يكونوا أصلح أو تهاونوا في أمرهم ، فيجوز للواقف مخالفة الشرط ا هـ .

قال ط : أقول وبالله تعالى التوفيق : إن ما ذكره من المؤذن والإمام إن لم يكونوا أصلح ليس من الرجوع ، وإنما هو مخالفة للشرط لكونها أنفع للوقف بنصب غيرهم ممن يصلح ، فهو كما إذا شرط أن لا ينزع من الولاية فخان فإنه ينزع ولا يعتبر هذا الشرط ويولى غيره ، وكما إذا شرط أن لا يؤجر أكثر من سنة ولا رغبة فيما عينه فإنه يخالف ، وما كان ينبغي للشارح أن يفرد هذا بفرع مستقل لأنه يوهم أنه يجوز له الرجوع في جميع الشروط وليس كذلك ا هـ .

قلت : وقد أجاد فيما أفاد ، أعطاه مولاه غاية المراد . وحاصله أنه لو شرط الواقف أن يكون الإمام أو المؤذن أو المعلم شخصا معينا يصح الرجوع عنه لو كان متهاونا في مباشرة وظيفته أو كان غيره أصلح ، فهو في الحقيقة تغيير كما عبر به في الخلاصة : أي تغيير الشخص المعين بغيره للمصلحة الراجعة إلى المسلمين ، فهو نظير ما قدمه المصنف من قوله الباني أولى بنصب الإمام والمؤذن في المختار إلا إذا عين القوم أصلح ممن عينه ، وبه ظهر الجواب عما نقله الشارح عن الأشباه من قوله ولم أر حكم عزله لمدرس وإمام ولا هما ، وهو أنه جائز للمصلحة إذا كانا مشروطين في أصل الوقف فبدونه بالأولى ، وقد ظهر أنه ليس المراد أنه يجوز للواقف الرجوع عن شروط الوقف كما فهمه الشارح ، حتى تكلف في شرحه على الملتقى للجواب عما قدمه عن الدرر قبيل قول المصنف اتحد الواقف والجهة من أنه ليس له إعطاء الغلة لغير من عينه لخروج الوقف عن ملكه بالتسجيل . ا هـ .

فإنه صريح في عدم صحة الرجوع عن الشروط ، ولا يخالفه ما في المؤيدية على ما علمت ، ويدل عليه قوله في البحر إن التولية خارجة عن حكم سائر الشروط لأن له فيها التغيير كلما بدا له ، وأما باقي الشرائط فلا بد من ذكرها في أصل الوقف ا هـ وفي الإسعاف : ولا يجوز له أن يفعل إلا ما شرط وقت العقد . ا هـ . وفيه : لو شرط في وقفه أن يزيد وظيفة من يرى زيادته أو ينقص من وظيفة من يرى نقصانه أو يدخل معهم من يرى إدخاله أو يخرج من يرى إخراجه جاز ، ثم إذا فعل ذلك ليس له أن يغيره لأن شرطه وقع على فعل يراه ، فإذا رآه وأمضاه فقد انتهى ما رآه ا هـ وفي فتاوى الشيخ قاسم : وما كان من شرط معتبر في الوقف فليس للواقف تغييره ولا تخصيصه بعد [ ص: 460 ] تقرره ولا سيما بعد الحكم . ا هـ . فقد ثبت أن الرجوع عن الشروط لا يصح إلا التولية ما لم يشرط ذلك لنفسه فله تغيير المشروط مرة واحدة إلا أن ينص على أنه يفعل ذلك كلما بدا له وإلا إذا كانت المصلحة اقتضته ، فاغتنم هذا التحرير




الخدمات العلمية